تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    الذهب يرتفع مع تراجع الدولار وعوائد السندات وترقب الأسواق لقرار الفيدرالي    ميناء سفاجا يستقبل أول شحنة في الممر التجاري الإقليمي الجديد    ارتفاع سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأربعاء    ارتفع في بنكين.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الأربعاء    أسعار البيض اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    الولايات المتحدة تأمر باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأرواح والممتلكات عقب تسونامي هاواي    وزير الخارجية والهجرة يلتقي السيناتور ليندسى جراهام بمجلس الشيوخ الأمريكي    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    وزير الخارجية: مصر تهتم بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الولايات المتحدة    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة على معظم مراكز محافظة الشرقية    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    «البترول» تعلن السيطرة على حريق سفينة حاويات بمنطقة رأس غارب    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية فى أوسيم    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    محافظ الدقهلية:1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بلقاس    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    توقعات الأبراج وحظك اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025.. انفراجة مالية قوية تنتظر هذا البرج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    اليوم، طرح تذاكر حفل الموسقار العالمي عمر خيرت في دبي أوبرا    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مطران دشنا يترأس صلوات رفع بخور عشية بكنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين (صور)    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرهاب ومسيحيو سورية
نشر في الأهالي يوم 05 - 01 - 2011

تلقي السوريون بدهشة وغضب واستنكار وإدانة أنباء التفجيرات الإرهابية في بيوت مسيحيين عراقيين وأمام كنيسة في الإسكندرية، ورأوا أن مثل هذه الأعمال لا تصدر عن عاقل فكيف عن مسلم تجاه بني جلدته من المسيحيين خاصة ان التفرقة الدينية لم تجد لها مناخاً مناسباً في سورية طوال القرن العشرين وخاصة بعد الاستقلال، وليس للخلافات الطائفية أو الاحتقان من سبيل رغم محاولات عديدة جرت في المائة سنة الماضية للنفخ في كيرها، سواء من قبل المستعمرين في النصف الأول من القرن أم من الفئات المتطرفة في نصفه الثاني.
لم يصدف خلال هذه المدة الطويلة أن كان المذهب الديني يشكل حاجزاً ولا حتي غلالة بين المسلمين والمسيحيين واستمر كل من الطرفين يشارك الآخر حياته وأفراحه ومناسباته الحلوة والمرة ويتعايشان ويتعاونان ويحتفلان معاًً في أعيادهما ومناسباتهما الدينية والاجتماعية وغيرها.
كانت نسبة عدد المسيحيين في سورية في النصف الأول من القرن الماضي حوالي 20% من عدد السكان لكن هذه النسبة ما لبثت أن تراجعت تراجعاً كبيراً بسبب الهجرة بحيث تقدر نسبتهم الآن ب8% فقط من عدد السكان، لكن هجرة المسيحيين السوريين المرتفعة هذه لا علاقة لها بدينهم أو تعايشهم مع بني قومهم من المسلمين، ولا بالضغوط أو الاحتقان الطائفي أو الاجتماعي، وإنما كانت دائماً لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولي، بالإضافة إلي بعض الأسباب الشخصية كالبحث عن عيش رغيد في الغرب، أو عن شروط مناسبة لطالبي البحث العلمي أو للمغامرين، مثلهم بذلك مثل أبناء الشعب السوري من الديانات الأخري، حيث بلغ عدد المهاجرين السوريين إلي خارج بلادهم حوالي مليونين ونصف المليون نسمة حسب الأرقام الرسمية للمكتب المركزي للإحصاء، وبقيت مع ذلك نسبة هجرة السوريين المسيحيين أكبر من نسبة المسلمين بسبب إضافي هو أن الدول الأوروبية كانت تقدم لهم تسهيلات كبيرة جداً، وخاصة للمسيحيين السوريين غير العرب كما هو حال الآشوريين والسريان والكلدان الذين هاجر معظمهم إلي دول أوروبا، أو كما هو حال الأكراد فيما بعد.
ومرة أخري لا أحد من هؤلاء كانت هجرته بسبب تعرضه لمضايقات دينية أو ضغوط اجتماعية أو اضطهاد أو تفرقة أو خوف من حصول ذلك.
لم تدخل في ثقافة السوريين صيحات أبي الأعلي المودودي وسيد قطب المطالبة بحاكمية الله وتكفير المجتمع والدولة والمسلمين كافة وإنكار إسلامهم (فكيف بالمسيحيين) كما لم تدخل في ثقافتهم فتاوي الشيخ الشعراوي في مصر، وخاصة تعليماته القاضية بعدم مشاركة المسيحيين أعيادهم ولا حتي رد السلام عليهم إن ألقوا التحية، والإجابة علي تحيتهم (بالهمهمة والغمغمة) وغيرها من التخاريف التي نشرها المرحوم الشيخ الشعراوي وغيره، وبقي السوريون المسلمون يشاركون المسيحيين أعيادهم ويحتفلون بها معهم، ويزينون بيوتهم بشجرة الميلاد في عيد الميلاد ويلونون بيض الدجاج في عيد الفصح وتعطل الدولة ومؤسساتها والقطاع العام والخاص في الأعياد المسيحية كلها. كما يشارك المسيحيون بدورهم المسلمين أعيادهم ومناسباتهم الدينية أيضاً. وأخيراً لم تصلهم صيحات المهووسين الإسلاميين الذين كانوا ينادون بنهب أموال النصاري (كما جري في مصر لمحلات بيع الذهب) أو قتلهم (كما جري في كنائسهم في العراق) أوحتي التعرض لهم بسوء. ولم يفهم السوريون لماذا يرتكب الإرهابيون هذه الأعمال التي تجري في هذا البلد العربي أو ذاك، ولم تشهد سورية خلال الأعمال الإرهابية التي تفجرت فيها في ثمانينات القرن الماضي أي عمل إرهابي موجه للمسيحيين.
شارك المسيحيون السوريون في الحياة السياسية طولاً وعرضاً، وخاضوا الانتخابات، وتسلموا المناصب الرفيعة في الدولة (مدراء عامون، معاونو وزراء، ومحافظون وسفراء. ووزراء وقادة عسكريون) بدون تحفظ بل وانتخب مسيحي لرئاسة الوزارة السورية عندما كان النظام السياسي برلمانياً، أي أن رئيس الوزراء هو الحاكم الفعلي للبلاد، كما انتخب مسيحي مرة رئيساً للمجلس النيابي في أربعينات القرن الماضي، وكما برز في مصر (مكرم عبيد) برز في سورية (فارس الخوري) وعديدون مثله قادوا الحياة السياسية السورية ونشطوا فيها فيما كانوا فعالين في إدارة الحراك السياسي والاجتماعي وحراك الطبقة الوسطي السورية والمشاركة في قيادة التيارات السياسية والحزبية ومن المعروف أن مؤسس حزب البعث هو المرحوم ميشيل عفلق وكان مسيحياً.
حتي هذه الساعة يستبعد السوريون علي مختلف فئاتهم الدينية والسياسية والاجتماعية حصول أعمال إرهابية مماثلة في سورية ليس فقط بسبب القبضة الأمنية القوية، وإنما أيضاً وأساساً لأن مفاهيم وقيم وتقاليد الشعب السوري تجعل مثل هذه الأعمال تلقي استنكاراً وردود فعل تضر بالإرهابيين أنفسهم أكثر مما تنفعهم، ويبدو أن الشعب السوري محصن داخلياً حتي الآن تجاه مثل هذه الأعمال، ولم تأخذ التباينات الطائفية حيزاً من تقاليده وممارساته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.