رجل الدولة ورجل السياسة    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    رئيس شعبة السيارات: خفض الأسعار 20% ليس قرار الحكومة.. والأوفر برايس مستمر    وداعا لمكالمات المبيعات والتسويق.. القومي للاتصالات: الإيقاف للخطوط والهواتف غير الملتزمة بالتسجيل    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    كشف المجتمع    حين يصل المثقف إلى السلطة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    ابلغوا عن المخالفين.. محافظ الدقهلية: تعريفة التاكسي 9 جنيهات وغرامة عدم تشغيل العداد 1000 جنيه    إنذار واستهداف المعقل السياسي.. كيف يخطط الجيش الإسرائيلي ل احتلال غزة؟    «عنده 28 سنة ومش قادر يجري».. أحمد بلال يفتح النار على رمضان صبحي    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    درجة الحرارة تصل 43.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالاسواق اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم بالسودان ببداية تعاملات الخميس 21 اغسطس 2025    عيار 21 بالمصنعية يسجل أقل مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الهبوط الكبير    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    استشاري تغذية يُحذر: «الأغذية الخارقة» خدعة تجارية.. والسكر الدايت «كارثة»    «لجنة الأمومة الآمنة بالمنوفية» تناقش أسباب وفيات الأمهات| صور    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    حماس: عملية «عربات جدعون 2» إمعان في حرب الإبادة.. واحتلال غزة لن يكون نزهة    الصحة في غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 269 بينهم 112 طفلًا    شراكة جديدة بين «المتحدة» و«تيك توك» لتعزيز الحضور الإعلامى وتوسيع الانتشار    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    زعيم كوريا الشمالية يدعو لتوسيع الترسانة النووية لبلاده    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    السفير الفلسطيني بالقاهرة: مصر وقفت سدًا منيعًا أمام مخطط التهجير    احتجاجات في مايكروسوفت بسبب إسرائيل والشركة تتعهد بإجراء مراجعة- فيديو    طارق سعدة: معركة الوعي مستمرة.. ومركز لمكافحة الشائعات يعمل على مدار الساعة    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    عودة شيكو بانزا| قائمة الزمالك لمواجهة مودرن سبورت    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    وفاة أكثر قاض محبوب في العالم وولاية رود آيلاند الأمريكية تنكس الأعلام (فيديو وصور)    افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاء الرواية العربية: الكتابة بضمير الحياة
نشر في الأهالي يوم 14 - 09 - 2011

عن ثلاثة وسبعين عاما رحل الروائي الكبير خيري شلبي أحد أعمدة الرواية العربية في القرن العشرين، وأحد الذين أسسوا لذائقة روائية مصرية خالصة، هو حكاء الرواية العربية الأول، وعاشق الموروث الشعبي، الباحث في أغواره، والعائش في تفاصيله، الناسج من حكايات الأزمان الغابرة شخصيات تنبض
بالحياة في سياق العمل الروائي.
عاش خيري شلبي حياة مختلفة، ارتضاها لنفسه، فعشقته الحياة - رغم صعوبتها - وعشقها رغم قسوتها، صنع من أوجاعها أحلاما ويوتوبيا ، وأهدته الحياة نعمة الرضا والاختلاف.
إذا كان تميز نجيب محفوظ لأنه أفضل من كتب عن الحارة المصرية - عبر تاريخها المتنوع - فإن خيري شلبي أغزر من كتب عن القرية المصرية، وأكثر الروائيين غوصا في حياة الريف، وأصدقهم، وأقربهم إلي الشخصيات التي كان يكتب عنها، فرغم خياله الجامح لكنه كان يؤمن كثيرا بمقولة: «إن أفضل الكتابة أن تكتب عما تعرف».
وقد عركته الحياة وشاكسته - كثيرا - منذ طفولته بل منذ مولده بقرية «شباس عمير» بمحافظة كفر الشيخ عام 1938، لأسرة ريفية بسيطة كان حلمها الكبير أن تري طفلها المشاكس حافظا للقرآن وأفنديا مثل أولاد البنادر، حيث كانت القرية - في ذلك الوقت - مثلها مثل باقي القري المصرية تكاد تكون نسبة التعليم فيها منعدمة، وقد استبشر أهل القرية - خيرا - بإنشاء أول مدرسة ابتدائية بها وهي «مدرسة عبدالله النديم» التي أنشئت عام 1923، وكان يشرف عليها رجل فاضل من حملة شهادة العالمية الأزهرية وهو الشيخ حسن الزيات.
وكان الأطفال - عادة - ما يذهبون إلي هذه المدرسة وهم حفاة إلا أنه يوم من الأيام جاء إلي المدرسة منشور من وزارة «المعارف العمومية» يطلب من كل تلميذ قرش صاغ من أجل إعطائه حذاء يمشي فيه ولم يكن لدي أسرة خيري شلبي سوي بطة باعتها أمه لتوفير هذا القرش، وهذا ما يشير إليه في آخر مؤلفاته «أنس الحبايب» والذي يروي فيه جزءا من سيرته الذاتية قائلا: «وباعت أمي بطة كانت مرشحة للذبح في موسم عاشوراء، ورغم حزني الشخصي علي البطة فإنني صرت مزهوا بأني دفعت القرش قبل كثيرين غيري لم يقتنع أهاليهم بعد بأن الحكومة يمكن أن يأتي من ورائها رجاء».
ورغم هذه التضحية الكبيرة التي نالت من أحلام الأسرة الصغيرة الفقيرة بأكل لحم البطة في موسم عاشوراء، لكن وزارة المعارف لم تف بوعدها بإحضار الأحذية للتلاميذ رغم حصولها علي ثمنها منهم.
عيون مفتوحة
ورغم ما عاناه خيري شلبي في طفولته من شظف العيش لكنه مضي في طريق الحياة بعيون مفتوحة يلتقط التفاصيل ولا يتركها إلا بعد أن يدونها في ذاكرته الوحشية التي تشبه غابة مليئة بالأشجار وهو وحده الذي يملك حق التجوال فيها والصيد منها والشرب من آبارها العذبة - أحيانا، والمالحة في أحيان أخري.
ربما أحد أسرار تميزه أنه حول هذه المعاناة في الطفولة والشباب من عمله في وظائف مختلفة كعامل زراعي وعامل تراحيل والتدريس إلي أن يصبح كاتبا صحفيا، ورئيسا لتحرير مجلة الشعر حول هذه الرحلة الخصبة والوعرة إلي كتابة تمور بألق الحياة، ليفتح في رواياته ملفات للأرض المصرية وناسها البسطاء الذين همشتهم السياسات الظالمة علي مر العصور، رغم أنهم «ملح الأرض» علي حد تعبيره، ومن يقرأ رائعته «الوتد» والتي حصل بها علي جائزة الدولة التشجيعية عام 1983 سيري البعد الآخر للشخصية الريفية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين بتحولاتها العاصفة، وبراءتها الأسرة، وقوتها الكامنة خلف طيبتها المعهودة.
تأثير حقيقي
وربما لم نجد رواية تمجد شخصية المرأة المصرية الريفية مثل هذه الرواية عبر شخصية «فاطمة تعلبة» والتي قادت أسرتها إلي بر الأمان وكانت مضرب المثل بين أهل القرية والقري المجاورة في التحمل والصبر والقيادة والمشورة.
وهي شخصية حقيقية هي امرأة عم خيري شلبي نفسه «محمد عكاشة»، بل إن من شخصيات الرواية من كان لهم تأثير حقيقي علي الكاتب في طفولته ومنهم «صادق» الذي يقول عنه شلبي: «كان صادق ابن عمي الأكبر محمد عكاشة من ألمع شخصيات طفولتي المبكرة طوال عقد الأربعينيات من القرن العشرين - كان صادق هذا عاشقا للسيرة الهلالية بالإضافة إلي حبه لشعراء الربابة حيث كان هو أيضا قوي الحنجرة كصالح عبدالحي ومحمد عبدالمطلب، عاشق للرواية الشفاهية السردية محبا للشعر وبه تأثر خيري شلبي، كما تأثر بشخصية الشيخ محمد زيدان عسر الذي أمده بكثير من المعارف فكان علي حد تعبيره - يشبه شخصية طه حسين، فكلاهما ضرير يتمتع بثقافة موسوعية فائقة مع الفارق، يقول شلبي عن تأثره بتلك الشخصية - التي كانت قريبة من سنه - مثل «طه حسين» كان الشيخ محمد زيدان عسر مجبولا علي العطاء حتي لمن لا يطلب عونه، وفي شخصية طه حسين ذابت الفروق بين الشيخ طه الأزهري وطه أفندي أو طه بك خريج السوربون، الفرانكفوتي الثقافة إلي تفقهه في ثقافته العربية الأم - وكذلك دون مقارنة - طبعا كان الشيخ محمد زيدان عسر، ذابت في شخصيته الفروق بين الأزهري والأفندي المدني والفلاح القراري والحكواتي الفلكلوري».
ومن مثل هذه الشخصيات وغيرها تعلم «خيري شلبي» حب التراث الشعبي فراح ينهل من معينه مستفيدا من لغته - عبر كتابته الروائية - التي اعتمد فيها علي فكرة الحكاية متضافرة مع نظريات السرد الحديثة، وقد استفاد - أيضا - من خبراته الحياتية في النقطة لتميز الكتابة الروائية عنده وهي «التشكيل البصري» فهو من أقدر الروائيين علي رسم الصورة الروائية الواقعية، يتجلي ذلك في رواياته التي كتبها عبر أكثر من أربعين عاما ومنها «وكالة عطية» و«الأوباش» و«موت عباءة» و«إسطاسية» و«بغلة العرش» و«الشطار» و«سارق الفرح» و«نسف الأدمغة» و«صالح هيصة» و«العراوي» وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.