قرر النائب العام المستشار عبد المجيد محمود إيداع رانيا خليل إبراهيم (15 سنة) صاحبة قضية ميت بشار، إحدي دور الرعاية الاجتماعية بمدينة الزقازيق وتشكيل لجنة من مركز الطفولة والأمومة لفحص حالتها. جاء بعد أن رفضت الفتاة كل الطرق للتوسط للعودة لأبيها، حيث جاءت أقوالها للنيابة أنها ترفض العودة لأبيها المسلم، وكذلك والدتها المسيحية وايضا قريتها بميت بشار، اكدت ايضا الفتاة أنها كانت مسيحية ثم أسلمت منذ ثلاثة شهور من إعلان أبيها إشهار اسلامه ، وأنها لم تتعرض لأي محاولات اختطاف وتركت منزل أبيها بمحض إرادتها. أما الأب قال انها أشهرت إسلامها برغبتها، واستخرج شهادة ميلاد جديدة، وتمت خطبتها لشاب مسلم بالقرية وبعدها حدثت واقعة اختفائها.. بهذه الكلمات المختصرة كانت اعترافات فتاة قرية ميت بشار بمركز منيا القمح بمدينة الزقازيقبالشرقية امام النيابة، أما حول الأوضاع الحقيقية وماحدث لحظة بلحظة لمدة أربعة أيام كاملة حُبس فيها الأقباط داخل منازلهم والكنيسة، فكان لابد من الذهاب لقرية ميت بشار ومقابلة جميع الأطراف وشهود عيان للواقعة، لنقل الصورة حية، خاصة بعد انتشار اخبار غير دقيقة حول حقيقة الحادث، وبالتالي قامت «الأهالي» بجولة داخل القرية وفي الكنيسة والحديث مع سكان القرية، والقمص جرجس جميل كاهن كنيسة العذراء والذي إتهم بخطف الفتاة ومن هنا بدأت الازمة. كنيسة العذارء بدأت "الأهالي" بزيارة لكنيسة العذراء بميت بشار -مقر الأحداث- ومع مدخل الشارع المؤدي للكنيسة تواجد سيارات للأمن المركزي والشرطة العسكرية وثلاث مدرعات ودبابة حربية لتأمين الكنيسة ضد اي هجوم، وبصحبة شهود عيان ممن تواجدوا لحماية الكنيسة طوال اربعة ايام فترة حصارها لهدمها، وقد بنيت كنيسة العذراء في 1952، وتم تجديدها في 1991، تخدم 11 كفرا وعزبة بقرية ميت بشار، وتقوم برعاية 400 الي 500 أسرة مسيحية. وعقد بها مؤتمرات جماهيرية أثناء ثورة يناير بحضور مسلمين ومسيحيين من القرية، وفي احداث الإنفلات الأمني شارك المسلمون والمسيحيون في حمايتها.. إستمرت الاحوال هادئة تماما حتي ظهرت الاحداث الاخيرة والتي بدأت منذ فجر الأحد 12 فبراير الجاري، حتي منتصف ليل الأربعاء من نفس الإسبوع. أسرة الفتاة وبحسب روايات جيران أسرة الفتاة وشهود العيان من القرية، اكدوا جميعا أن الأب البالغ من العمر 50 عاما جاء من محافظة المنيا منذ ثلاثة سنوات وكان مسيحيا ومتزوجا من مسيحية تدعي حنان عطية، ويعمل فران وبسبب خلافات عائلية، وبعد فشل الإنفصال عن زوجته أشهر إسلامه منذ عامين وأصبح إسمه خليل إبراهيم خليل وتزوج من مسلمة وأنجب طفلة تدعي رحمة، أما الأم حنان جرجس عطية مازالت مسيحية، لديهم ابنتان إحداهما متزوجة، والأخري صاحبة القضية التي نحن بصددها الآن 16 عاما في الصف الثاني الإعدادي، وطفل 5 سنوات يدعي رضا. وأكد لنا احد جيرانهم أن الأب كان دائم الخلاف مع زوجته الأولي ولم ينتظم في عمل معين. هربت وعادت لوالدها ولم تكن واقعة إختفاء أو هروب الفتاة مؤخرا هي الأولي، بل بحسب شهادة مواطنين بالقرية، أكد لنا جبران جميل انها المرة الثالثة بعد إنفصال والديها تمسك الابناء بالعيش مع والدتهم، واختفت مرتين وبعد عودتها قالت إنها كانت لدي جدها من والدتها لمدة ستة أشهر، وإختفت ثانية وعادت لتقول بأنها كانت مخطوفة، وقام زوج شقيقتها بالإعتداء عليها بالضرب لسوء سلوكها وإختفائها المتكرر، ثم عادت أخيرا لوالدها واستمرت هناك ثلاثة أشهر، ومن هذه اللحظة لا تعلم الكنيسة شيئاً عنها لأنها أدت إمتحان الدين الإسلامي الترم الأول بالمدرسة وأزالت الصليب من يديها. وتمت خطبتها لشاب يدعي "أحمد أبو قلة" في 6 فبراير وأقيمت مراسم حفل الخطبة. الفتاة لم تهرب "الفتاة لم تهرب" وهو ما أكده الطالب الجامعي مؤمن سعيد محمد، وأنه رأها تستقل مواصلة عامة للذهاب لمركز منيا القمح وقام بدفع الأجرة لها وعندما سألها الي أين ذاهبة أخبرته أنها في زيارة لإحدي صديقاتها هناك، الأمر نفسه حدث عندما سألتها سيدتان من جيرانها من القرية أكدت لهم الفتاة نفس الكلام بزيارة لمنيا القمح. تسلسل الأحداث وروي خدام الكنيسة والذين لم يفارقوا مكانهم حتي الآن، الاحداث كالتالي، في مساء السبت بعد أن فوجئ والد الفتاة باختفاء ابنته من المنزل، قام بتحرير محضر بخطفها وإتهم الكنيسة والقمص جرجس جميل راعي كنيسة العذراء بالقرية، وزوج اخت الفتاة رضا منصور وجدها جرجس عطية لوالدتها وخالها صبحي جرجس عطية. ومن ثم هاج خليل إبراهيم خليل أمام نقطة قرية ميت بشار، وتجمع حوله الأهالي وردد نفس اتهاماته للكنيسة والقمص جرجس، وفي صباح الاحد أقيمت طقوس القداس في 20 دقيقة فقط ولم تحضره أي فتاة أو سيدة مسيحية تخوفا من إتهامات والد الفتاة للكنيسة. وقبل منتصف الليل تجمع المواطنون ووالد الفتاة امام الكنيسة مطالبين بخروج الفتاة!! وخرج القمص جرجس للمتجمهرين وقال لهم: "لو هناك متهم بعينه سأذهب لإحضار البنت بنفسي وتسليمها لوالدها، اما هي فليست داخل الكنيسة"، ولم يقتنع أحد بهذا الكلام. وأشتدت الأحداث سخونة بعد ظهور شباب يستقلون دراجات بخارية لإحضار المواطنين لرشق الكنيسة بالطوب وتم هدم السور الخارجي للكنيسة المكون من ألواح خشبية وبسبب التدافع القوي تهدم السور. اقتحام منزل القمص أما أمام منزل القمص جرجس والذي يبعد عن الكنيسة بمسافة قليلة، تواجدت أيضا سيارة شرطة عسكرية وبعض الجنود لحماية أشقاء وأبناء القمص من أي عنف، وفي ليلة الإثنين الصاخب وفي الوقت الذي حاصر فيه المئات الكنيسة ذهب البعض الأخر لمنزل القمص وتم تكسير البوابة الحديدية وتحطيم السيارة الخاصة له وسرقة الأجهزة الكهربائية، ولم تفلت كلاب الحراسة من العقاب، بعد إصابتها، وتكسير الشجر والصور الموجودة بالمنزل، وتدخل الجيران المسلمون لإبعاد العابثين عن المنزل وشكلوا دروعا بشرية لحمايته من السرقة أو الحريق بعد سكب جيركن كيروسين بمدخل المنزل. وهنا صرخت المساجد والأئمة بالقرية بالكف عن التخريب وضبط النفس والإبتعاد عن الكنيسة ومنزل القمص جرجس لان الفتاة ليست داخل هذا ولا ذاك، والكنيسة والقمص ليسوا أطرافا في المشكلة. وفي ظل حالة الغليان تعالت صرخات النساء من المنازل لنجدتهم. حماية الكنيسة وأكد المهندس نشأت نجيب خادم بالكنيسة، أنه في فجر الإثنين بدأت أعداد المتجمهرين تتزايد خارج الكنيسة، وانتشرت أخبار حول إستعداد بعض الشباب لحرق الكنيسة، وترسخ لدي البعض بأن المتسبب الحقيقي في الاحداث القمص جرجس ولابد من التخلص منه بأي شكل، وبالتالي قام بعض شباب المسيحيين والقمص جرجس وبعض شباب المسلمين بالتجمع داخل الكنيسة لتهدئة الأوضاع لحمايتها لمدة أربعة ايام متتالية منذ صباح الأحد لمساء الاربعاء داخل جدارنها، وقام المتشددون بمحاولة لاقتحام الكنيسة وذهبت مجموعة منهم لإقتحامها من الخلف من ناحية أحد المنازل وبعد فشلهم قاموا بإحراق سيارتين ملاكي مملوكتين للاقباط اصحاب المنزل. وطالب المتظاهرون خارج الكنيسة بتسليم الفتاة غير الموجودة أصلا- أو القمص. واستخدموا أسلحة بيضاء من سيوف وسنج وعصي خشبية، وتم إحراق أربعة موتوسيكلات أخري، والإعتداء بالضرب علي شاب قبطي أثناء مروره أمام الكنيسة. وتم إلقاء زجاجة مولوتوف داخل الكنيسة ولم تؤد لتلفيات، وكان قد طالب بعض المتشددين بخروج القمص جرجس واخوته من القرية وهو مارفضه شاب مسلم بعد أن قال: هناك أئمة مساجد يشبهون النصاري باليهود ، ولم يطالب الاقباط بخروج شيخ مسجد من القرية، وبالتالي رُفض هذا الطلب تماما. تأمين القرية وبدأت الامدادات الأمنية من قوات أمن مركزي وشرطة عسكرية في إعادة السيطرة علي مداخل القرية والمتظاهرين وتفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع، بعد طلب إستغاثات من القمص وأهالي القرية للسيطرة علي حالة الإنفلات التي زادات حتي مساء الإثنين، وفجر الثلاثاء قام البعض بمحاولة إشعال النيران في إحدي غرف الكنيسة وتكسير بعض الشبابيك الخارجية لمبني الكنيسة مما دفع الشباب المتواجد داخل الكنيسة لعمل سور من "الصاج" لصد الطوب والحجارة، وفي صباح الأربعاء عقد إتفاق بقيادة اللواء عبد الرءوف الصيرفي مدير إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الشرقية ووقع عليه 11 شخصية من كبار عائلات المسلمين بالقرية والنائب عاطف مغاوري عن حزب التجمع وهاني دري أباظة عن الوفد والنائبين مؤمن زعرور ومحمد عبد الرءوف عن الحرية والعدالة وبعد سماع أقوال الأب بأن الفتاة مسلمة وتريد ان تعيش معه، أما الفتاة فقد رفضت العودة للأب او الأم وأكدت انها تركت والدها وذهبت لدي عمها بالقاهرة بعد رفضها إستكمال الخطبة مع من أختاره والدها. عودة الحياة للقرية "أثق أنه بعد المظاهرة السلمية التي نظمها عقلاء المسلمين والمسيحيين بالقرية مؤشر علي عودة الحياة لطبيعتها بميت بشار.." بهذه الكلمات تحدث القمص جرجس جميل راعي كنيسة العذراء بميت بشارالزقازيق، مؤكداً انه رأي شباب في سن 18 و20 عاما يستقلون موتوسيكلات بدون "لوحات معدنية" عملوا علي إشعال الأمور وتهييج المتظاهرين، وقام القمص بتوكيل محامي للدفاع عن الفتاة وتولي قضيتها من ماله الخاص، مطالبا وزارة الداخلية بالبحث عن الجاني الحقيقي والمتسسب في إحداث الفتنة بالقرية، خاصة وإن القرية لم تشهد في تاريخها أي حالة طائفية ، بل علي العكس، هناك حالة من المحبة والتسامح السائدة بالقرية منذ عقود وظهرت هذه الروح في أحداث الثورة. وإستطرد جرجس في حديثه: أن هناك عناصر مهيئة ومجهزة وللأسف هذه العناصر داخلنا وليس خارجية وهدفها الوحيد زعزعة أمن البلد. وبسؤال القمص حول مطالب البعض بتهجير بعض المسيحيين من ميت بشار وعلي رأسهم هو، كما حدث بقرية شربات بالعامرية، نفي تماما إمكانية حدوث ذلك، لان المسيحيين هنا من أولاد القرية واجدادهم عاشوا وماتوا بها وليسوا ضيوفا علي القرية. مؤكداً أن مصر لسه بخير وهو ما تأكدت منه خلال الاربعة أيام العصيبة اثناء محاصرة الكنيسة قبل حضور الأمن. تهديدات وأكد "جبران جميل وجدير جميل" أشقاء القمص بأنهم تلقوا تهديدات وشقيقتهم أيضا، خاصة هم يعملون بالإدارة التعليمية ولم يستطيعوا الذهاب لأعمالهم، بالاضافة لتخوفهم علي ابنائهم من الذهاب للمدرسة. جدير بالذكر انه حتي هذه اللحظة لم يتم القبض علي أحد ممن قاموا بالتخريب أو الجناة، مع العلم -وبحسب رواية من تواجدوا بالكنيسة أثناء الاحداث- أن هناك أشخاصا محددين بالاسم شاركوا في التخريب وهدم سور الكنيسة. ولم يتم أيضا تقدير الخسائر المادية التي تعرضت لها الكنيسة او منزل القمص جرجس وأملاك بعض أقباط القرية.