طرائف القمة العربية! تردد أن القادة العرب ناقشوا خلال جلسة ختامية مغلقة عدة خيارات سيتم اللجوء إليها في حالة رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وظهر أن هذه الخيارات لا تتجاوز إطار اللجوء إلي مجلس الأمن، وإذا استخدمت أمريكا حق الفيتو.. سوف يذهب العرب إلي محكمة العدل الدولية التي تصدر قرارات غير ملزمة.. ومنها إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة!! وتتكرر الحلقة المفرغة والمعروف أنه سبق للأمم المتحدة أن اتخذت مئات القرارات بشأن القضية الفلسطينية - لم يعد يتسع لها أرشيف المحفوظات - ولم تنفذ إسرائيل منها قرارا واحدا، وذلك بدعم وتغطية أمريكية. والواضح أنه لا يوجد تفكير جدي لدي القادة العرب في خيارات بديلة، فقد ثبت أن هؤلاء القادة عاجزون عن تقديم بدائل أو خيارات أخري لمواجهة تحديات استراتيجية. وتأكد أن القمة العربية مازالت تنتظر اختبار نوايا الاحتلال، ومازالت - منذ 15 سنة - تؤكد أن السلام هو خيارها الاستراتيجي الوحيد (!) ومازالت تصر علي منح الإدارة الأمريكية المزيد من الوقت.. بعد أن أدمن القادة العرب إهدار الوقت. ولم يدرك القادة العرب حتي الآن إن أمريكا وإسرائيل يحرصان علي استدراجهم إلي التوابع بدلا من الأصول.. فالقضية لم تعد الاستيطان وإنما استمرار الاحتلال، لأنه بدون احتلال.. لا وجود للاستيطان، وبدون الاحتلال.. لا وجود لقضية الدفاع عن القدس. كذلك لم يدرك العرب أن الفلسطينيين جربوا المفاوضات علي مدي أكثر من عشرين سنة ولم يصلوا إلي أية نتائج، وأن القضية لم تعد تحتاج إلي مفاوضات وإنما إلي تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بالانسحاب وفق جدول زمني محدد ومعلن. ولكن القمة العربية كانت لها طرائفها، مثل دعوتها للرئيس الأمريكي أوباما للتمسك بموقفه إزاء الاستيطان! وهكذا أوكل العرب إلي رئيس أمريكا مهمة الدفاع عن حقوقهم وأرضهم ومصالحهم، وقرروا الاكتفاء بالفرجة، بل اعتبروا أنهم ليسوا طرفا في المشكلة القائمة بين نتنياهو وأوباما!. ومن الطرائف أيضا.. صورة رئيس وزراء إيطاليا بيرلسكوني وهو مستغرق في النوم أثناء خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولا نعرف السبب في دعوة هذا الرجل المنحاز بالمطلق لإسرائيل لحضور القمة!. ومن الطرائف أن بعض القادة تحدثوا كما لو كانوا في المعارضة (!) وليسوا حكاما! فهناك من قال إن الشارع العربي شبع من الكلام، وأن الشعوب تنتظر الأفعال وليس الخطب، وأن القادة في وضع لا يحسدون عليه، وهناك من حذر من أن العمل العربي المشترك يواجه أزمة حقيقية، وهناك من طالب بأن يكون العرب علي قدر المسئولية في المواجهة مع عدوهم التاريخي. كل ذلك.. ولسان حال نتنياهو يقول: أيها العرب افعلوا ما تقدرون عليه. والخلاصة، أنه بدون ضغط أمريكي سياسي واقتصادي ودبلوماسي وعسكري علي إسرائيل.. وبدون عقوبات توقع عليها.. لن تجد القضية الفلسطينية ما ينصرها، وبدون أن يشعر الأمريكيون بعواقب وخيمة لا نحيازهم إلي العدو.. لن يتحقق أي تقدم. وفي استطاعة العرب إعلان مساندتهم للمقاومة الشعبية الفلسطينية والتلويح بعدم اعتماد الدولار كعملة في تعاملاتهم، وإعلان وقف شرائهم للأسلحة الأمريكية والأوروبية «وهي بمليارات الدولارات وتتحول إلي خردة لا قيمة لها في المخازن» والتقليل من إنتاج النفط والتحكم في أسعاره وغيرها.. من الخطوات التي يمكن أن تكون موجعة وبدون ذلك يخرج العرب من القمة كما دخلوها.. بلا أي جديد.