بدلاً من.. الانتحار الجماعي! تركنا قضايا كبري تتعلق بمستقبل مصر مثل قضية الدستور الديمقراطي الذي يضمن عدم ظهور ديكتاتور جديد وفساد ينبثق من داخل أجواء الاستبداد.. لكي نتفرغ لمراقبة العلاقات التي قد تنشأ بين مؤجر لاحدي الشقق ومستأجرة لا يرضي البعض عن سلوكها «كما حدث في مدينة قنا» أو لكي يوجه البعض الاتهام إليها ويصدر حكما ويتولي تنفيذه.. أو لكي نتابع اخبار محاصرة متطرفين دينيين لمنزل سيدة بمدينة السادات «في المنوفية» واقتحام منزلها وطردها منه والقاء اثاثها في الشارع واحراقه - كما فعلوا في قنا - وتهديدها بالقتل في حالة الرجوع لمنزلها!! وهناك من يستخدمون أدوات ومقولات فات زمانها في مواجهة ثورات شعبية مثل محامي الحكومة ونائب رئيس هيئة قضايا الدولة الذي يطالب بحل جميع الأحزاب السياسية القائمة(!!). هناك إذن من يشعرون بالحنين إلي نظم الطغيان وحكم الفرد المطلق ويريدون إلغاء التعددية لكي نعود إلي نظام الحزب الواحد والرأي الواحد والفكر الواحد. هناك من لايفهمون ما يجري حولهم فهم لم يدركوا - حتي الآن - أن المصريين لم يحرروا أنفسهم من الأنظمة الشمولية والديكتاتورية السياسية لكي يقعوا في براثن الديكتاتورية الطائفية. ولا حاجة إلي القول إن العنف يشكل جزءاً لا يتجزأ من تركيب الجماعات المتطرفة ومن تكوينها الذهني والنفسي كما انه وسيلتها الوحيدة لتحقيق أهدافها في المجتمع علاوة علي عدم اعترافها بإن هناك دولة وقوانين. اننا في حاجة إلي نظام مدني قائم علي المواطنة والحرية تحت مظلة حقوق الإنسان.. يميزنا عن النظام الديني والتميز الديني الذي تروج له الدولة العبرية. ولن يكون لنا مكان في العالم بأنظمة لا تليق إلا بالقرون الوسطي وعصور الظلام أو بالمتخلفين حضارياً وعلمياً.. وعقلياً! والتهديد الذي يواجهنا الآن.. يصدر من هؤلاء الذين يريدون الاستناد إلي مكونات.. ما دون الدولة الوطنية. والتعصب الديني يحولنا من شعب مبدع وخلاق.. إلي كتل مغلقة تقاتل بعضها البعض ويدفعنا إلي عملية انتحار جماعي.. بعد أن ينجح في تحويل ثورة 25 يناير إلي ردة مخيفة إلي زمن الجاهلية. ودعاة التطرف الديني الأعمي يشكلون خطراً جدياً علي مصر هذه الأيام.. أكبر بكثير من خطر بقايا الحزب الوطني الذين صاروا يواجهون صعوبة في العثور علي أنصار.. أو حتي فلول أجهزة أمن الدولة التي أصبحت تجد صعوبة في العثور علي اتباع أو مرشدين. ولكن.. هل هناك فرق بين هؤلاء وبين الذين قطعوا أذن مواطن مدينة قنا واحرقوا منزل مدينة السادات؟ ألم يكن من فعلوا ذلك يتفاخرون حتي عهد قريب بأنهم «ابناء أمن الدولة» ويستنكرون الخروج علي الحاكم «ولو جلد ظهرك وأخذ مالك»؟!!