جمعة تصحيح المسار.. وأحداث العنف الغريبة نخطئ كثيرا إذا ربطنا بشكل تعسفي بين أحداث يوم الجمعة 9 سبتمبر، بدءا بمليونية «تصحيح المسار» في ميدان التحرير، مرورا بالمظاهرة أمام دار القضاء العالي تأييدا لاستقلال القضاء والمظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية وتحطيم «الجدار العازل»، وصولا إلي التظاهر أمام مبني وزارة الداخلية والاعتداء عليه واقتحام مبني السفارة الإسرائيلية. فجمعة تصحيح مسار الثورة التي بدأت صباح يوم 9 سبتمبر واستمرت حتي الساعة السادسة مساء، والتي دعت إليها الجمعية الوطنية للتغيير وحركتا 6 ابريل وكفاية وأحزاب التجمع والجبهة الديمقراطية والكرامة والغد وأحزاب وحركات أخري إضافة إلي ائتلافات الشباب الرئيسية، كانت نموذجا للممارسة الديمقراطية المسئولة، ولم يتخللها أي أحداث سلبية أو مظاهر عنف، وطرحت شعارات صحيحة في مقدمتها المطالبة بجدول زمني لإنهاء الفترة الانتقالية، وإصدار قانون جديد لانتخابات مجلس الشعب يقوم علي مشروع القانون الذي اتفقت عليه الأحزاب والقوي والحركات السياسية، ووقف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وإلغاء كل الأحكام الصادرة من محاكم عسكرية ضد مدنيين وإعادة محاكمتهم أمام القضاء العادي، وإصدار قانون استقلال القضاء، واتخاذ خطوات لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الوطنية المستقلة بدءا بتحديد حد أدني للأجور وحد أقصي وتبني سياسة اقتصادية واجتماعية تقوم علي دور أساسي للدولة - إلي جانب القطاعين الخاص والتعاوني- في الاستثمار والتنمية وتوفير الخدمات السياسية. كذلك فالمسيرات التي توجهت إلي دار القضاء العالي لتأييد القضاة ونضالهم من أجل تحقيق استقلال القضاء، والثانية التي توجهت إلي السفارة الإسرائيلية وحطمت «الجدار العازل»، كانت بدورها ممارسة ديمقراطية سلمية تستحق التحية والتقدير. ولكن هناك ثلاث وقائع تخرج عن هذا السياق الديمقراطي، وتثير القلق وتطرح العديد من التساؤلات: - فالمظاهرة التي توجهت إلي وزارة الداخلية واعتدت علي مبناها من الخارج وهتفت ضد الشرطة، أمر مرفوض ولا علاقة له بالثورة أو الديمقراطية. وعدم قيام الشرطة بواجبها في منع هذا الاعتداء والتصدي للخروج علي القانون أمر لم يعد مقبولا. - واقتحام مقر السفارة الإسرائيلية، وعدم توفير الحماية والأمن لها- وبصرف النظر عن رفضنا والرأي العام لمعاهدة الصلح بين السادات وبيجن والتطبيع مع العدو الإسرائيلي- أمر مرفوض ويؤدي إلي فتح جبهات خارجية في وقت حرج داخليا. - والاعتداء علي مبني مديرية أمن الجيزة خروج بدوره علي الممارسة الديمقراطية ولجوء للعنف في مواجهة أحد أجهزة الدولة المصرية. وترتب علي هذه الأحداث الثلاثة مقتل 3 أشخاص واصابة نحو 1049 شخصا. والتساؤل الرئيسي الآن.. من يقف وراء هذه الأحداث الثلاث التي تستهدف الاساءة إلي الثورة، وتحاول إثارة صدام بين قوي الثورة من ناحية وجهاز الشرطة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة من ناحية أخري، وتعطي الحجة للقوي التي تدعو لإجراءات استثنائية وتفعيل حالة الطوارئ المعلنة منذ 30 عاما؟! إن الاجابة علي هذا السؤال مسئولية المجلس الأعلي للقوات المسلحة وأجهزة التحري والتحقيق، المطالبة بالوصول بسرعة إلي تحديد مرتكبي هذه الأفعال والقوي التي تقف وراءهم.