الحاجة إلي «إعادة هيگلة النظام الصحي» في مصر في المرحلة الجديدة أكدت د. مني مينا المتحدث الرسمي باسم أطباء بلا حقوق أن ميزانية الصحة الجديدة التي تم إقرارها بعد ثورة يناير لم تزد نسبة الأدوية فيها سوي نصف مليار جنيه مصري بمعني أنه زاد نصيب كل مواطن في السنة كلها 10 جنيهات فقط وهو مبلغ ضئيل جدا فهذه الزيادة إما تمتصها زيادة أسعار الأدوية أو تكون أكثر منها وهي معلومة وصفتها مينا «بالمحبطة جدا». وتقدمت د. مني بالعديد من الاقتراحات لتحسين الصحة في مصر علي رأسها تحسين حالة الطبيب نفسه ومضاعفة الإنفاق علي الصحة وهو ما يتسق مع المذكرة التي تقدم بها د. محمد حسن خليل المنسق العام للجنة الحق في الصحة إلي وزير المالية د. سمير رضوان أطلعه فيها علي قرارات الجمعية العمومية غير العادية لنقابة أطباء مصر والتي انعقدت في 25 مارس الماضي وقررت تشكيل وفد لمقابلة د. عصام شرف رئيس الوزراء لتوصيل مطالب الأطباء له وبعد إجراء المقابلة في 18 أبريل تناولوا خلالها عدة موضوعات خاصة بسياسة الدولة المالية وعلاقتها بالأطباء وقرر رئيس مجلس الوزراء عقد لقاء للجنة مع وزير المالية لتوصيل تلك المطالب وهي رفع إجمالي الإنفاق علي الصحة من 5.4% حاليا إلي 15% من الإنفاق الحكومي، خاصة بعد توقيع مصر علي مقررات قمة الألفية للأمم المتحدة والتي نصت علي ألا يقل الإنفاق علي الصحة عن 15% من إجمالي الإنفاق الحكومي إلا أن توزيع بنود الميزانية خلال الأعوام الأخيرة أظهر حقيقة تدهور الأوضاع الصحية في مصر حيث قل فيها الإنفاق آخر 5 سنوات لأقل من 5% حيث كانت آخر موازنة للعام الحالي 2010/2011 الإنفاق علي وزارة الصحة 19 مليار جنيه من إجمالي استخدامات الموازنة المقدرة ب 481 مليار جنيه بنسبة 9.3%، أيضا طالب د. محمد حسن خليل بإعادة هيكلة الأجور لكل العاملين بما فيهم العاملون في القطاع الصحي من أطباء وتمريض وفنيين وإداريين، حيث يعود الخلل الفادح فيه إلي الأجر الثابت والأجور المتغيرة وعائد صناديق الفساد الخاصة في مصر وأخيرا طالبه بموقع لائق للأطباء في ذلك الهيكل بما يتناسب مع وضعهم الاجتماعي وبتراكم كل هذه المشكلات يسوء الوضع الصحي في مصر. العجز وقد تحدث عدد كبير من الأطباء والناشطين عن مشكلات الصحة في مصر بما فيها التأمين الصحي الحالي خلال المؤتمر الذي عقد الخميس الماضي بنقابة الصحفيين تحت عنوان «مستقبل النظام الصحي في مصر بعد الثورة»، وطالب خلاله د. محمد حسن خليل استشاري القلب بالتأمين الصحي ومنسق حركة الحق في الصحة بإعادة بناء النظام الصحي بعد ثورة يناير والذي يعاني من مشكلة التمويل حيث اقتصر الإنفاق الحكومي علي 6.4% من إجمالي الإنفاق الحكومي شاملا 9.3% لوزارة الصحة والباقي لوزارة التعليم العالي لتمويل المستشفيات الجامعية، أيضا تحدث د. حسن عبدالفتاح رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي سابقا وقال إن المظلة التأمينية الحالية تشمل 58% من شرائح المجتمع المصري وأن عدد المؤمن عليهم حوالي 45 مليونا وأن إجمالي «العجز» مليار جنيه ولهذا اقترح نظام اشتراكات جديد وضخ موارد جديدة للهيئة لرفع كفاءة تقديم الخدمات وأشار إلي أن مقترح القانون الجديد للتأمين الصحي يتنصل من الحماية الاجتماعية والدعم، واقترح عبدالفتاح اشتراكات عادلة وتصاعدية وفق قدرة الأفراد لإحداث عدالة في مشاركتهم في تمويل النظام الصحي بجانب إعطاء اهتمام أكبر لخيارات المرضي وحتمية الاستجابة لتطلعات المجتمع إذا أردنا نظاما صحيا جيدا في مصر. قرارات سرية فيما قدمت د. كريمة الحفناوي الناشطة السياسية ورقة من إعداد د. يحيي طلموم تحدثت خلالها عن الغطاء الاجتماعي والخصخصة وتقسيم التأمين الصحي إلي تجاري واجتماعي، حيث جاء تطبيق خصخصة التأمين الصحي منذ عام 1998 وكان من شروط البنك الدولي علي مصر ممثلا عن دول المانحين فأنشأت الشركة القابضة للتأمين الصحي بقرار رقم 237 لسنة 2007 وكانت هذه هي البداية حيث جاءت خصخصة العمليات والتعامل مع الصيدليات والقطاع الخاص وباتباع سياسة «القرارات السرية» التي سبقت الثورة داخل المستشفيات تم تمرير الكثير من الإجراءات حيث توقفت العيادات عام 2010 عن إجراء عمليات بعينها وتنصلت الدولة من تحمل تكاليفها وفي إحدي قضايا القضاء الإداري والتي رفعتها لجنة الدفاع عن الحق في الصحة ضد قرار إنشاء الشركة القابضة أناط المشرع بالهيئة عملية التمويل والخدمة وأكد أنه لا يمكن الفصل بينهما وأن الحق في الصحة حق إنساني. فيما قارنت د. مني مينا خلال هذا المؤتمر بين الوضع الصحي في مصر قبل الثورة وبعدها وتحدثت عن سوء ظروف الأطباء وعندما حاولوا الشكوي منذ عام 2007 سلطت الحكومة الضوء علي أخطائهم بشكل مبالغ فيه، وأشادت مني مينا بإضراب الأطباء في 10، 17 مايو الماضي من أسوان إلي الإسكندرية وهو الذي جاء كرد فعل لمعاناة الأطباء المتراكمة ورفعوا خلاله سقف مطالبهم لفرط أحلامهم بعد ثورة يناير وتحدثوا عن رفع الميزانية إلي 15% وتطهير الوزارة من الفساد ونبهت مينا إلي أهمية تدريب الأطباء إذا كنا نبحث عن إمكانية تحسين الصحة في مصر، وتحديث مجال التعليم وتوفير «وقت» لطبيب الامتياز والذي يعمل كعامل متخف يوصل أفلام الأشعة وعينات الدم من قسم إلي آخر وهو ما يضيع عليه الوقت والجهد وطالبت مني مينا بأجور عادلة للطبيب. سلعة فيما اعتبر د. علاء غنام مدير برنامج الصحة في المبادرة الشخصية للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن 50% من المصريين يتمتعون بحماية صحية «شكلية» تفتقد إلي الجودة والقطاع الأكبر المتعرض لها هم طلاب المدارس، لذا دعا إلي إتاحة الخدمة الصحية للمصريين بقدر متساو ودون تمييز خاصة أن الريف وصعيد مصر يفتقدها بشدة ويضطر المواطن أن يحضر من أسوان للحصول عليها ولهذا فمصر بحاجة لإعادة هيكلة النظام الصحي بمنهج قائم علي أن الرعاية الصحية حق وليس مجرد «سلعة»، وذلك باكتشاف كوادر نوجهها لهذا، وإتاحة حلول مالية وجغرافية لتقديم الخدمة والإنصاف بمعني عدالة توزيع الخدمة الصحية بلا تمييز للنوع، والجنس أو العرق أو الدين، وأضاف غنام أن مصر لا يوجد بها مستشفي حاصل علي شهادة اعتماد جودة إلا مستشفي واحد فقط هو «دار الشفاء» من 1200 مستشفي وهو ما يظهر حجم المشكلة الصحية في مصر والتي دلل عليها بالتعامل السييء مع شهداء وجرحي 25 يناير. وهاجم د. عبدالمنعم عبيد التأمين الصحي التجاري طارحا نماذج غربية له ومنها النظام الأمريكي والذي يعاني فيه الأمريكان وحاول أوباما إصلاحه حيث يحصل علي الخدمة الصحية 100 مليون أمريكي فقط من 300 مليون أما الباقي فجزء يستطيع توفيرها لنفسه والآخر لا يستطيع، أيضا شرح النظام البريطاني وقال إن السوق «الجهنمي» للتأمين الصحي التجاري قائم علي التربح الكامل وفصل التمويل عن الخدمة معتمدا علي الخدمة الفاخرة وهو ما لا يتناسب مع مصر.