لم يكن الإصلاح الزراعي - الذي صدر قانونه الأول يوم 9 سبتمبر 1952 - مجرد قانون بل كان - كما يعبر المناضل خالد محيي الدين.. «محاولة من ثورة يوليو لرد الجميل لفلاحي مصر الذين صنعوا منذ آلاف السنين حضارة مصر وقدموا لها غذاءها وخيراتها، ولم يلاقوا مقابل ذلك سوي الفقر والحرمان». فقد أصلح من الخلل الرهيب الذي كان يسود هيكل الملكية الزراعية، حيث كان العشرات من كبار ملاك الأراضي يحوزون المساحة الغالبة منها، بكل ما يعنيه ذلك من تحكم اقتصادي وهيمنة اجتماعية وسطوة سياسية. ويسر علي الفلاحين عملية الإنتاج الزراعي، من خلال توسيع وتعميق دور الحركة التعاونية الزراعية التي كانت تمد الفلاحين بالائتمان المالي بفوائد رمزية، وتقدم لهم مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة، وتسوق حاصلاتهم الرئيسية لحمايتهم من تحكم السماسرة وكبار التجار. وأقام علاقة إيجارية متوازنة بين كل من المالك والمستأجر، تضمن للأول حقه في الحصول علي ريع سنوي ملائم لحق ملكيته للأرض، وتضمن للثاني حق البقاء في العمل بالأرض طالما لم يخل بالتزاماته القانونية موفرة له إمكانية دخل يتواءم مع عمله وجهده في الأرض. وحظر علي غير المصريين حق التملك والحيازة للأراضي المصرية - سواء كانت منزرعة أو قابلة للزراعة أو صحراوية - حماية للأرض المصرية وللأمن القومي. وعلي الرغم مما شاب تنفيذ الإصلاح الزراعي من بعض السلبيات وأوجه القصور، لعل أخطرها كان الاعتماد علي الأجهزة الإدارية للدولة في سبيل ذلك، مما أدي ليس فقط لتعويق استثمار الطاقات الخلاقة للفلاحين وطلائعهم، ولكن أيضا مما مكن الطبقات والفئات المستقلة من الالتفاف حول توجهاته للاستفادة بها بدلامن أصحاب المصلحة الحقيقية من جماهير الفلاحين، علي الرغم من ذلك، كان الإصلاح الزراعي طوال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين جدارا صلبا يستند إليه الفلاحون وهم يكدحون في سبيل توفير غذاء مصر واحتياجات صناعتها. رافعة هامة للتنمية الوطنية، حيث توفر الزراعة النسبة الأكبر من الاحتياجات المحلية، وتصدير كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية بما يدعم تمويل خزانة الدولة من العملات الأجنبية.