انتهت الانتخابات البرلمانية الأخيرة لتعلن عن دخول الحياة السياسية المصرية في نفق مظلم حيث قرر الحزب الوطني استبعاد بعض القوي السياسية في الساحة وليكون البرلمان وطني بنسبة تفوق ال 90 % لتؤكد حجم الفساد والتزوير والتلاعب بإرادة الناخبين وتكشف عن مناخ قانوني ودستوري وتشريعي ضعيف ويكفي أن نشير الي وجود أحكام قضائية واجبة النفاذ بببطلان الانتخابات في بعض الدوائر ولم تنفذ الأمر الذي يؤكد وجود نية مبيتة للتزوير الذي بدأ قبل يوم الانتخاب . وأكدت معظم تقارير منظمات المجتمع المدني المراقبة للانتخابات علي استخدام العنف ووجود تزوير فاضح وغياب واضح للجنة العليا للانتخابات .. فما هي التفاصيل؟ ذكر تقرير جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية انتقال سلطات اللجنة العليا للانتخابات في تنظيم أمور الدعاية للأجهزة الإدارية والأمنية والتي منعت المسيرات الانتخابية واستخدمت القوة المفرطة في فض التظاهرات ومنعت القوي السياسية المعارضة من استخدام شعاراتها وعقد مؤتمراتها وتعليق لافتاها خاصة مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في الوقت الذي سمحت فيه لمرشحي الحزب الحاكم بممارسة لجميع أعمال الدعاية . وتحايلت مديريات الأمن التابعة لوزارة الداخلية علي تنفيذ أحكام محاكم القضاء الاداري بإدراج أسماء مرشحين في الكشوف النهائية وذلك باستشكال وزارة الداخلية أمام محاكم غير مختصة لوقف تنفيذ أحكام القضاء الاداري التي تكتسب حجيتها ويلزم تنفيذها بمسودة أحكامها ولا يوقف تنفيذها بالطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا ، ومن أبرز المحافظات التي امتنعت عن تنفيذ الأحكام 6 أكتوبر والإسكندرية والدقهلية والمنوفية والمنيا وكفر الشيخ . تجريم الإنفاق المالي وفي تقرير المنظمة المصرية لحقوق الانسان كشف عن تزايد وتيرة العنف خلال مرحلة الدعاية وهو ما نتج عنه وفاة 4 أشخاص وإصابة 30 مواطنا كما رصدت المنظمة تجاوز العديد من المرشحين لمعدل الإنفاق المالي المسموح به حيث وصل انفاق بعضهم الي 20 مليون جنيه وبالفعل تم تقديم شكوي الي اللجنة العليا للانتخابات ضد الدكتور سيد مشعل وزير الدولة للانتاج الحربي والمرشح بدائرة حلوان يتعلق بتخطي سقف الانفاق علي الدعاية فضلا عن استخدام إمكانات الوزارة في الدعاية لنفسه . وطالبت المنظمة بضرورة وجود نص قانوني يعطي اللجنة العليا حق مراقبة الانفاق المالي علي الدعاية وإخضاع جميع المرشحين لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات , وضرورة الفصل بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم لمنع استخدام المال العام واتخاذ إجراءات قانونية لمن يخالف . خطوات حاسمة كما دعا ائتلاف مراقبون بلا حدود جميع مؤسسات الدولة باتخاذ خطوات حاسمة تحفظ للمجتمع المدني حقه من خلال تشريع قانوني محدد ينظم آليات عمل المراقبة الوطنية ويكون ملزما لجميع الجهات المعنية بالانتخابات وعلي رأسها وزارة الدخلية واللجان العليا الرئاسية والبرلمانية والمحلية في السماح للمراقبين بممارسة عملهم دون تعرضهم للايذاء النفسي والبدني والمعنوي ، والذي يتعارض مع ابسط حقوق الانسان و حقوق المراقبين و واجباتهم في التعامل اللائق معهم والحفاظ علي كرامتهم الانسانية، خاصة انهم يقومون بعمل وطني ويتحملون المصاعب من أجل تحقيق صالح الوطن . وشدد ائتلاف «مراقبون بلا حدود» علي ان قيام منظمات المجتمع المدني بدورها لا يحتاج الي اصدار تصاريح بعد ان استقر حقها بموجب اربعة احكام قضائية من القضاء الاداري والادارية العليا خلال خمس سنوات في قيام منظمات المجتمع المدني الممثلة في الجمعيات الاهلية بالرقابة علي الانتخابات و احقيتها في متابعة عمليات الفرز و الاقتراع باعتبارها تمثل صورة من صور الرقابة الشعبية علي الانتخابات مما يرسخ أحقيتها في الرقابة علي العملية الانتخابية من بدايتها الي نهايتها . مقاعد للمعارضة وقال الدكتور عمرو الشوبكي إننا بالفعل في مأزق لأنه بذلك طردت السياسة من البرلمان الي الشارع الأمر الذي يحول القوي الشرعية الي قوي الاحتجاج السياسي الجديدة فكان من المفترض أن يحرص النظام علي دمج القوي الشرعية المتمثلة في الأحزاب وليس استبعادها من الساحة . ويؤكد الشوبكي أن حصار الأحزاب السياسية في مقارها ومنعها من العمل في الشارع أدي الي هذه النتيجة وبالتالي لابد من عودة الأحزاب الي الشارع مرة اخري وتتعامل علي أنها جزء من الشرعية وتعمل عملا سياسيا حقيقيا في الشارع يمكنها من التواصل مع الجماهير . ويري الشوبكي ضرورة تطبيق النظام المختلط بحيث يكون هناك تمثيل لجميع القوي السياسية في البرلمان أو تخصيص عدد من المقاعد للأحزاب بالإضافة الي تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يكرس لاحتكار الحزب الحاكم بما يسمح بتكوين الأحزاب وفق قواعد وليس قيود واتاحة الفرصة للعمل الجماهيري وعدم مطاردته، الأمر الذي ينعكس علي الشارع ورفع وعيه السياسي . القائمة النسبية واتفق محمد عبد العاطي الباحث الرئيسي بجمعية دعم التطور الديمقراطي علي ضرورة تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بينما رأي حتمية التحول من النظام الفردي الي نظام القائمة النسبية بما يضمن مشاركة الأحزاب الأخري وجميع القوي علي أن يكون الصرابين برامج حزبية وشخصية موضحا أن انتخابات 2010 لم تأتي بجديد من حيث الممارسة السياسية حيث إن الحزب الوطني حصد معظم المقاعد في حين لم يشارك في الانتخابات سوي 25 % من المقيدين في الجداول الانتخابية الأمر الذي يؤكد أن المصريين لايهتمون بالعملية الانتخابية . وأكد عبد العاطي أهمية استقلالية اللجنة العليا للانتخابات وتفعيل دورها علي أن يكون لها سلطة محاسبة المتجاوزين في العملية الانتخابية بما يضمن تكافؤ الفرص . دستور جديد ويري حافظ أبو سعدة أن ماحدث في انتخابات الشعب 2010 يستدعي الدعوة لدستور جديد ونظام انتخابي يضع الحد الأدني لضمانات نزاهة العملية الانتخابية موضحا أن الدستور الحالي متناقض وبه تشويه في مواد بعينها مثل المادة 77 والمادة 179 التي تبطل مواد كثيرة في الدستور ولايوجد ميثاق تشريعي . ويضيف أبو سعدة أن النظام السياسي يحتاج الي إعادة هيكلة بما يسمح بتمثيل أعلي للقوي السياسية علي أن يكون هناك فصلا بين السلطات وآلية لمحاسبة السلطة التنفيذية وتعديل بعض المواد المكملة للتعديل الدستوري مثل تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب السياسية وقانون النقابات المهنية والعمالية وقانون الجمعيات الأهلية بما يضمن تحرر المجتمع المدني ويعطيه مساحة أكبر للعمل . هذا بالإضافة الي وجود إشراف حقيقي علي الانتخابات بما يعيد للمواطن ثقته في العملية السياسية والانتخابية . إلغاء الطوارئ .وأشار أيمن عقيل مدير مركز ماعت للحقوق الدستورية أن الخروج من هذا النفق المظلم يستدعي تضافركل الجهود من دولة وأحزاب ومنظمات المجتمع المدني حتي نعيد الثقة للمواطن المصري في العملية الانتخابية حتي يشعر المواطن أن هناك أملا في التغيير لأن عدم مشاركة المواطن المصري أهم سلبيات العملية الانتخابية من وجهة نظري . وأكد أيمن عقيل ضرورة تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الجمعيات الأهلية وإلغاء حالة الطوارئ علي أن يكون المجتمع المدني شريكا أصيلا في هذا التعديل .