وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    البطاطس ب10 جنيهات.. أسعار الخضراوات والفواكه بأسواق كفر الشيخ    وفاة كبير مساعدى زعيم كوريا الشمالية.. وكيم جونج يرسل إكليلا من الزهور للنعش    باحث أمريكي: كيف يمكن الحفاظ على استقرار العلاقات بين الصين واليابان؟    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    لاعب جنوب إفريقيا: أثق في قدرتنا على تحقيق الفوز أمام مصر    القلاوي حكما لمباراة الأهلي والمصرية للاتصالات في كأس مصر    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    إذاعي وسيناريست ورسَّام، أوراق من حياة الدنجوان كمال الشناوي قبل الشهرة الفنية    الأرصاد تحذر من ضباب يغطي الطرق ويستمر حتى 10 صباحًا    الطرق المغلقة اليوم بسبب الشبورة.. تنبيه هام للسائقين    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    ترامب: نفذنا ضربات قوية ضد «داعش» في نيجيريا    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحة من تاريخ مصر
نشر في الأهالي يوم 18 - 05 - 2011


مناضلون يساريون
عبدالرحمن الخميسي (1)
كسروا ذراعي ولكني حفرت علي
جدران مصر أناشيدي بأظافري
وحيث هم صلبوني كلما بزغت شمس
رأي الناس فيها لون أشعاري
عبدالرحمن الخميسي
هذا الفتي الجميل حيرني، لم أعرف كيف أبدأ معه أو أكتب عنه، فعبدالرحمن الخميسي الذي تألق في السماء المصرية كواحد من أكبر وأشهر مثقفيها كان متعدد المهن ومتعدد الكفاءات، وتمضي به المهن غريبة بغرابة الرحيل، فقد بدأ كصبي بقال ومضي في مهن عديدة كمساري أتوبيس - شاعر - كاتب قصة - صحفي - مؤلف موسيقي - ممثل - مخرج سينمائي - مخرج مسرحي - كاتب مسرحي - كاتب سيناريو، وفي كل هذه المهن كان رائدا وناجحا ومتألقا، وهو فوق هذا كان واحدا من أشهر الحكائين في زمانه يسيطر علي كل جلسة بروح شديدة المرح، قاسية السخرية.
والفتي بدأ حياته ضحية لزواج فاشل فبعد عام واحد من ولادته تزوج الأب من زوجة أخري وطلق أمه التي أسرعت فتزوجت بآخر وتاه الرضيع بين أب لا يريده وأم لا تريده فنقلوه من بورسعيد إلي قريتهم منية النصر - دقهلية ويظل الخميسي حتي آخر أيامه ورغم كل ما حقق من مجد يشعر بمرارة السنوات الأولي ويكتب عنها أشعارا مريرة..
أيها الماضي ألا تعرفني
شد ما ألقاك قد أنكرتني
أنت في قطعة كفنتها
بسنيني وطواها زمني
أنت بنيان أقمنا فوقه
حاضرا.. يا ليته لم يكن
وفي سنوات الفقر والضياع اشتد حقده علي الأغنياء لكنه اكتشف سلاحا جديدا لمحاربتهم، وإذ كانت أسرة الحديدي هي رمز هذا الثراء في قريته فقد حاول إقناعهم وهو لم يزل طالبا في المنصورة الثانوية أن يتبرعوا له ليقيم مسرحا وناديا ثقافيا، رفض الإقطاعيون التبرع لهذا الولد، وجد قطعة أرض خالية وفي المساء جمع الشبان الفقراء وهاجموا المدافن الفخمة لكبار الإقطاعيين، انتزعوا منها كل شيء الأبواب والشبابيك والأرضيات.. وفيما يفككونها كان يصيح ويصيحون معا «أحياء الفقراء أهم من موتي الأغنياء، وهكذا بدايته النضالية مع الفقراء ضد الأغنياء، وفي الإجازات الصيفية كان يجمع الفلاحين ليقرأ لهم «سيف بن ذي يزين» و«أبوزيد الهلالي» وتأبي المرارة والفقر إلا مطاردته، مات الأب، ثم ماتت الأم ولم يعد يجد من يعوله، فعمل صبي بقال ثم كمساري أتوبيس، لكن الفن يلاحقه ويفرض عليه إرادته فيعمل مؤلفا لاسكتشات تمثيلية وغنائية لفرق مسرحية فقيرة تجوب القري والموالد ويجوب معها لما عشقه وظل يعشقه طوال حياته يؤلف الاسكتشات ويغنيها ويلعب دور المهرج الذي يضحك الجماهير، ثم هاجر إلي القاهرة ليمتهن مهنة غاية في الغرابة يكتب مقالات وقصصا وروايات وأغنيات ينشرها المشترون ليضعوا عليها أسماءهم اللامعة ويعود هو بالفتان «وطوال فترة صعلكتي القاهرية وحتي بعد أن أصبحت شهيرا عشت ملتحفا بمحبة دائمة مع الأب الروحي للرومانسية المصرية د. إبراهيم ناجي لكن رومانسيته كانت مليئة بالحنان أما رومانسيتي فقد كانت مليئة بالحزن والألم» (محضر نقاش معه أجري في 1 نوفمبر 1972 في بغداد) وأقلب في رومانسيته وأقرأ..
وارتياحي إلي الظلام.. ويأسي وحنيني إلي السكون الرهيب
وهروبي من الحقيقية بالليل.. فأترع بخمره الوهم كوبي
وأقرأ في مقدمة ديوانه الأول «أشواق إنسان» «هذا الديوان كل قصيدة فيه مسقية من وجداني، مورقة برحيق ألمي، بدموع يأسي أو فرحي، متوردة بدمي»، إنه الألم القديم المترسب في أعماقه والذي دفعه إلي أن يقول وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره
علام أضحك يا ويلاه من زمني
وشاطئ فوقه الأهوال ترتطم
لكنها ضحكة البركان قاذفة
من قلبي النار أذكي أصلها الألم
إني أقول لهذا الظلم في صلف
اشرب دمائي واثمل أيها النهم
هيهات تبلغ إذلالي وتخضعني
إني قوي عتي ثائر برم
وتظل كلمات «إني قوي عتي ثائر برم» تغلف كل معايير حياته، ويمضي الفتي إلي يافا حيث يجد عملا مستقرا ومرتبا مجزيا في إذاعة الشرق الأدني كان يذيع النشرات والبرامج ويؤلف ويخرج ويكتب قصائد ويقدم نقدا أدبيا، قال لي ذات يوم في لقاء معه في موسكو «لو جمعت أعمالي في يافا لصارت هرما، كنت أعرف أن محطة الشرق الأدني يديرها الإنجليز لكنني وجهت أغلب برامجي ومسرحياتي الإذاعية ضد الخطر النازي والفاشي وأرضيت ضميري وسكت الإنجليز، لكن الحركة الوطنية تلتهب في مصر في 1945 وهي تلتهب ضد الإنجليز فيقذف بكل شيء المرتب الكبير والمسكن الفخم والاستقرار المريح ويعود إلي عشه القديم، لكنه يأتي هذه المرة ومعه اسم لامع، وتثقله المسئولية عن زوجه وأولاد، ويجد موقعا صحفيا مميزا في صحيفة الحوادث الوفدية ويطلق لقلمه العنان فتغلق المجلة ويحاولون القبض عليه فيهرب إلي الفيوم، وعندما تهدأ الأمور يعود ليتألق اسمه من جديد في عديد من الصحف والمجلات.. وبعدها يلتحق بالصحيفة الأكثر شهرة وهي «المصري» ويصبح واحدا من أبرز محرريها بل واحدا من أكثر الصحفيين والكتاب المصريين شهرة وإبداعا، ويلمع أكثر وأكثر علي صفحات المصري عندما ينشر «ألف ليلة وليلة» بعد أن أعاد صياغتها بأسلوبه العصري الرشيق.
ونواصل رحلتنا مع هذا الفنان المناضل الذي ظل يشدو دوما «إني قوي عتي ثائر برم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.