بقلم د. أحمد صبحي منصور ،رئيس المركز العالمي للقرآن الكريم تدور معركة عنيفة في الواقع السياسي المصري حول كتابة دستور مصر القادم، وذلك بعد أن أبطلت المحكمة الإدارية العليا التشكيل الأول للجمعية، وعاد الإخوان المسلمون متحالفين مع حزب النور لاختيار جمعية جديدة تضمن لهم الأغلبية مجددا، وذلك خروجا علي ما توافقت عليه كل القوي السياسية التي أخذت رموزها تنسحب من الجمعية الجديدة من أن كتابة الدستور تتم بالتوافق وليست بالأغلبية والأقلية، كما يسعي الإسلام السياسي. وفي هذا السياق أصدر المركز العالمي للقرآن الكريم الذي يرأسه الدكتور أحمد صبحي منصور. نداء الي القوي السياسية واللجنة التأسيسية لاعداد الدستور المصري من رؤية اسلامية قرآنية وحرصا علي حاضر مصر ومستقبلها يؤكد المركز الحقائق التالية : أولا : إن مصدرية الدستور ومرجعيته هي القيم الإنسانية العليا ( الحرية والعدل والإحسان) وهي نفس مباديء التشريع الإلهي .وهي الآتي وفق آيات القرآن الكريم : (العدل والقسط )، ( العفو والتسامح والغفران والصفح ) (الحرية ) (أي الحرية المطلقة في الدين في مستوياتها الثلاث : حرية العقيدة وحرية الدعوة لأي دين ومذهب للجميع علي قدم المساواة وحرية العبادة والشعائر .) ( ويتبعها حرية الفكر والإبداع وحرية المشاركة السياسية علي قدم المساواة للجميع ) ( المساواة وتكافؤ الفرص ) ( التيسير والتخفيف ورفع الحرج ). ( كرامة بني آدم ). ( حفظ حقوق العباد ، أي الأفراد . أما حقوق الله فيما يخص الدين فمرجعها إلي الله جل وعلا يوم الدين ليحكم بين عباده فيما هم فيه مختلفون .) ( السلام ). ملاحظة (1) : هناك أكثر من 1200 آية قرآنية تؤكد هذه المباديء . ملاحظة ( 2 ) : مباديء الشريعة الاسلامية الحقيقية ثابتة بآيات القرآن الكريم ، أما الشريعة التي كتبها الفقهاء تحت مصطلح ( الشريعة الإسلامية ) فهي آراء فقهية نظرية اساسها الاختلاف المذهبي فهناك شريعة شيعية في ايران ، وشريعة سنية . ثم هناك مذاهب مختلفة في الشريعة السنية في العصر العباسي ( حنفية ، مالكية ، شافعية وحنبلية ) ( ثم تفرّع عن الحنبلية في العصر المملوكي تيار ابن تيمية وهو أكثر تشددا ، ثم تفرع عنه الوهابية أكثر تشددا في عصرنا الراهن )، وعموما ففي داخل كل مذهب واتجاه اختلافات فقهية لا نهاية لها ، وكلها تعبر عن عصرها وظروفها ولا تناسب عصرنا . وفي العصور الوسطي كان يتم تسويغ الاستبداد والظلم تحت لافتة الشريعة . ومع اختلافاتها الكثيرة فكلها تتفق معا في التناقض مع القرآن الكريم وتشريعاته . وقد كتبنا مئات المقالات والأبحاث في هذا الموضوع ، ومعظمها منشور علي موقعنا ( أهل القرآن ). ثانيا : انطلاقا من قيم الاسلام العليا وحرصا علي مصر حاضرها ومستقبلها أتمني أن يتضمن الدستور المصري المواد الأساس الآتية : يمنع منعا باتا صدور أي قانون يحدّ من حرية الدين ( في العقيدة والدعوة والشعائر )ومن حرية الفكر والرأي والابداع . ملاحظة : العقائد والأفكار ليست محل تجريم ولا ولاية للقضاء عليها ، لأن وجود سلطة قضائية علي الأفكار والمعتقدات يخلّ بالعدل ، فالقاضي هو صاحب رأي في القضية المطروحة أمامه ، إما أن يتفق معها أو يخالفها ، وفي الحالتين لايمكن ان يكون محايدا ، لايصح أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت . دور نظام الحكم هو خدمة الفرد المصري وحفظ حقوقه في الحرية والعدل والأمن وكفالته عند الحاجة وحفظ كرامته . ملاحظة : حين يقال ( الفرد ) فذلك يعني الذكر والأنثي ، وبغض النظر عن الدين والمذهب والمستوي الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي. دور الجيش المصري هو حماية الوطن وحدوده وحماية الشعب ودستوره ، وليس التدخل في السياسة . ويعاقب بجريمة الخيانة العظمي أي عامل في القوات المسلحة يوجّه سلاحه الي مواطن مصري . ويشمل هذا من يصدر الأمر ومن ينفذه . ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم. ملاحظة : آن الأوان لطي صفحة الماضي ، وعفا الله جل وعلا عما سلف مقابل أن نفتح صفحة جديدة يعود فيها الجيش الي ثكناته ليحرس مصر المدنية ونظامها الديمقراطي . مهمة الأمن المصري خدمة وحماية الفرد المصري. ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة من يقع في جريمة تعذيب لفرد مصري ، ويشمل هذا من يصدر الأمر ومن ينفذه . ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم. ملاحظة : آن الأوان لطي صفحة الماضي ، وعفا الله جل وعلا عما سلف مقابل أن نفتح صفحة جديدة يعود فيها جهاز الأمن المصري لدوره الوطني في خدمة وحماية الفرد المصري وليس في الاستعلاء عليه أو إرهابه وتعذيبه. . المصري هو المولود في مصر ، أو من كان أحد أبويه مصريا وولد خارج مصر . هذا المصري أو المصرية لا يجوز لأي جهة حرمانه من جنسيته المصرية الطبيعية بالميلاد . أما الجنسية المصرية المكتسبة لأسباب العمل والاقامة والزواج فيمكن سحبها بالقانون. الأزهر مؤسسة مدنية معنية بالشأن الاسلامي ، ومهمته تجلية حقائق الاسلام ، وواجبه الوقوف دفاعا عن قيم الاسلام العليا من الحرية المطلقة في الدين والعدل والتسامح والسلام وكرامة الانسان . وأي إنحراف عن هذه المهمة يستوجب المساءلة والمعاقبة . سواء كان النظام برلمانيا أو رئاسيا فالمهم الآتي : - دور البرلمان ليس فقط التشريع والمساءلة ولكن الحفاظ علي المال العام وموارد الدولة ، ولا بد من تمكينه من أداء هذه المهمة منعا لتكرار نهب مصر . - إلغاء وزارات العدل والاعلام والثقافة ضمانا لاستقلال القضاء وضمانا لحرية الرأي والفكر . - تقليص تدخل الدولة في حركة الأفراد والجمعيات ، ومنح الجمعيات الأهلية مجالا أوسع .وتسهيل ترخيصها إداريا بمجرد إعلام الجهة المختصة . -تقليص الحكم المركزي وتقوية أسس الحكم المحلي . - منع دور العبادة منعا باتا من الخوض في السياسة ، وقصر دورها علي الدعوة للأخلاق الحميدة وتعليم القيم العليا . ملاحظة: ثروة مصر تتمثل في الانسان المصري والآثار المصرية والموقع المصري والمناخ المصري ..والنيل والصحراء المصرية ، من هنا فلا بد من العناية بالتعليم والتدريب للشباب وهم أغلبية السكان، وإخضاع التعليم الجامعي لطبيعة كل محافظة ، وإزالة كل المتاريس التي تعوق حرية الفكر والإبداع ، وإزالة كل التعقيدات التي تحول دون غزو الصحراء وتعميرها ولتشجيع الشباب علي الهجرة الداخلية الي الصحراء ، كما يجب إنشاء وزارة سيادية للحفاظ علي الآثار تتبعها كليات اقليمية في المناطق الأثرية وقوات أمن خاصة بها لتأمين المواقع الأثرية وزائريها من السواح ،.وإلغاء وزارة السياحة لفتح باب المنافسة السياحية أمام القطاع الخاص .