عشية الثورة و مع تصاعد حالة الحراك السياسي والاجتماعي كانت المنظمات غير الحكومية في قلب المشهد ونشطائها وناشطاتها في جميع الاعتصامات والاحتجاجات من أجل تقديم الدعم والمساندة ، أيضا الكشف عن الانتهاكات المختلفة التي يتعرض لها المواطنين والمواطنات في قضايا كانت بمثابة خط أحمر، و الاقتراب منها يعتبر نوع من المجازفة مثل مراقبة الانتخابات و رصد عمليات التزوير، و قضايا التعذيب، والاحتجاجات العمالية والفلاحية التي يتم الاصطدام فيها بشكل مباشر مع أزرع الدولة الاستبدادية و رموز الفساد والاستغلال. دفعت هذه المنظمات فاتورة انحيازها الواضح للدفاع عن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية، وتعرضت بعض المنظمات للإغلاق، والتشهير، والمنع من السفر، والتضييق على ممارسة الأنشطة مع أطلاق الشرارة الأولى لثورة 25 يناير 2011 كانت المنظمات غير الحكومية في قلب التحرير يشارك أعضائها في التظاهر والهتافات، وعمليات التنظيم لحماية الميدان، هناك منظمات فتحت مقراتها لاستقبال المتظاهرين والمتظاهرات والجرحى والجريحات، وتشكيل غرف عمليات لمتابعة الاعتقالات، و إصدار البيانات لدعم مطالب الثورة المشروعة،و منظمات أخري احتضنت اللجان الشعبية و الشبابية، و تواصلت معها، وقدمت المنظمات غير الحكومية رؤي و مقترحات لإدارة المرحلة الانتقالية، وسعت إلى طرح رؤيتها على جميع دوائر الحوار والرأي العام، فضلا عن استمرارها في القيام بدورها في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية. وكان من المنتظر والمتوقع أن تتغير سياسات التعامل مع المنظمات غير الحكومية فهناك فرق بين منظمات تعمل في إطار نظام استبدادي ينتهج سياسة عدائيه و قمعية في التعامل مع المنظمات و جميع روافد المجتمع المدني ، ومرحلة الثورة، لكن ما حدث هو استمرار نفس السياسات البيروقراطية و هناك عدد من الوقائع التي تمثل انتهاكا لحرية تأسيس وإشهار المنظمات غير الحكومية،و تأخر الموافقات على تمويل المشروعات مما تؤثر بشكل سلبي على الحراك والنشاط الأهلي، ولا يمكن عزل ذلك عن حالة التجاهل العام لمنظمات المجتمع المدني من قبل صناع القرار، و الاستبعاد الملحوظ لهم من أغلب دوائر الحوار إن استمرار هذه السياسات أمر يثير القلق البالغ، وأيضا لا يتناسب مع ما يجري في مصر الآن من تحول إيجابي نحو إطلاق حرية تشكيل النقابات والأحزاب وإصدار وسائل الإعلام المستقلة وما يزيد الأمر تعقيدا عدم استجابة وزير التضامن والعدالة الاجتماعية لطلب رسمي مقدم له منذ خمسة عشر يوما من سبعون منظمة غير حكومية من محافظات مختلفة، و تنوعت بين منظمات حقوقية وتنموية و محلية، لمقابلة الوزير و حتى الآن لم تتلق هذه المنظمات رد على هذه الرسالة. رغم ما لدى الوزير من مهام عديدة، وانشغاله بمسئوليات بالغة الأهمية تتعلق بتفاصيل حياة المواطن اليومية كان من المنتظر والمتوقع أن يقوم وزير التضامن بهذه المبادرة ويطلب عقد لقاء مع المنظمات غير الحكومية، من أجل بحث دعم حركة الجمعيات والمؤسسات الأهلية كشريك وفاعل أساسي في بناء وتنمية مجتمع حامل لقيم وتطلعات ثورة 25 يناير العظيمة، وذلك على غرار ما قام به وزير القوى العاملة بأنه عقد لقاءات مع المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الدفاع عن الحقوق العمالية، وتعهد لهم بأن تكون هناك لقاءات شهرية بين الوزارة والمنظمات و أصحاب الأعمال و التنظيمات النقابية، أيضا عقد وزير التعليم لقاء مع المنظمات العاملة على قضايا التعليم، واستمع لهم و مد جسور التواصل معهم. أن الدولة المدنية وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية ، لم تتحقق بدون مجتمع مدني قوى، والمنظمات غير الحكومية أساس هذا المجتمع المدني،و تحرص المنظمات على القيام بدورها وتتطلع للقيام بهذا الدور في ظل حكومة ثورة تضم الكثير من الوزراء دافعوا من خلال نضالهم الطويل عن الحريات العامة، وفي القلب منها حرية التنظيم، وبناء عليه تنتظر المنظمات رد من الوزير على خطابهم.