وجه المستشار «على عوض صالح» مستشار رئيس الجمهورية المؤقت «المستشار عدلى منصور» للشئون الدستورية والقانونية رسالة للأحزاب السياسية ومنسق التيار الشعبي، ردا على مقترحات هذه الأحزاب الخاصة بتعديل المادة السابعة من قانون الانتخابات الرئاسية، بحيث يسمح بالطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية أمام المحكمة الإدارية العليا عند إعلان قائمة المرشحين وعند إعلان نتيجة الانتخابات، وما يتطلبه ذلك من تعديلات قانونية بما يشمل قانون المحكمة الدستورية العليا لمواجهة احتمال تضمن الطعن مسألة دستورية وإحالته للمحكمة الدستورية. وقد انتهت المذكرة التى أرسلت للأحزاب برفض رئاسة الجمهورية لاقتراحات تعديل المادة السابعة لسببين: الأول: إن القرار الصادر عن لجنة الانتخابات الرئاسية بالفصل فى الطعون، هو «قرار قضائى باعتباره فصلا فى نزاع، ووفقا للمبادئ المستقرة لا يوجد ما يحول قانونا دون الاقتصار فى الفصل فى دعوى قضائية معينة على درجة واحدة من درجات التقاضي» فضلا عن أن «الموافقة على النص المقترح يطيل أمد العملية الانتخابية لوقت غير محدد، إذ أن تحديد مدة الفصل فى الحالة المعروضة بخمسة أيام من تاريخ تقديم الطعن قد يتعذر تحقيقه بالنظر لعدد اللجان العامة والذى يبلغ 352 لجنة على مستوى الجمهورية، وتتنوع أسباب الطعن فى قرارات هذه اللجان وفقا للوقائع المادية المثارة، ويقتضى الأمر – تحقيقا للعدالة – أن تقوم الدائرة المختصة بطلب كل الأوراق وما تم من تحريات بشأن بعض الوقائع والفحص والتدقيق والتحقق من كل ذلك قبل إصدار حكمها النهائى فى هذه الطعون. الثاني: إن المحكمة الدستورية حسمت الأمر، «فقد أفادت المحكمة بكتابها المؤرخ 4 مارس 2014 بأن ذلك الأمر قد عرض على الجمعية العامة للمحكمة التى رأت أن المادة (228) من الدستور المعدل الواردة فى الأحكام الانتقالية تنص على أن تتولى اللجنة العليا للانتخابات ولجنة الانتخابات الرئاسية القائمتين فى تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية ورئاسية تالية للعمل به.. وهو ما يعنى استمرار تلك اللجنة بذات أوضاعها القائمة من حيث تشكيلها أو اختصاصاتها أو طبيعة قراراتها..». ويختتم المستشار على عوض مذكرته قائلا «ومما سبق يتضح أن النص بقانون تنظيم الانتخابات الرئاسية على عدم جواز الطعن فى قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية يجد سنده الواضح والصريح فى نصوص الدستور والقانون، بما يكون معه مبرءا من شبهة مخالفة الدستور، ويغدو ترجيح العمل به ملائما للظروف التى تمر بها البلاد والتى سبق لرئاسة الجمهورية أن عرضتها تفصيلا فى مؤتمر صحفى وفى اللقاء الذى عقده السيد رئيس الجمهورية مع رؤساء بعض التيارات والأحزاب المصرية». ولو سلمنا بصحة ما انتهت إليه رئاسة الجمهورية فى هذا الشأن، فسنجد أن الرئاسة قد خالفت ما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من استمرار لجنة الانتخابات الرئاسية «بذات أوضاعها القائمة من حيث تشكيلها أو اختصاصاتها أو طبيعة قراراتها»، فالبيان الصحفى للمستشار على عوض الصادر يوم السبت 8 مارس 2014 يعترف صراحة بمخالفة ما انتهت إليه المحكمة الدستورية، بإضافة أربعة اختصاصات جديدة للجنة الانتخابات الرئاسية تشمل الإشراف على إعداد قاعدة بيانات الناخبين، وتحديد الجهة المختصة بتوقيع الكشف الطبى على المترشح، ووضع قواعد وإجراءات إخطار المتقدمين للترشيح لرئاسة الجمهورية بالقرارات الصادرة عنها، ووضع اللوائح اللازمة لتنظيم عمل اللجنة، كما أضاف القانون أربعة مستندات يتعين تقديمها رفق طلب الترشيح. والاعتراض على «تحصين» قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية لا يستند فقط لأسباب دستورية وقانونية، ولكن يواجه قضية سياسية مهمة، فمع الطعن على قرار اللجنة بفوز مرشح لرئاسة الجمهورية أمام القضاء، سيصيب شرعية الرئيس القادم بكثير من الشكوك إذا ما اعترض أحد منافسيه على النتيجة وشكك فى وقوع تزوير، ولم تحسم هيئة قضائية – غير اللجنة المطعون على قرارها – فى هذا الأمر، وأظن أن الذاكرة مازالت تعى ما حدث عندما شككت حملة الفريق أحمد شفيق فى صحة فوز د. محمد مرسى برئاسة الجمهورية، وقدمت عديدا من الشواهد على وقوع تزوير، سواء فى الأوراق التى طبعت بالمطابع الأميرية، أو نوعية الحبر المستخدم، وما قيل عن إبلاغ الفريق شفيق بفوزه وإرسال حراسة أمنية لمقر إقامته، وتحرك موكبه لحضور إعلان فوزه فى الانتخابات، قبل أن يتم التغيير فجأة وقبل وصوله إلى مقر اللجنة، ورغم نفى لجنة الانتخابات الرئاسية لكل ذلك، فقد ظلت الشبهات والتشكيك فى شرعية انتخاب محمد مرسى تلاحقه طوال فترة وجوده فى قصر الرئاسة وحتى الآن. وليس من مصلحة الرئيس القادم ولا البلاد أن يتكرر هذا الشك وتثار قضية التزوير دون حسم قضائى قاطع وبات.