تعرب المنظمات غير الحكومية الموقعة أدناه عن قلقها الشديد من استمرار نفس النهج الذي كان يتبعه النظام السابق في التعامل مع المنظمات غير الحكومية، فتم استبعادها من أغلب دوائر الحوار التي شكلتها الجهات القائمة علي إدارة البلاد، وأيضا لم تتم الاستجابة حتي كتابة هذه السطور للطلب الذي تقدمت به 70 منظمة غير حكومية هم أعضاء في حملة " حرية التنظيم " لمقابلة وزير التضامن والعدالة الأجتماعية د/ جودة عبد الخالق بشأن إدارة حوار و مد جسور التواصل مع الوزارة الجديدة. كان من المتوقع أن تقوم الحكومة بمد جسور التواصل مع المنظمات غير الحكومية، وفتح حوار مجتمعي جاد مع هذه المنظمات بهدف دعم حركة الجمعيات والمؤسسات الأهلية، كشريك وفاعل أساسي في بناء وتنمية مجتمع حامل لقيم وتطلعات ثورة 25 يناير العظيمة. لكن ما حدث هو استمرار نفس السياسات البيروقراطية القمعية التي كان يتبعها النظام السابق، و هناك عدد من الوقائع التي تمثل انتهاكا لحرية تأسيس وإشهار المنظمات غير الحكومية، فضلا عن تأخر ورفض الموافقات علي تمويل المشروعات وكان أخرها رفض وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية جائزة حصلت عليها مؤسسة المرأة الجديدة من منظمة الرابطة العالمية للمواطنين ( سفيكس) وتحمل اسم " نلسون منديلا"، وشن الاتهامات وعمليات التشويه المرسلة فقام رئيس مجلس الوزراء عصام شرف بتشكيل لجنة برئاسة وزير العدل لتقصي الحقائق حول التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية، فضلا عن قيام وزير التضامن الاجتماعي د/ جودة عبد الخالق بالتصريح في الصحف أيضا عن تشكيل لجنة ثانية لذات الغرض، بالإضافة إلي قيام بعض الجرائد والمجلات بشن حملة ضارية علي الجمعيات الأهلية علي خلفية التمويل الأجنبي. تري المنظمات غير الحكومية أن الطريقة التي تتشكل بها هذه اللجان هي ذاتها نفس الطريقة التي كان يتبعها النظام السابق في التعامل مع المنظمات غير الحكومية، فلم تتم الإشارة إلي المهام الواضحة والمحددة لهذه اللجان، وما هو دورها و لماذا تشكلت، بينما تخضع عملية تلقي المنظمات للتمويلات لضوابط قانونية عديدة، فضلا عن أن مثل هذه اللجان يعلن عن تشكيلها في الوقت الذي تتعرض فيه المنظمات غير الحكومية لاتهامات مرسلة بشأن ارتباطها بالخارج، وإعادة نفس الاتهامات التي كان يروجها النظام السابق " العمالة وانتهاك السيادة الوطنية !!!. تؤكد المنظمات الموقعة أدناه أهمية الدور الذي قامت به علي مدي أكثر من عشرين عاما في إطار أكثر النظم قهرا واستبدادا بتوعية و تمكين المواطنين من الحصول علي حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية، فضلا عن قيام هذه المنظمات باتخاذ مواقف حاسمة وواضحة ضد سياسات الهيمنة الأمريكية، وضد الاحتلال الصهيوني للأراضي المحتلة، لعل أبرزها مؤتمر ديربان للعنصرية في عام 2001 وأدانت موقف النظام السابق في انصياعه الشديد للإرادة الأمريكية. يطالب الموقعون علي هذا البيان حكومة الثورة برفع يدها عن الجمعيات الأهلية ونشطاء حقوق الإنسان في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد لتنهض بدورها في البناء والتغيير وتساعد علي الانتقال السلمي والسلس للسلطة إلي حكومة مدنية منتخبة في انتخابات حرة ونزيهة، ويطالبها بفك الحصار عن مؤسسات المجتمع المدني وتغيير قانون 84 لسنة 2002 ليحرر العمل الأهلي من قبضة الجهات الإدارية ويؤكد أن أي اتجاه للتشديد من أحكام هذا القانون سيضر بالمصالح العليا للبلاد في الوقت الحالي.. ووقعت علي هذا البيان خمسة عشر منظمة. وفي هذا السياق كانت نولة درويش رئيس مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة قد أرسلت خطابا للدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية هذا نصه. بالإشارة إلي الخطاب الموجه من الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات إلي السيد مدير مديرية التضامن والعدالة الاجتماعية بالجيزة بتاريخ 16/6/2011 (مرفق) والخاص بالجائزة التي شرفت مؤسسة المرأة الجديدة بالحصول عليها من منظمة الرابطة العالمية للمواطنين (سيفكس) والتي تحمل اسم الزعيم الدولي نلسون مانديللا، نود أن نفيد سيادتكم بما يلي: أولا: إن نص الخطاب المذكور أعلاه لا يختلف في شئ عن نص أي مكاتبات سابقة لثورة 25 يناير سواء في الشكل أو في المضمون؛ إذ يذهب الخطاب بالحرف الواحد إلي أنه "تبين ضمن المرفقات (مقترح المشروع) الإفادة بأنه تم تسريب معلومات حول انتهاء وزارة التضامن من مشروع جديد للجمعيات الأهلية وأن هذا القانون يعتبر أكثر قمعية من القانون القمعي الحالي"؛ وهي التسريبات الواردة منذ بدايات عام 2007 والتي اكتنفها كثير من الغموض و"بالونات الاختبار" علي غرار جميع القرارات المصيرية في حياة هذا الوطن مما تبناه النظام السابق، وهو المنهج الذي ما زالت تسلكه الحكومة الحالية بكل أسف، ضاربة بعرض الحائط المطالب المشروعة للشعب المصري التي مات من أجلها مئات المواطنات والمواطنين. والواقع أن هذه "التسريبات" قد دفعت مؤسسة المرأة الجديدة إلي المناداة بحملة من أجل حرية التنظيم بدأتها في مطلع عام 2007 بما لا يزيد علي 14 منظمة تطورت الآن لتضم ما يزيد علي 80 منظمة فيما بين منظمات حقوقية وتنموية تنتمي إلي محافظات متعددة. وهذا الأمر - إن كانت له دلالة - فإنما يدل علي الرغبة العارمة لدي المواطنين المصريين في المشاركة في المجال العام، وفي التمتع بحرية الحركة من أجل المضي قدما في سبيل النهوض بوطننا مصر. ثانيا: إن قراءة الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات التابعة لوزارتكم الموقرة قد اكتشفت أن المشروع (وليس الجائزة) يستهدف "الدفع نحو إصدار قانون ينظم العمل الأهلي وفقا للمعايير الدولية"؛ ويؤسفنا شديد الأسف أن تكون هذه النقطة ضمن المآخذ التي تؤخذ علي أهدافنا؛ فالأصل - كما نعتقد - هو التزامات مصر الدولية، ونعني هنا الاتفاقيات التي انضمت إليها مصر وقررت أن تكون جزءا من المنظومة الدولية بمقتضاها؛ فإذا كان هناك غبار في استهداف سن القوانين التي تتوافق مع المعايير والشرعية الدولية، فإن الأمر برمته يشير إلي انحراف في مسار ثورتنا العظيمة. ثالثا: ارتأي الخطاب المذكور أن السعي إلي التأثير علي الأحزاب السياسية والنقابات والبرلمانيين من الأنشطة ذات الطابع "السياسي" التي يحظرها قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية (رقم 84 لعام 2002)؛ وهو القانون الذي ظل غير محدد في مسمياته حتي يفتح الباب أمام أي نوع من أنواع الملاحقات التي تتعرض لها منظماتنا؛ والجدير بالذكر هنا إننا - حينما أزف موعد توفيق الأوضاع - تقدمنا بملفنا إلي وزارة التضامن (الشئون الاجتماعية سابقا) بتاريخ 4/6/2003 وجاءنا الرد بتاريخ 6/6/2003 (أي بعد انقضاء المدة المقررة قانونا، وبموجب القانون نفسه الذي نناهضه) لإعلامنا بالاعتذار عن التسجيل "لاعتراض الجهات الأمنية"؛ وهو ما أثار حفيظة واعتراض دوائر حقوقية - بل أهلية كثيرة - علي امتداد مصر وخارجها. كما أنه يجدر التذكير بأننا قد أقمنا في حينه دعوي قضائية علي الوزارة انتهت بفوزنا بالحق في الإشهار في الشق المستعجل وفي المضمون معا. رابعا: كنا نعتقد أن الأمور قد تغيرت بعد الخامس والعشرين من يناير 2011، وأن هناك واقعا جديدا يحكم مصر؛ ولكن للأسف، تبين لنا أن تلك كانت أمنيات لم تتحقق بعد، وهذا سيدفعنا إلي مزيد من النضال ضد القوانين والممارسات القمعية التي تشكو الجهات الإدارية من ذكرنا لها في مقترح المشروع الخاص بالجائزة المشار إليها سابقا، والتي هي واقع يعلمه كل مصرية ومصري، وأكد عليه وزير التضامن الاجتماعي السابق في أكثر من حديث صحفي موثق. خامسا: إن حصول أي منظمة أهلية مصرية علي جائزة تحمل اسم "نلسون منديللا" لهو شرف علي جبين مصر لا نتخيل أن تطالب أي جهة - مهما كانت - برفضه أو بتعديل بنوده تحت أي مسمي من المسميات. معالي الوزير، نتمني أن تعيدوا النظر فيما ورد إلينا، فهو لا ينتقص من مؤسسة المرأة الجديدة بقدر ما يطعن في مصداقية وزارتكم. كما نتمني أن تلبوا الطلب الذي طالما تقدمت به "حملة حرية التنظيم" بلقائكم كي يتسني لنا عرض وجهة نظر ممثلي الحملة عليكم. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام، نولة درويش رئيس مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة