بعد اختيار د.حازم الببلاوي في حكومة د.عصام شرف الثانية كنائب ووزير مالية بالاضافة الي المهمة الوزارية الجديدة التي تم اسنادها الي د.علي السلمي نائب رئيس الوزراء وهي وزارة قطاع الاعمال العام اصبحت المجموعة الوزارية الاقتصادية في وجود د.جودة عبدالخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية مزيج بين اتجاهات اقتصادية مختلفة ، ليبرالية شديدة بما تحمله من اخضاع كل شيء لاليات السوق الحر، العرض والطلب واتجاه اقتصادي اخر يقوم علي مراعاة حقوق الطبقة المتوسطة والفقيرة ومحدودي الدخل والسؤال الان هل تستقيم السياسات الاقتصادية في ظل تنوع تلك الاتجاهات والمذاهب المختلفة؟ لعل الجميع يتذكر جيدا عملية اعداد الموازنة العامة للعام المالي الحالي وما تعرضت له من حذف واضافة بسبب الموقف من العجز المتوقع في تلك الموازنة وكيف اعترض عليها المجلس الاعلي للقوات المسلحة اكثر من مرة بعد ان اكد ان التوجهات العامة تقوم علي عدم الاقتراض حتي قامت الحكومة بتخفيض الانفاق العام الي 490 مليار جنيه بدلا من 517 مليار جنيه، وهو ما يعني خفض العجز بنسبة 27 مليار جنيه ليكون اجمالي العجز النقدي عند حد 134.5 مليار جنيه بدلا من 170 مليار جنيه اي حولي 8.6 % من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة بحوالي 9.5% عجزا متوقعا هذا العام . والغريب ان هذا الاجراء صاحبه الاعلان عن تراجع الحكومة عن الاقتراض من صندوق النقد الدولي لكن ما ان تولي د.حازم الببلاوي مهام منصبه حتي كان له رأي اخر مختلف وفي الوقت الذي لم ينف فيه اتجاه مصر الي احتمال الاقتراض من صندوق النقد الدولي التزاما بما اعلنه وزير المالية السابق الا انه ابدي رغبة غير صريحة حول لماذا لا تستفيد مصر من عضويتها في الصندوق في صورة قروض بل اكد د.الببلاوي امكانيه الاقتراض من الصندوق بقيمة ثلاثة مليارات دولار التي تفاوض عليها سلفه د.سمير رضوان. وفي محاولة لطمأنة المستثمرين قال ان مصر ملتزمة باقتصادات السوق الحر. وعلمت "الاهالي" ان العجز البالغ 134.5 مليار جنيه والذي يتم تمويله من الاقتراض الداخلي بواقع 120 مليار جنيه اما النسبة المتبقية وهي 14.5 مليار جنيه من المنح سواء كانت من جهات داخلية او خارجية اصبح متوقفا الان علي جدية العروض التي تقدمت بها بعض الدول الخليجية والغربية وفي حال تأخر هذه التعهدات قد تتحقق توقعات الببلاوي بالاقتراض من صندوق النقد الدولي. لكن هناك اتجاها اقتصاديا اخر يمثله د.جودة عبدالخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية ويقوم علي ضرورة ان يشعر المصريون بالنمو الاقتصادي وينعكس علي حياتهم المعيشية فليس من المعقول ان تقوم السياسات الاقتصادية علي "تأليه" النمو دون ان يشعر به المواطنون .كما انه الوزير الذي اشترط عند قبوله الوزارة ان تحمل اسم العدالة الاجتماعية كما تبني سياسات اعادة النظر في الدعم الذي تقدمه الدولة وجهود مراجعة وهيكلة الدعم في بعض القطاعات وتحويلها الي بعض القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم حتي اعتمدت الحكومة خطة خفض دعم المواد البترولية من 99 مليار جنيه، الي 95,5 مليار جنيه وعلي أن يتم تحويل الوفورات لأنواع أخري من الإنفاق تتسم بمردود اجتماعي فعلي، أو لخفض عجز الموازنة. وقد بدأت الحكومة بالفعل اتخاذ إجراءات عملية في هذا الاتجاه حيث وافق مجلس الوزراء علي البدء في تحويل المخابز وقمائن الطوب للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من السولار، أو البوتاجاز الذي كان يتم تهريبه بكميات ضخمة جداً خاصة لتشغيل قمائن الطوب. كما وافق علي أن يتم توريد البوتاجاز للمنشآت التجارية والسياحية بأسعار تكلفتها طالما أنها تقدم خدماتها بالأسعار التجارية ولا تقدم في النهاية سلعا مدعومة للمواطن. ومن المتوقع أن تحقق هذه الإجراءات وفورات في حدود 3,5 مليار جنيه خلال العام المالي علي أن يرتفع هذا الوفر إلي ما بين 5 - 5,5 مليار جنيه اعتباراً من العام المالي التالي عند الانتهاء من تحويل جميع المخابز للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من السولار. لكن خلال الفترة القادمة ربما يكشف الاداء الاقتصادي عما اذا كانت السياسات الاقتصادية تسير في الاتجاه الصحيح خاصة اذا علمنا ان جودة اشترط العدالة الاجتماعية في حين ان الببلاوي اشترط ما هو اكثر في الاشراف علي جميع الوزارات الاقتصادية.