احتلال وول ستريت : من حملة إلي حركة إلي ثورة هل سمعت اخر اخبار أمريكا؟ اخر اخبار أمريكا أنها لا تزال تحارب في افغانستان وفي العراق وتمهد لحرب اخري في باكستان بتحويل ضربات طائراتها التي تحلق بدون طيارين الي حرب اشمل ربما علي غرار حربها السابقة في فيتنام. وليس خافيا طبعا انها تحارب ايضا في ليبيا ضمن حملة حلف الاطلنطي الجوية وقواتها الخاصة السرية. لا المقصود هو اخبار أمريكا الداخلية . اخر اخبار أمريكا الداخلية جاءت عبر مركز "بيو" لاستطلاع الرأي العام. تقول نتائج اخر استطلاع للرأي العام الأمريكي ان اعدادا هائلة من الأمريكيين الذين يناضلون ضد الفقر تتجه نحو الانتقال للعيش مع اقاربهم لانهم لم يعودوا قادرين علي سداد اقساط مسكنهم او دفع ايجاراتها. هذه ظاهرة جديدة لم يسبق ان رصدت في أمريكا انها ظاهرة كانت تنتمي الي بلدان العالم الثالث الفقيرة. تضامن الحركات الاحتجاجية يقول مركز "بيو" ان هذه الظاهرة الجديدة تصب الوقود بصورة غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي الحديث بحدوث زيادة فيها وصلت بها الي رقم 51.4 مليون شخص (...) كان معدل الفقراء الذين اضطروا الي اللجوء للعيش في بيوت اقاربهم، ونتيجة لذلك اصبحت بيوت الفقراء الأمريكيين تضم اجيالا متباينة من الاحياء، تمثل نسبة 14.6 بالمائة من اجمالي البيوت السكنية في أمريكا، حسب ارقام ادارة التعداد والاحصاء. وهذه نسبة لم يسبق لها مثيل. من الطبيعي في ضوء هذه الاخبار ان تزداد حدة حملة "احتلال وول ستريت" بحيث لم تعد تقتصر علي مدينة نيويورك حيث يقع حي المال والاعمال المسمي "وول ستريت"؟ انما اخذت تتحول الي حركة تمتد الي مدن أمريكية كبيرة كثيرة منها بوسطن ولوس انجلوس وشيكاغو وديترويت وسياتل. واهم من هذا ان الاتحاد العام للعمال الأمريكيين اعلن بلسان رئيسه ريتشارد ترومكا "ان العمال الأمريكيين يؤيدون تأييدا كاملا هذه الاحتجاجات"، ودعا الي انضمام اضخم اعداد ممكنة من الحركة العمالية الي المظاهرات التي ستنظمها الحركات الاحتجاجية في انحاء البلاد. ويكتسب انضمام الحركة العمالية الأمريكية الي هذه الاحتجاجات المطالبة بوظائف للعاطلين ووقف الامتيازات لرجال الاعمال الاثرياء ومؤسساتهم الكبري وخاصة الاعفاءات من الضرائب اهمية خاصة بالنظر الي ما هو معروف عن الحركة العمالية الأمريكية حتي الان بأنها تنتهج سياسة محافظة باسم الوطنية وحب أمريكا (...) وقد صرح ترومكا قبل ايام بان انتشار احتجاجات "احتلال وول ستريت" يظهر الغضب ازاء اقتصاد يبلغ عدد العاطلين فيه الي نسبة 25 بالمائة من القوي العاملة. وقد اطلق اتحاد العمال الأمريكيين علي حركته الاحتجاجية اسم " تعبئة أمريكا التي تريد ان تعمل " والمفروض ان تكون هذه الحركة قد بدأت يوم 10 اكتوبر الحالي وتستمر لمدة اسبوع. ومن المتوقع ان تشمل هذه الحركة بالاضافة الي احتجاجات "احتلال وول ستريت" عدة مئات من الاف العمال والفقراء المطالبين بضرورة وقف اعفاء المؤسسات الكبري من الضرائب. خلق الوظائف ووعد رئيس اتحاد العمال الأمريكي بان تستمر هذه الاحتجاجات الي ان ينصت صانعو القوانين (اي اعضاء الكونجرس بمجلسيه) وقال "ان المشاركين في هذه الاحتجاجات سيعتبرون ان كل مسئول منتخب يتحمل المسئولية عن خلق الوظائف وعن الحاجة الي اعادة أمريكا الي العمل". ومع انتشار حركة "احتلال وول ستريت" في المدن الأمريكية يزداد التركيز علي حقيقة ان الواحد بالمائة من اثرياء أمريكا الذين يملكون معظم الثروة في أمريكا انما يحققون ذلك علي حساب التسعة والتسعين بالمائة الاخرين. وتحمل الحركة مع موجاتها الآخذة في التوسع معني واهمية "النضال من اجل سد العجز في الديمقرطية الأمريكية" الذي تسبب فيه نظامها الاقتصادي. لقد اصبحت المهمة الاساسية للحكومة في أمريكا في ظل هذا الوضع العمل من اجل ازدياد ثراء الاثرياء علي حساب الفقراء الي حد ان التقرير السنوي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.اي.)الذي يحمل عنوان "كتاب الحقائق العالمية" قال في طبعته الاخيرة ان عدم المساواة في الولاياتالمتحدة قد وضعها في خانة واحدة مع الفيلبين والاكوادور ورواندا بعيدا تماما عن بلدان الديمقراطيات الغربية. وهي بهذا صارت تشارك هذه الدول ومثيلاتها في درجة العجز في الديمقراطية. ولا غرابة اذن - يستنتج الكاتب الأمريكي روجر تايبي - ان نداءات وشعارات وافكار حركة "احتلال وول ستريت" اصبحت تجد صداها بين الأمريكيين علي نطاق واسع. وهذا ناتج برأيه عن شعور لدي الغالبية الساحقة من الأمريكيين بان "الحكومة تعمل وكأن مهمتها الاساسية هي اخذ كل شيء من الشعب". لهذا عمد الرئيس اوباما - علي الرغم من كلماته المؤيدة لخلق وظائف جديدة وهي كلمات تتسم بالتقدمية - قد وافق علي ان يقتطع مبلغ 320 مليار دولار من خدمات الرعاية الطبية وخدمات المساعدة الطبية. آخر ما اعلنته حركة "احتلال وول ستريت" من بيانات يؤكد ان الثورة في أمريكا حان وقتها منذ زمن بعيد". ويقول احد اعضائها الجدد " من الناحية التاريخية ومنذ الثورة الأمريكية (التي حررت أمريكا من الاحتلال البريطاني) لم تقع حركة يشعر كل مشارك فيها بشعور قوي الي هذا الحد. ان اعدادا هائلة من الشعب تشعر بالالم الان ولا شيء يجري من اجل تخليصها. انهم بدلا من ذلك يتلقون الطعنات من الخلف من جانب الاشخاص الذين يتولون المسئولية. هذه ليست ديمقراطية، ليست ما نصفه (في الدستور الأمريكي) بانه: حكم الشعب من اجل الشعب". كساد عالمي ويضيف عضو الحركة - ماسمه سين تشارلز- "هذه مسألة عالمية مثلها مثل المظاهرات في مصر والشرق الاوسط. والعلامات واضحة علي ان الامور لابد ان تتغير. ان المحتجين ينتشرون الي المدن الاخري ولكن الاعلام (الأمريكي) لا يغطيها كما غطي الاحتجاجات في الشرق الاوسط واوروبا. انهم لا يريدون ان يكشفوا ان الامور التي تجري هناك تجري هي نفسها هنا". ولا تكتمل الصورة عما يحدث في أمريكا الا اذا تنبهنا الي حقيقة ان بعض المليارديرات شعروا بان من الضروري في الظروف الراهنة ان يعلنوا تأييدهم لحركة "احتلال وول ستريت". علي سبيل المثال فان الملياردير الشهير جورج سوروس ( المجري الاصل) قال انه "يتعاطف مع المحتجين الذين عسكروا بالقرب من وول ستريت في نيويورك والذين ألهموا متظاهرين اخرين ضد المؤسسات في مدن رئيسية اخري في انحاء الولاياتالمتحدة وكندا". واضاف "حقيقة وبكل صراحة فانني اتعاطف معهم واتفهم مشاعرهم (المحتجين)". وكان سوروس قد حذر قبل ايام من ان كسادا اقتصاديا عالميا يمكن ان يكون قادما وان اوروبا علي حافة الانهيار مالم يتخذ اجراء فوري. وعلي الجانب الاخر من الصورة - الجانب المضاد لاصحاب المليارات - كتب "الموقع الاشتراكي العالمي للانترنيت": "ان ثلاث سنوات من اقسي ازمة اقتصادية عالمية منذ ثلاثينات القرن الماضي فان اسواق البورصة عادت مرة اخري الي التدهور بينما يغوص النظام الرأسمالي في الكساد". ويضيف "ان البنوك والمصالح المالية التي اعتبرت في عام 2008 اكبر من ان تسقط اصبحت بعد السنوات الثلاث نفسها اضخم واقوي من قبل. لقد زاد نصيبها من الثروة الدولية زيادة هائلة خلال السنوات التي سيطرت فيها البطالة ونما الفقر بالنسبة للطبقة العاملة".