ضرورة تغيير ثقافة المجتمع وتأهيل الناخب علي وجودها في العمل السياسي رغم مشاركتها كعنصر أساسي وفعال في أحداث ثورة 25 يناير منذ لحظاتها الأولي فأن النظرة الرجعية والمتدنية للمرأة مازالت قائمة حتي الآن واعتبار أنها ذات شأن كبير في المجتمع ولكن في النواحي الاجتماعية فقط بعيدا عن الحياة العامة والتأكيد علي أنها غير صالحة للعمل السياسي، أمور جاءت واضحة في استمرار تهميشها في البرلمان ووضعها في ذيل قوائم أغلبية الأحزاب.. وضع حاولنا تسليط الضوء عليه ومناقشته.. في السطور القادمة. أكدت «مارجريت عازر» عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن تمثيل المرأة في البرلمان القادم سيكون ضعيفا جدا فجميع القوائم وضعتها في أرقام متأخرة في الترتيب بداية من السادس وحتي العاشر في القائمة إلا في بعض الاستثناءات التي جاءت في مكان متقدم ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه لن تكون هناك قائمة تصل إلي 50% بينما سيكون الوضع أخطر وأشرس علي مقاعد الفردي. وحملت «مارجريت» ثقافة المجتمع مسئولية غياب المرأة عن المشهد السياسي فقد اعتدنا علي عدم ممارسة المرأة للعمل السياسي وزاد من ضعف موقفها عدم استعداد الأحزاب لإعداد كوادر نسائية يمكنها تغيير ثقافة الشارع التي تري أن المرأة لا تصلح للسياسة هو ما انعكس علي أن قيادات الأحزاب السياسية من النساء قليلة جدا ووجودها في لجان وأمانات المرأة فقط يؤكد ذلك رغم نجاح المرأة في كل الأعمال الأخري التي تنسب لها، الأمر الذي يشير إلي أننا ندخل نفقا مظلما بإبعادها عن الميدان ووضعها في الأعمال الاجتماعية فقط وهي نظرة ظلامية للمرأة وأكبر دليل علي ذلك هو الإشارة لها في القوائم برمز الوردة بدلا من صورتها وهو ما يرجعنا سنوات للخلف في ظل ارتفاع نسبة الأمية وعليه لابد من تأهيل الناخب نفسه علي وجود المرأة وتحليل المواقف ودراستها. القوي الإسلامية وشاركها الرأي «نبيل عبدالفتاح» رئيس مركز الدراسات الاجتماعية بالأهرام حيث يري أن هناك نمطا من الثقافة السياسية الذكورية مازالت تهيمن علي الحياة السياسية المصرية وتقتنع بها القوي السياسية حتي أصبح ذلك نمط دولة بالإضافة إلي القوي السياسية الدينية والمؤسسات الإسلامية والمسيحية التي مازالت يهيمن عليها أيضا الفقه التقليدي الذي يضع المرأة في دور هامشي في الحياة السياسية والأنشطة العامة ولذلك يقوم بعضهم بفرض أفكار فقهية تحط من دور المرأة تحت مقولات شعاراتية بأن دور المرأة في المجتمع عظيم ولكن يتمركز في تربية الأسرة فقط. وشدد «نبيل» علي أن الوضع حاليا أكثر خطورة بالنظر للمرحلة الانتقالية الأولي والثانية وحتي الثالثة في ظل وجود اعتبارات أخري منها صعود الحركة السلفية والصوفية في التحرك السياسي للتركيز علي دور الرجال وحدهم في المجتمع معتبرين أن العمل السياسي لا يناسب طبيعة المرأة، مما يؤكد وجود تهميش ممنهج لدورها وانعكس ذلك علي وضعها في ذيل القوائم وكأنها شيء ثانوي في المعركة الانتخابية، وهي نفس سياسة الحزب «الوطني» المنحل في تعامله مع المرأة وكان يزيد عليه تعامله مع الأقباط للتأكيد علي وجود نزوع دائم لتهميشهم. وأشار «نبيل» إلي أن تعمد الأحزاب وضع المرأة في ذيل القوائم أو الدفع بأعداد قليلة منهم لا ينفي ضعف المنظمات النسائية في مصر وغياب التنظيم النسائي، الأمر الذي يمثل خطرا كبيرا خاصة أن تمثيلها السياسي الضعيف ليس النهاية وإنما هناك محاولات من السلفيين لإلغاء الاتفاقيات الدولية التي تنص علي عدم التمييز ضد المرأة مما يؤكد شبح قادم. النظام الانتخابي «الأمر ليس أفضل حالا بعد الثورة» هكذا تقول دكتورة «جورجيت قليني» الناشطة الحقوقية وأستاذ القانون وعضو مجلس الشعب السابق عن وجود المرأة في البرلمان. فرغم أن المرأة كانت شريكا وفاعلا أساسيا في أحداث الثورة بالأدلة المادية إلا أنها لم تحصد أوضاعا أفضل تتماشي مع أهداف الثورة الخاصة بالعدالة والمساواة لأن ما يحدث لها منتهي الظلم وبالنظر بشكل أوسع نجد أن المرأة ليست وحدها المهمشة بينما الأكثر سوءا وضع الشباب فلن يمثلوا بشكل منصف أيضا وستكون نسبتهم ضعيفة جدا وسيغيبون عن الخريطة السياسية، الأمر الذي يؤكد وجود فرق بين رغبتهم وطموحهم في المشاركة والتعبير عن الرأي وبين المشاركة في المعركة الانتخابية فهي مختلفة في حساباتها ولغتها وخصائص أفرادها ونفس الوضع بالنسبة للمرأة التي مازالت محتفظة بنقائها المنافي تماما لأسلحة الانتخابات والتي تعف عن استخدامها. وأضافت «جورجيت» أن النظام الانتخابي نفسه والذي جعل 50% للفردي طارد للمرأة فاتساع الدوائر جعلها غير قادرة علي المنافسة أمام أشخاص وتيارات تمتلك القبلية أو حتي المال. النظرة التاريخية فيما يؤكد دكتور «مجدي عبدالحميد» مدير جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية علي أن المرأة تاريخيا في مصر تعاني من درجة كبيرة من الاضطهاد والاستبعاد علي كل المستويات ولم يشارك في ذلك القوي المتخلفة وحدها وإنما المتقدمة منها أيضا خاصة أن الأحزاب السياسية هي في الأساس ضعيفة ومعظمها فرص الفوز له قليلة وهو ما يجعلهم يخشون من وضع المرأة في مواقع متقدمة علي اعتبار أن المجتمع نفسه ليس جاهزا لقبولهن وإرضاء للضمير فقط وعدم المغامرة تأتي في ذيل القوائم. ويري أنه في حالة وجود مناخ سياسي ديمقراطي ودولة مدنية حديثة يمكن تأهيل المرأة علي أن تلعب دورا في الحياة العامة وخلق كوادر نسائية منها قادرة علي المنافسة وإن كان ذلك يحتاج لبعض الوقت فقط للتدريب والتمرس علي العمل السياسي. للديكور فقط وتصف «نورالهدي زكي» عضو حركة «مصريات مع التغيير» وجود المرأة في قوائم الأحزاب أنه «للديكور» فقط واستكمالا للشروط التي تقوم بضرورة وجودها لقبول القائمة للترشح بالإضافة إلي أن الإخوان المسلمين والسلفيين ليس لديهم قناعة لدور المرأة من الأساس ولن يعترفوا بوجودها. وأكدت أن دورها في العمل السياسي وإثبات الذات لن يأتي إلا بيدها ووعيها هي وحدها من خلال تطويرها الفكري والسياسي، خاصة أن النظرة لها علي كل المستويات غير منصفة والدليل علي ذلك أن المجلس العسكري نفسه ينظر لها نظرة متدنية ولا يتعامل معها باعتبارها شريكا في الحياة السياسية ولا يعترف بوجودها ومن شواهد ذلك عدم دعوتها لأي مؤتمر سياسي سيناقش أوضاع البلاد وحتي تشكيل الحكومة الانتقالية لم يضم المرأة إلا في واحدة كانت موجودة أصلا بالإضافة إلي القوانين الحزبية التي يمكن اعتبارها ترجمة حقيقية للنظرة المتدنية والثقافة ضد المرأة حتي يمكن أن نقول إنه «برلمان بلا نساء»!! وطالبت «نور» من المرأة المصرية بأن تقدم نفسها للمنافسة بقوة حتي وإن كانت مازالت تحتاج مساندة مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وحتي النقابات المهنية.