فشلت في الإجماع علي إضراب 23 مارس والتغلب علي مراوغات الوزير ضاعت مطالب ومصالح أعضاء هيئات التدريس بالجامعات وسط ضجيج الصراعات التي أصابت حركة نوادي هيئات التدريس وتهدد بتصفيتها. استغل د. هاني هلال وزير التعليم العالي رغبات الزعامة والقيادة المتأججة عند بعض رؤساء هيئات التدريس في التدخل لإفساد التحركات الجماعية وتفتيت الموقف الموحد لتصعيد الاحتجاجات اعتراضا علي تردي الأوضاع المالية لأساتذة الجامعات، وتجاهل آراء هيئات التدريس في التشريع المقترح للتعليم العالي، وإهانات الوزير المتعددة لهم. تجاوب الوزير بشكل كبير مع ما طالب به د. أحمد زايد رئيس هيئة التدريس بجامعة القاهرة الذي يمثل حلقة الاتصال الجديدة مع الوزير بعد تنحي د. مغاوري دياب رئيس هيئة التدريس بجامعة المنوفية عن إجراء الاتصالات وترتيب اللقاءات، ووافق الوزير علي كل ما طالب به د. أحمد زايد بعقد لقاء مع رؤساء هيئات التدريس بمكتبه، وعقد لقاء آخر مع جميع أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية يوم «الأحد» القادم بنادي هيئة التدريس بجامعة القاهرة. مطالبات واتصالات د. أحمد زايد بالوزير تمت بناء علي تكليف من المؤتمر العام لهيئات التدريس بالإسكندرية الذي عُقد في 15 فبراير الماضي، فقد أراد د. مغاوري دياب الابتعاد عن الاتصال بالوزير بعد مكالمة تليفونية معه حملت تعنيفا قاسيا من الوزير بدعوي صمت د. مغاوري وعدم مواجهته للانتقادات الحادة التي يتعرض لها الوزير من «أصحاب الرأي» الذين يحضرون مؤتمرات هيئات التدريس، ولأن النوايا غير خالصة والرغبات والأهواء غالبا ما تتدخل في العمل العام بما لا يحقق المصالح العامة فقد جري الاتجاه بالمؤتمر العام الذي عقد بجامعة الأزهر يوم 11 مارس الحالي لرفض لقاء الوزير بمكتبه علي الرغم من مقاطعة غالبية رؤساء هيئات التدريس لهذا المؤتمر، بل للإمعان في إثارة الزوابع والعراقيل، تجاهل أعضاء هيئة مكتب المؤتمر العام دعوة د. أحمد زايد لحضور اجتماع هيئة المكتب يوم 6 مارس مما دفعه لمقاطعة المؤتمر العام.. بالفعل حدث الانقسام بين نوادي هيئات التدريس بحضور غالبية رؤساء هيئات التدريس للقاء الوزير بمكتبه يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، ومقاطعة الأقلية الذين حضروا مؤتمر الأزهر للقاءالوزير وعلي رأسهم القيادات التاريخية لحركة النوادي أعضاء هيئة المكتب د. حسين عويضة رئيس هيئة التدريس بالأزهر ود. مغاوري دياب. أسفر اجتماع الوزير مع رؤساء هيئات التدريس عن تأييد مشروع زيادة الدخول مقابل جودة الأداء والعمل علي تثبيته واستمراره علي الرغم من عدم انتظام صرف الدفعات المالية المستحقة في موعدها والمماطلة في الصرف لحين توافر الاعتمادات المالية، كما لم يفوت الحاضرون الفرصة للإشادة بما تحقق للأساتذة فوق سن السبعين وزيادة حافز البحوث لمعاوني هيئات التدريس. وبحسب البيان الرسمي الصادر عن الاجتماع فإن الوزير أكد حرصه علي تحقيق المكانة اللائقة بأعضاء هيئات التدريس وتوفير مستوي الدخل المناسب بحسن اختيار الوسيلة والأسلوب الذي ساعد علي تحقيق هذا الهدف، في إشارة واضحة إلي ضرورة الابتعاد عن الوقفات الاحتجاجية أو الإضراب. فخ الوزير لقد ترك رؤساء هيئات التدريس المعترضين علي إهدار حقوق أساتذة الجامعات وعلي مراوغات الوزير الساحة خالية للأصوات المؤيدة، وأضاعوا فرصة لمواجهة الوزير بالمطالب الملحة والاعتراض علي أساليب المسكنات والتأجيل والتسويف بمقاطعتهم للاجتماع مع الوزير.. د. عاصم المغربي عضو مجلس إدارة هيئة التدريس بالأزهر حذر من محاولات إضعاف تحركات نوادي هيئات التدريس، قائلا: إذا كا نت دعوة الوزير «الملتوية» لحضور الاجتماع بمكتبه تهدف لكسر وحدة الصف وتفتيت حركة النوادي فإن عدم الحضور يعني المساهمة في تحقيق نوايا الوزير، مؤكدا أن عدم حضور لقاء الوزير خطأ شديد. الالتواء في دعوة الوزير حدث بحسب آراء بعض رؤساء هيئات التدريس الذين حضروا مؤتمر الأزهر «الأقلية» لأن «الدعوة» لم توجه من الوزير مباشرة وإنما جاءت عن طريق د. أحمد زايد، علي الرغم من أن المؤتمر العام السابق بالإسكندرية قد كلف د. زايد بإجراء الاتصالات مع الوزير وتحديد الموعد. يقول د. أحمد زايد: لا ينبغي التوقف عند أمور شكلية لا تقدم ولا تؤخر، وقد كان الوزير علي استعداد لتوجيه الدعوة وطلبت منه أن أتولي هذا الأمر.. يضيف: ليس مهما من الذي وجه الدعوة ولا مكان عقد اللقاء، الأهم ما الذي سنطرحه خلال اللقاء دفاعا عن حقوق أعضاء هيئات التدريس، كما شملت قائمة الاعتراضات علي لقاء الوزير بحسب البيان الصادر عن مؤتمر الأزهر لأن الاجتماع بمكتب الوزير وليس بنادي هيئة التدريس بجامعة القاهرة، أما الاعتراض الأساسي والذي تزعمه د. عبدالله سرور مقرر لجنة الدفاع عن حقوق أساتذة الجامعات «من أصحاب الرأي» لأن الدعوة لم توجه «لأصحاب الرأي» الذين يحضرون المؤتمر العامة لهيئات التدريس. غير أن الوزير تعامل مع تمسك «البعض» بضرورة حضور أصحاب الرأي بشيء من الدهاء والالتفاف بموافقته علي عقد لقاء موسع مع جميع أعضاء هيئات التدريس يوم «الأحد» القادم بنادي هيئة التدريس بالقاهرة يمكن لأصحاب الرأي حضوره باعتبارهم من أعضاء هيئات التدريس، وأصر في ذات الوقت علي عدم دعوة «أصحاب الرأي» للاجتماع بمكتبه لأنهم غير ممثلين لهيئات التدريس ويعبرون عن آرائهم فقط، يعلم الوزير بهذا أنه يضع ألغاما لشق وحدة صف حركة هيئات التدريس بتمسك بعضهم بحضور أصحاب الرأي ومقاطعة اللقاء واستجابة الآخرين لدعوة الوزير وحضور اللقاء من دون أصحاب الرأي لأنهم لا يعبرون إلا عن أنفسهم. بالفعل حدث الانقسام وسقطت حركة هيئات التدريس في الفخ الذي نصبه الوزير بإحكام. علي كل الأحوال كان الوزير يعرف أن الانقسام سيحدث لا محالة، بسبب إحلال د. أحمد زايد مكان د. مغاوري دياب في إجراء الاتصالات مع الوزير، وتأثير مكالمة الوزير العنيفة مع د. مغاوري علي خط سير بعض هيئات التدريس باتجاه التشدد لما له من مكانة وتأثير داخل المؤتمر العام، وسعي الوزير لاستقطاب غالبية هيئات التدريس بالاستجابة لما طالب به د. زايد لتقف في مواجهة الآخرين. الأصوات العالية!! استناد المؤتمر العام في رفض الاجتماع مع الوزير لعدم دعوته «أصحاب الرأي» والتمسك بحضورهم يمثل منعطفا خطيرا يهدد وجود حركة هيئات التدريس التي استطاعت علي مدي العقود الماضية الحصول علي مكاسب عديدة لأعضاء هيئات التدريس، فمنذ أكثر من عام تقريبا ومع ظهور العديد من الحركات الاحتجاجية داخل الجامعات للدفاع عن حقوق الأساتذة والمطالبة باستقلال الجامعات وإيقاف التدخلات الأمنية في شئونها، وافق المؤتمر العام لهيئات التدريس علي ضم رموز من هذه الحركات لعضوية المؤتمر العام تحت لافتة «أصحاب الرأي» هذا الاتجاه تقرر لتقوية حركة هيئات التدريس ببعض الآراء المعارضة للنظام الحاكم والتي هددت بتصعيد الاحتجاجات من أجل الاستجابة للمطالب. أيضا لاستيعاب هذه الحركات الاحتجاجية في إطار شرعي إذا كانت دوافع ضم «أصحاب الرأي» مقبولة في مجملها إلا أن انضمام «أصحاب الرأي» يجب ألا يعرقل أداء حركة هيئات التدريس، ويعوق تفاعل ومواجهة ولقاء رؤساء هيئات التدريس مع الوزير المختص، فلا يمكن أبدا الخضوع للأصوات العالية لأصحاب الرأي ومسايرتهم في تمسكهم بحضور اجتماع الوزير بمكتبه خاصة أنه مطلب غير حيوي استغله بعض أصحاب النوايا السيئة من رؤساء هيئات التدريس للدفع نحو مقاطعة لقاء الوزير لأسباب ترجع بالأساس لانحسار دورهم.. الأصوات العالية يجب أن توجه للمطالبة بحقوق الأساتذة والتمسك باستقلال الجامعات وليس التمسك بحضور لقاء مع الوزير. لقد أصبح الأمر أشبه بمن استعان بآخرين لدعمه ومؤازرته فتحولوا لعبء يعرقل تحركه وانطلاقه، لقد أصر الوزير علي عدم حضور أصحاب الرأي للاجتماع بمكتبه لشعوره بتطاول أحدهم عليه ووصفه بأنه مفلس ماديا وفكريا في أحد مؤتمرات هيئات التدريس، غير أن الوزير بالطبع لا يعلن هذا ويبرر عدم دعوته لهم بأنه ملتزم فقط بالجلوس مع الممثلين الشرعيين لأعضاء هيئات التدريس وهم رؤساء هيئات التدريس، ولا شيء يلزمه إطلاقا للجلوس مع أصحاب الرأي خاصة أن بينهم ممثلين لجماعة الإخوان المسلمين. مبررات الوزير تحظي بالرضا والقبول من النظام الحاكم وعلي وجه الخصوص لرفضه الجلوس مع الإخوان المسلمين، وقد شهد المؤتمر الأخير بالأزهر بالفعل حضور د. جمال حشمت القيادي بجامعة الإخوان المسلمين ومعه د. طارق الدسوقي طب المنصورة من عناصر الجماعة، لذلك لم تنجح محاولة د. مغاوري دياب للفصل بين الوزير والنظام الحاكم عندما قال خلال المؤتمر الأخير إن السيد الوزير يحاول الوقيعة بين أعضاء هيئات التدريس والدولة بادعائه أن نوادي هيئات التدريس تثير الشغب وتخلق المتاعب، ويجب أن نفصل بين الدولة والوزير، حيث انفعل د. جمال الدين عبدالحي - عضو مجلس إدارة بالأزهر - معترضا علي محاولة الفصل مؤكدا أن الوزير والنظام الحاكم شيء واحد لا يمكن الفصل بينهما، إلا أن البيان الصادر عن المؤتمر انحاز لتوجه د. مغاوري دياب بالإشارة إلي ترك «أمر الوزير» للقيادة السياسية لتقدير ما إذا كان أسلوبه وسياساته تتمشي مع مهامه التي تضطلع بها وزارته من عدمه، فيما يشبه تقديم شكوي ضد الوزير للرئيس!!. القوة الحقيقية ترتب علي حدوث الانقسام بين هيئات التدريس عدم الإجماع علي الالتزام بما قرره مؤتمر الأزهر بالتوقف عن دخول المحاضرات والمعامل لمدة ساعة أمس «الثلاثاء» بما يهدد الإضراب بالفشل، بل إن مجلس إدارة نادي هيئة التدريس بجامعة القاهرة أصدر بيانا يعلن فيه عدم المشاركة في أي إضراب أو وقفات احتجاجية مشيرا إلي التبرؤ من الاحتجاجات احتراما لقدسية مهنة التدريس ومراعاة للمسئولية الأخلاقية والأدبية التي يلتزم بها أعضاء هيئة التدريس تجاه الطلاب والمجتمع، وتضيع صرخات د. محمود دنقل رئيس هيئة التدريس بجامعة جنوبالوادي بضرورة اتخاذ موقف احتجاجي موحد اعتراضا علي تلاعب الوزير بأساتذة الجامعات ووضعهم دائما في أوضاع غير لائقة بالإلحاح لتحسين أوضاعهم المادية، حيث لم يتم صرف سوي ثلاث دفعات فقط من المستحقات المالية حسبما يقول د. دنقل وتأخر صرف دفعات مالية مستحقة عن العام الدراسي الماضي والدفعة الأولي من العام الحالي علي الرغم من اقتراب العام الدراسي من نهايته.. لقد سبق أن حذر د. عادل عبدالجواد الرئيس السابق لنادي هيئة التدريس بجامعة القاهرة من اللجوء للاستعانة بأصحاب الرأي لتقوية حركة هيئات التدريس، معتقدا أن عوامل القوة يجب أن تنبع من داخل الحركة عن طريق اختيار رؤساء أندية هيئات التدريس بالانتخاب من القاعدة العريضة لأعضاء هيئات التدريس لتوسيع التواجد داخل الجامعات» انتقد د. عبدالجواد بقاء رؤساء بعض الأندية لفترات طويلة في موقع الرئاسة سواء بإجراء انتخابات صورية وتستيف الأوراق أو بالتعيين، مما دفع البعض من داخل حركة هيئات التدريس للمساهمة سواء بالدعم أو الصمت في استبعاده من رئاسة هيئة التدريس بالقاهرة بتدخلات أمنية وإدارية فاضحة، ليأتي مجلس إدارة جديد لهيئة التدريس بالقاهرة يري أن الصورة المثالية للأستاذ الجامعي لا تحتمل اندماجه ضمن الحركات الاحتجاجية ولا تتناسب مع مشاركته في إضراب أو اعتصام. كان د. عادل عبدالجواد يؤكد دائما أهمية امتلاك عناصر القوة قبل تصعيد الاحتجاجات عن طريق حشد أعضاء هيئات التدريس أولا من خلال الجمعيات العمومية لمشاركتهم في اتخاذ القرار لضمان فاعليته وتنفيذه، غير أن هيئة مكتب المؤتمر العام تتصرف بشكل مغاير بجلوس الأعضاء معا وإعلان جدول لتصعيد الاحتجاجات بالاعتصام ثم الإضراب ثم الامتناع عن أعمال الامتحانات وبتوقيتات محددة، كل هذا التصعيد علي الورق فقط ودون مشاركة وتشاور مع قواعد هيئات التدريس بالجامعات، ترتب عليه مقاطعة غالبية رؤساء هيئات التدريس للمؤتمر العام الأخير بالأزهر، ليحدث التفتت والانقسام، سألت عضوا بارزا في المؤتمر العام.. لماذا هذا الأسلوب في الإعلان عن تصعيد الاحتجاجات دون حشد حقيقي وتنظيم واقعي للاعتصام أو الإضراب أو الوقفات الاحتجاجية؟! رد بسرعة: «إحنا بنهوّش الحكومة علشان يستجيبوا لمطالبنا»، هل بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب تحقق حركة هيئات التدريس مطالب أساتذة الجامعات؟!.