جامعة القناة يؤكد على ضرورة الالتزام بضوابط الامتحانات والتواجد ومتابعة سير العملية الامتحانية    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    محافظ القليوبية يعقد اجتماع المجلس التنفيذي للمحافظة لمناقشة المشروعات الجاري تنفيذها    تنفيذاً لمبادرة "وياك".. حياة كريمة توزع 1228 هدية على طلاب جامعة بني سويف    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    الجنائية الدولية: نسعى لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو والسنوار بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب    الإسماعيلي يهنئ الزمالك بالتتويج بالكونفدرالية في خطاب رسمي    اليوم.. مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    تحرير 118 محضر مخالفات خلال حملات تموينية وتفتيشية بمراكز المنيا    تأجيل محاكمة «طبيب الإجهاض» بالجيزة    الحبس 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب على المواطنين في الأميرية    الرعاية الصحية: 45 منشأة حققت 120% من مستهدفات حملة التوعية بضعف عضلة القلب    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    تطوير المزلقانات على طول شبكة السكك الحديدية.. فيديو    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    وزير خارجية إيطاليا: حادث تحطم مروحية رئيس إيران لن يزيد التوتر بالشرق الأوسط    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    غرة شهر ذى الحجة الجمعة 7 يونيو ووقفة عرفات 15 / 6 وعيد الأضحى 16/ 6    كان بين المصابين.. ضبط سائق أتوبيس الموت ب«دائري شبرا الخيمة»    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    «ست أسطورة».. سمير غانم يتحدث عن دلال عبد العزيز قبل وفاتهما    ستاكس باورز تبيع عملات نادرة ب 23 مليون دولار في مزاد هونج كونج    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    محمد ثروت يوجه رسالة رثاء ل سمير غانم في ذكرى وفاته    عمر الشناوي: فخور بالعمل في مسلسل "الاختيار" وهذه علاقتي بالسوشيال ميديا    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    مجلس النواب يوافق نهائيًّا على مشروع قانون المنشآت الصحية -تفاصيل    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    مصرع عامل على يد عاطل أثناء اعتراضه على سرقة منزله في قنا    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    تداول 146 ألف طن بضائع استراتيجية بميناء الإسكندرية    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمود إسماعيل يكتب : مانفستو الإرهاب القطبى ..!!
نشر في الأهالي يوم 06 - 05 - 2014

سبق أن عرضنا لمرجعية سيد قطب, وتعويله في صياغة أيديولوجيته الإرهابية على قراءات في التراث الإسلامي_قديماً وحديثاُ_ذات طابع"تلفيقي"إذ نهل من فقه ابن حنبل النصي المنغلق, وفكر الغزالي السياسي المبرر للتسلط والاستبداد,و سلفية ابن تيمية المتعالية والرافضة لكل إنجازات سابقيه.هذا فضلاً عن نقله بل سطوه على منظومة المودودي المتطرفة والطوبوية.
وليت الأمر توقف عند هذا الحد؛ فقد تلاقحت واختمرت تلك التيارات جميعاً داخل ذات عصابية متوترة,و عقل مضطرب متقلب الأهواء يتبنى طموحات نرجسية تفوق قدرات وملكات صاحبها,و نفس تمور بالغضب الشرير من جراء عقد نفسية نتيجة إخفاقات عاطفية متكررة.هذا بالإضافة إلى محنة لجماعة الإخوان المسلمين التي انتمى سيد قطب إليها,و أودع_ضمن قادة الجماعة_السجن؛ليكتب مؤلفه الأشهر"معالم في الطريق"إلى هاويته والجماعة في آن.إذ يعد هذا الكتاب بمثابة"مانيفستو"للإرهاب الإسلاموي إلى اليوم؛حيث أصبح"المرشد الأمين"لجماعة الإخوان المسلمين وكل الجماعات التكفيرية الإرهابية التي ولد ت من رحمها.
آليات الخطاب
لعل من المفيد قبل تبيان معالم الإرهاب في هذا الكتاب إيضاح آليات الخطاب القطبي وسماته ومنطلقاته, ومن ثم مقاصده.و في هذا الصدد؛لا مناص من الرجوع إلى ما سطره الصديق/محمد حافظ دياب في كتابه الفريد"سيد قطب_الخطاب والإيديولوجيا"؛لإبراز بعض السمات المهمة التي تشكل"مفتاح" محتواه؛على النحو التالي:
أولاً: تأثير"مناخ"السجن في انفصال سيد قطب عن الواقع وما ترتب على ذلك من"عبادة النص والتجريد"كإطار وحيد للتفكير بين الجدران.و بديهي أن يقود هذا النوع من التفكير إلى"التكفير"لا لخصوم"الجماعة"فحسب؛بل لكل المجتمعات الإسلامية قاطبة؛باعتبارها تعيش طور"الجاهلية".
ثانياً: لتقويض تلك الجاهلية؛لا مناص من برنامج للعمل"الحركي"تلتزم به"الجماعة"التي هي_في نظره_"طليعة البعث الإسلامي".
ثالثاً: ضرورة تعويل العمل الحركي على"الجهاد"الذي يقتضي الإعداد والتعبئة بكل الوسائل والطرق المتاحة,و ذلك بالتركيز على"العمل السري".و لا غرو؛فقد تولى سيد قطب رئاسة الجهاز السري بعد الإفراج عنه عام 1964 مباشرة.
رابعاً: بهدف جذب الأعوان والأنصار؛اتسم الخطاب القطبي بسمة"العاطفية"المثيرة,فضلاً عن البلاغة الأدبية المهيجة للانفعالات, و إثارة النزعات الدينية الكامنة في الصدور لتحويلها إلى طاقات مندفعة للفعل الإرهابي.و ذلك عن طريق تأويل آيات القرآن الكريم والحديث النبوي لخدمة الهدف المرتجى.
خامساً: الخلط والمزج بين الواقعي والطوبوي؛بهدف تضبيب المتلقي وتحويله إلى طاقة يجري التحكم في توجيهها؛انطلاقاً من مبدأ السمع والطاعة العمياء.
سادساً: تصوير الآخر على أنه"نمر من ورق"يمكن منازلته رغم قوته و التفوق عليه,انطلاقاً من الآية الكريمة"و كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة..".في ضوء تلك الآيات_و غيرها الكثير مما لا يتسع المقام لسرده_يمكن_في إيجاز أيضاً_رصد مفهوم الإرهاب في منظور ومخيال سيد قطب.
افكار المودودي
يكتسي مبدأ "الجاهلية" المستعار من فكر المودودي_أولويته في منظومة سيد قطب؛باعتباره الحافز الأكبر للجهاد.إذ يعني إدانة الواقع المعيشي,و وصمه بالانحراف عن نهج الإسلام.بل اعتبار جاهلية العصر"كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أكثر"؛لكونها شملت كل جوانب الحياة.و نحن نرى أن سيد قطب غير هذا المفهوم الذي قصره المودودي على التشرذم والفرقة؛فجعله مرادفاً للكفر.يقول:"يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة…لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها","و بهذا التعريف تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً".
مبدأ الحاكمية
عن المودودي أيضاً؛اقتبس سيد قطب مبدأ"الحاكمية"و إن أسبغ عليه تأويله الخاص.ليس أدل على ذلك من أن المودودي رفض قدسية الحاكم؛عن طريق الأخذ بمبدأ"الشورى"الذي اعتبره ملزماً,كذا قوله بجواز"الثورة"على الحاكم الجائر.أما سيد قطب فقد اعتمد حكم الأشعري_و من بعده الغزالي_بقدسية الحاكم ووجوب طاعته حتى لو كان فاسقاً,و ليس من حق الرعية مجرد نصحه.هذا على خلاف رأي الدكتور/محمد حافظ دياب بأن سيد قطب استعار مبدأ"الحاكمية"من الخوارج استناداً إلى قولهم"لا حكم إلا لله".و قد سبق لنا تبيان ما انطوى عليه فكر الخوارج السياسي من الإلحاح على مبدأ الشورى,كذا حكمهم بوجوب الثورة على الحكام الجائرين؛و هو ما طبقوه عملياً في الدول التي أقاموها ببلاد المغرب.
أما عن آلية"التكفير"التي اعتمدها سيد قطب وأوجبها حتى على معاصريه من حكام المسلمين؛فلم يأخذها من فكر الخوارج؛لا لشيء إلا لأن تكفيرهم للمخالفين في المذهب لا يجوز إلا على مرتكبي الكبائر؛فاعتبروه لذلك"كفر نعمة"؛"لا كفر ملة"بينما كفر سيد قطب كل المغايرين في المذهب سواء"في أصول الاعتقاد وأصول الحكم,و أصول الأخلاق والسلوك,و أصول المعرفة أيضاً"..!!.لذلك؛يرى أن أية مخالفة لما شرع الله فهي كفر بائن,"فما يدعي أحد أن المصلحة فيما يراه هو مخالفاً لما شرع الله,لا يبقى لحظة واحدة على هذا الدين,و من أهل هذا الدين".لذلك أصاب الصديق المرحوم/جمال البنا حين ذهب إلى أن المفهوم القطبي للحاكمية يخالف جوهر الإسلام"فهو تجريد للعقيدة من مضمونها".
أما عن مبدأ"الجهاد"في نظر سيد قطب؛فلا يعني إلا إقراره"الإكراه في الدين"بمجاهدة المسلمين وغير المسلمين على السواء؛باعتبارهم"أهل جاهلية".
شوائب الجاهلية
وتستلزم ممارسة الجهاد ضرورة تكوين"تجمع عضوي حركي"قوامه"عصبة مؤمنة"بوسعها مواجهة العالم بأسره بالقوة"لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها"..!!
على تلك"العصبة المؤمنة"أن تتحرر أولاً من كل شوائب"الجاهلية المحيطة",و ذلك بالانعزال عن المجتمع,و إعداد العدة للجهاد,ثم إقصاء الجاهلية من قيادة البشرية؛لتتولى هي قيادتها..!! فالجهاد من ثم فرض عين على كل رجل وامرأة,و نتائجه حتمية لصالح الإسلام؛"فلم تكن الدعوة في أول عهدها في وضع أقوى ولا أفضل منها الآن…كانت محصورة في شعاب مكة…و كانت غريبة في زمانها…و تحف بها إمبراطوريات عاتية تنكر كل مبادئها وأهدافها,ولكنها مع هذا كله أحرزت انتصارات مذهلة".
لقد بنى هذا التصور"الطوبوي"الحالم على اعتقاد سقيم بأن الكتلتين الشرقية والغربية محكوم عليهما بالفناء من جراء الصراع بينهما.عندئذ يتسنى للعصبة المؤمنة تحقيق السيادة على العالم بعد حرب خاطفة أشبه ب"نزهة عسكرية"..!!و لا غرو؛فقد زعم أحد مريديه_الحاليين_أن بإمكان هذه العصبة_التي يبلغ عددها عدد المسلمين في يوم بدر_متسلحة بنفس أسلحتهم_السيوف والحراب والسهام_أن تحرز النصر المبين..!!
عندئذ تسود"الثقافة الإسلامية"ربوع العالم بأسره,و يتخلق مجتمع جديد_دار الإسلام_"قوامه الاجتماعي مستمد من التصور الاعتقادي".في ظل هذا المجتمع الإسلامي يعيش"أهل الذمة"متمتعين بالحماية وحرية العقيدة؛مقابل أداء الجزية التي تعفيهم من الجهاد..!!
الخيال المريض
إن هذا التصور الواهم محض تعبير عن خواء عقلي وخيال مريض وعماء مطبق في رؤية الواقع.بل يفوق كافة التصورات"اليوتوبية"التي عرفتها البشرية,منذ"جمهورية أفلاطون"إلى"المدينة الفاضلة للفارابي"إلى"أوقيانوسة كامبانيللا"إلى"يوتوبيا"سير توماس مور؛لا لشيء إلا لأن خيالهم الخصب لم يتجاوز مدينة بعينها,بينما كان الخيال القطبي الجامح يشمل العالم بأسره..!!.كما أن مدنهم الفاضلة كانت تنطلق من نزعة إنسانية أخلاقية تكرس الفضائل والمثل العليا؛و ليس الإقصاء والتكفير والإرغام على اعتناق الإسلام بحد السيف,كما تصور سيد قطب ومريدوه.
أما وقد تبخر هذا الحلم القطبي؛فلم يتبقى منه سوى ميليشيات الإرهابيين الإسلامويين المعاصرين المتشبثين بأفكاره الشيطانية الكفيلة_على الأقل_"بعودة الإسلام غريباً كما بدأ".
لذلك لم نبالغ حين حكمنا على كتاب"معالم في الطريق"_في دراسة سابقة_بأنه"غص بالتأويلات الخاطئة,و الرؤية الضيقة,و الأخطاء التاريخية الفادحة,و الاعتساف من أجل تبرير ما ساقه من تجديفات و"هلوسات" بعيدة عن المنطق,و بعداً عن الحقائق".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.