يا حماة الدولة المدنية اتحدوا ولنتذكر معا أن ثورة قامت سقط الشهداء فيها وهم يهتفون : «لا دينية ولا عسكرية مصر دولة مدنية». ولنتذكر أن ثورة قامت سقط فيها الشهداء وهم يتلقون في صدورهم وفي جباههم المرفوعة رصاص الغدر والخسة، تلقوه دون تمييز علي أساس الدين أو النوع وسقطوا وهم يهتفون «مصر لكل المصريين مسلمين ومسيحيين». ولنتذكر أن دماء مينا ومصطفي وسالي ومريم وغيرهم عمدت حريتنا وسددت ضريبة الدم عنا لوطن دمره نظام فاسد مستبد. هذه المقدمة بدأت بها لأن المشهد الذي نعيشه ينبئ بأن «الأسوأ لم يأت بعد». فقد صعد الإسلاميون ولم نعد نري في المشهد سوي اللحي والجلابيب والطرح البيضاء علي الرؤوس. احتلوا المشهد بثقة من يحكمون البلد وبقوة من أصبحوا بديلا عن الدولة والقانون بل بأداء انهم هم السلطة والقانون، رغم أن في البلد قانونا يحاسب من يقتحم مسجدا تابعا للدولة ممثلة في وزارة الأوقاف، فقد اقتحموا مسجد النور وطردوا العاملين به ولا نعرف لماذا لم يطبق القانون عليهم؟ وهم اساتذة في انتهاز الفرص فقد قفزوا واستغلوا خطأ الحكومة الفادح في تعيين محافظ قنا، وحولوا الرفض المدني ضده إلي رفض طائفي. وبالمناسبة القانون يعاقب من يكدر السلم الاجتماعي ومن يهين معتقد الآخر، فماذا فعلت الحكومة مع من حمل لافته مكتوب عليها «لا ولاية لكافر علي مسلم»؟ وها نحن نقرأ تصريحات صبحي صالح عضو جماعة الإخوان المسلمين وعضو لجنة تعديل الدستور وغيره من فصيله السياسي عن تطبيق الحدود وقد وصلتنا الرسالة وهي كانت قد وصلت منذ تشكيل لجنة تعديل الدستور، ولم يعد أحدهم يحتاج للمواءمة ولا لتوزيع الأدوار بالتصريح ثم النفي أو التخفيف. فهل نستسلم ونترك لهم البلد ليجروه إلي كهوف الظلام والتخلف، وهل قامت الثورة لنستبدل استبدادا باستبداد؟ بالتأكيد نحن لا نملك ترف الاستسلام ، فالبلد بلدنا وعقارب الساعة لن تعود للوراء وليتذكر الجميع ماذا فعلوا في البلاد التي دمروها باسم الدين. لذا فالمسئولية التي تقع علي كاهل القوي المدنية بكل فصائلها الآن هي أن تتوحد أولا وأن تتوافق علي اختيار رئيس مدني للجمهورية، وثانيا أن تتوافق علي قوائم المرشحين للمجالس النيابية، وقبل أولا وثانيا أن ترفض القوي المدنية حتي الثورة علي أي لجان يتم تشكيلها لوضع الدستور الجديد ولا تأتي ممثلة لكل الاتجاهات السياسية والاجتماعية وأن يكون اعضاؤها موضع اتفاق عام من القوي الوطنية بلا ترقيع هنا أو هناك لجبر الخواطر للمواءمة. فالثورة لم تنجز ما قامت من أجله بعد، ولنتمسك بآخر ما نطق به شهداء الثورة: « لا دينية ولا عسكرية مصر دولة مدنية» .