سرعان ما تحول وعد القوات المسلحة ببناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل الى واقع, بعد توقيع وزارة الدفاع المصرية لمذكرة التفاهم مع شركة أرابتك القابضة "الإماراتية", للبدء فى تنفيذ المشروع على نحو 160 مليون متر مربع في 13 موقعا بعدة محافظات, وذلك بتكلفة 280 مليار جنيه , على أن يتم تسليم أول وحدة سكنية عام 2017 وينتهي المشروع بتسليم الوحدة رقم مليون بعد 5 سنوات من الآن . تقام المجمعات السكنية على مساحة إجمالية للأرض تقدر ب 160 مليون متر مربع، منها 149.4 مليون متر مربع في محافظة القاهرة موزعة ما بين مدينة العبور ومدينة العاشر من رمضان ومدينة بدر ومدينة الإخلاص, وتتوزع المساحات المتبقية ما بين محافظاتالإسكندرية والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، لتبلغ المساحة المبنية الإجمالية لهذه المشاريع أكثر من 5 ملايين متر مربع . أختلفت الأراء حول المشروع فور إعلان القوات المسلحة عنه بين الاشادة والانتقاد وحتى السخرية من امكانية بناء هذا العدد من الوحدات خلال المدة الزمنية التى أعلن عنها, فيما اشار العديد من الخبراء الى زيادة الطلب السنوى على الاسكان والتى تقدر ب 500 الف وحدة سكنية سنويا, مؤكدين ان أى مشروعات تستهدف القضاء على ازمة الاسكان تحتاج الى تخطيط مستقبلي يراعي زيادة الطلب والاحتياج الحالي لسد العجز فى الوحدات السكنية لمحدودي الدخل. وقالت إيمان علام, المهندسة بهيئة المجتمعات العمرانية, إن التجربة ليست بجديدة وان هناك مشاريع تم العمل عليها خلال السنوات الماضية, والتى يجب النظر اليها والتعلم من الأخطاء التى وقعت فيها الدولة اثناء تنفيذها, موضحه ان هناك ملايين الوحدات السكنية الخالية فى مناطق غير مأهولة, علينا النظر اليها وبحث امكانية توفير الخدمات حولها وتوصيل المرافق اليها لتسكينها والاسهام فى حل أزمة الاسكان فى مصر قبل تنفيذ مشروعات جديدة. وشددت إيمان علام على ضرورة التخطيط الجيد من حيث اختيار مناطق المشروع وتوافر متطلبات الحياة بها, مؤكدة ان مصر عانت كثيرا خلال العقود السابقة من سوء التخطيط قبل البدء فى المشروعات, وهو ما ادى الى العديد من الازمات فى مختلف القطاعات وتدهور أوضاعها, مطالبة بالنظر الى جميع الجوانب من حيث زيادة الطلب السنوي على الاسكان والعجز الحالي فى الوحدات, وكذلك تكلفة المشروع وتوفير المسكن لمحدودي الدخل بما يتناسب مع امكاناتهم المادية . فيما يرى المهندس داكر عبداللاه, عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء, ان مثل هذه المشروعات القومية الوطنية التي تخدم المصريين ليست بالجديدة علي القوات المسلحة المصرية, التي تقدم أنفسها كل يوم فداء للشعب المصري من اجل ان يعيش في أمان وأن ينعم بالاستقرار والوصول إلي التنمية الحقيقية التي يتمناها الجميع. وطالب عبداللاه بمشاركة شركات المقاولات المصرية الجادة فى المشروع الضخم الذي يتطلب انجازه بناء ما يعادل 200 ألف وحدة سنوية و 16ألف وحدة شهرية و 666 وحدة يومياً و 23 وحدة كل ساعة وذلك للإنتهاء من المشروع خلال الخمس سنوات, بجهد وعرق المصريين. وقال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان, أمين عام الحزب الاشتراكي المصري, ان أوضاع المواطنين واحتياجهم للسكن تجبرنا على الاهتمام بمثل هذه المشاريع, وان تنفيذ المشروع خلال المدة الزمنية المحددة ليس من المستحيل اذا توافرت الموارد المالية والارادة لحل مشكلة السكن التى يعاني منها فقراء الوطن, مطالبا فى الوقت نفسه بالنظر الى العشوائيات وحل مشكلاتها بالاضافة الى استكمال العديد من المشروعات التى توقفت بسبب نقص الخدمات والمرافق وتسليمها لمن يستحق من الشباب ومحدودي الدخل . كما حذر شعبان, من الوعود البراقة التى تعطي للمواطنين الامل دون ان يتم تنفيذها, مضيفا ان الرئيس المعزول محمد مرسي وعد بما لايملك وما لا يستطيع تنفيذه وهو ما ادى الى انتفاض الشعب ضده فى 30 يونيو واسقاطه, مؤكدا ضرورة العمل الجاد فى تنفيذ مطالب الشعب وحل مشاكله بعد ثورتين قام بهما لانتزاع حقوقه المسلوبة خلال العقود الماضية . كما توقعت شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية أن يسهم المشروع في تنشيط قرابة ال 100 صناعة ذات صلة بالانشاء والتطوير العقاري وأن يستقطب جزءا كبيرا من العمالة المصرية, وان العائد المتوقع من هذا المشروع الضخم لا يتمثل فقط في بناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل والشباب، ولكنه يتجاوز ذلك في أنه سيحرك المياه الراكدة فى العديد من القطاعات, حيث إن صناعة العقار ترتبط بصناعة السيراميك والأخشاب ومواد البناء التي يأتي ضمنها الجبس والإسمنت والمحاجر، والدهانات والألوان والمواد الخام . فيما قال عبدالكريم آدم, صاحب شركة مقاولات, ان المشروع سيؤدي الى انعاش السوق فى مصر, بعد حالة الركود التى اصابت سوق المقاولات منذ اكثر من ثلاثة أعوام, وانه مع بداية العمل فى المشروع سيحدث حالة من الرواج فى سوق العقارات والمقاولات من جديد, وسيتم الاستعانة بالشركات المصرية لتنفيذ هذه المشروعات بالاضافة الى استخدام مواد البناء من أسمنت وحديد وغيرها من المواد اللازمة لتنفيذ المشروع . وأشارت دراسة لمركز الاقتصاد العادل, الى وجود أزمة حقيقية في مجال الإسكان الاقتصادي بمصر, وارجعت ذلك الى تضاؤل الدور الحكومي في علاج الأزمة بسبب التحرر الاقتصادي والخصخصة, مشيرة الى ان حل أزمة الإسكان يتطلب سنوات عديدة قد تصل إلى أكثر من عشر سنوات, وان تتحمل الدولة مسئوليتها بصورة اكبر تجاه محدودي الدخل, فى حين ان هناك فائضا في وحدات الإسكان الفاخر لسنوات عديدة قادمة ولا يوجد عليها طلب. كما اشارت الدراسة الى إحجام البنوك عن تمويل المشروعات العقارية, بالاضافة الى القوانين واللوائح المنظمة للبناء و الإسكان التى تعتبر من أكبر العوائق لحل الأزمة, وكذلك عدم تطوير الأفكار لتواكب تطور النظرة للسكن من حيث التخطيط و التصميم والهندسة البنائية