أنا كنت هنا من قبل.. يشهد علي الأثاث القديم.. وبصمات الأصابع التي مسكت كل شيء.. ولم تمسك بشيء التي لمست خدود الألهة وأصابها المرض، عندما كنت لا أكره الصبح.. «إنه تأثير الجبل» كما أسمته الشاعرة غادة نبيل في ديوانها الجديد «تطريز بن لادن» والذي كان محور المناقشة داخل حزب التجمع الأسبوع الماضي، وأدار هذه المناقشة الشاعر عيد عبدالحليم حيث وصفها أنها شاعرة تعيش للشعر منذ ديوانها الأول «المتربصة بنفسها مؤكدا أنها رسمت الذات في ديوانها الأول بإتقان، محاولة التمرد علي التربص بالنفس وكان جزءا من التربص أيضا، ويأتي ديوانها هذا محاولة للخروج من دائرة الحزن والاتكاء علي الماضي أحيانا، ويضيف عبدالحليم أن قصائد غادة نبيل جاءت بعين ثاقبة ومحللة وفلسفية لتأتي تجربة زيارتها لمدينة «باكستان» تلقي بظلالها السياسية والثقافية والاجتماعية علي الديوان لتدخل في حوار مع جماليات قصيدة النثر ذات القضية الشخصية والتي تلقي بظلالها أيضا علي الحياة بأكملها يراها تنحاز إلي ثقافات الهامش وهذا منذ بداياتها في ترجمة الأدب الصيني، الباكستاني، الأفريقي منذ سنوات كثيرة ولا تنفصل أيضا عن موروثها في الأدب العربي، مما يجعل نصها الشعري تتسع روافده الثقافية. وبعد مقدمة عيد عبدالحليم جاء تعليق الشاعر عاطف عبدالعزيز الذي قدم دراسة خاصة عن تجربة الشاعرة مؤكدا في البداية خلو النصوص من الصنعة الظاهرة، واعتمادها علي المرجعيات الشخصية واضعا نظرية خاصة في الإدراك تؤكد أن «كل نص يمكنني إدراكه هو نص يمكنني تصديقه» ملقيا بهذه الفكرة علي الديوان فيري أن الحصول علي الحقيقة الشعرية بإمكانيات خاصة للذات الشاعرة فيمكن التبسيط الشديد أو التركيب أو المصادفة لتصل إلي الحقيقة،وما يحكم هذا هو قدرة الشاعر الخاصة من خلال التكوين اللغوي الحرج وهو ما يقابل «الكتلة الحرجة» لدي الفيزيائيين وهذا الديوان - تطريز بن لادن - له سمات خاصة كما يري عبدالعزيز فهو يشبه الكتابة ما بعد التجارب الحياتية «نفسي فلسفي» يحمل معه صفاء الرؤية في أعقاب التجارب، بجانب إحدي السمات الأخري وهي أن الشاعرة لا تقع فريسة الشائعات النقدية حول قصيدة النثر فشعرها نسيج خاص بها. ويري عبد العزيز ان الشاعرة تلعب علي فكرة تنشيط الحواس، ولا تفتح خيالا مطلقا لهذا نراها تتحدث عن أمكنة بعينها «باريسي ، ولندن»، وتهدف إلي مطابقة خيالها مع خيال القارئ وهنا تكون الكتابة اقرب إلي الفعل من العزلة. بينما تحدث د. امجد ريان الناقد ،الشاعر عن ماهية الشعر التي يذكرنا بها ديوان الشاعرة، فالشاعرة تخرج بين المعطيات والمواقف المختلفة والتفاصيل وتمزج جيدا بين المعطيات وتستفيد من كل المدارس الشعرية، ملتقطة عناصر ومفردات تتماس معنا جميعا منغلقة علي ذاتها ومنفتحة علي الجميع. وفي مداخلته أكد الشاعر محمود قرني أن هناك ملامح خاصة بأشعار الشاعرة أولها مرجعية أساسية تعني أن التراث الانساني جزء من التجربة الشعرية لهذا نلمح في هذا الديوان مرجعيات فلسفية ودينية، فتضرب في مقتل فكرة «الشاعر النبي» فتعود لمفاهيم أكثر دقة وفكرة التلقي وفكرة الصنعة التي ارتبطت وقيل انها انطبقت فقط علي «النظامون» ، ويضيف انها تخلق معناها الخاص تتجاوز فيه درجات كثيقة من الوعي بالتجربة الإنسانية.