دعا السير مالكوم ريفكند رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم ، رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للانصات إلى ملاحظات العسكريين خصوصاً على مناصب قمة اسلحة الجيش ، نتيجة قلقهم من خفض موازنة القوات المسلحة مما يؤثر على قواه العاملة من الجنود على الرغم من توفر المعدات العسكرية الحديثة والمتقدمة . هناك خطة هيكلة للجيش البريطاني يقودها وزير الدفاع فيليب هاموند تستجيب لضغوط الموازنة ، التي طالت أغلب الوزارات وكان يجب أن تصل إلى الجيش . ويتحرك هاموند لتعويض نقص الجنود بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة التي لا تحتاج إلى جيوش جرارة ، وهذا هو شكل الجيش التقليدي في مراحل سابقة ، اما الآن فإن التكنولوجيا تلعب دوراً مهما في تحديث السلاح المستخدم الذي يعوض تخفيض اعداد الجنود . وقد سعى وزير الدفاع هاموند لتوجيه التخفيضات في اعداد الجنود والوحدات إلى مناطق الادارة بحيث لا تطول الصفوف القتالية ، غير أن رئيس الاركان السير نيكولاس هوتون حذر من تجويف ونقطة فراغ داخل صفوف الجيش بسبب التخفيضات التي تطول القوة المقاتلة والتشكيلات التي كونت الجيش البريطاني على مر تاريخه . أعرب العديد من القيادات عن شكوى من تفكيك وحدات عسكرية تاريخية كانت موجودة منذ أيام الجيش الامبراطوري الذي ذهب إلى آسيا وافريقيا وحارب خلال حربين عالميتين بالاضافة إلى الحرب الكورية غير أن الظروف الاقتصادية تفرض ضرورة المواءمة مع الاوضاع الجديدة . لامهمات خارجية ولا يبدي فيليب هاموند وزير الدفاع قلقه لأنه يعبر عن موقف الحكومة وتأييده لوزير المالية جورج اوزبورن ، غير أن قيادة الجيش تتحدث بصراحة عن مخاوف قد تعرض الوحدات القتالية إلى هزات على الرغم من اعترافها بوجود اسلحة حديثة ومتطورة ورادعة وعلى قدر كبير من الكفاءة ، لكن المشكلة في قوة الجنود المستخدمين لهذا السلاح . وقال قائد سلاح البحرية السير جورج زامبلس إن هناك ضغطاً بشأن افراد القوات البحرية وان كان السلاح يحاول المحافظة على الكفاءة والاستعداد دون تأثير ، لكنه ألمح إلي أهمية النظر في الموقف الراهن نتيجة تلك الاعباء الناجمة عن تخفيض أعداد الجنود بسبب خفض الانفاق العام على عموم بريطانيا . كان نواب في البرلمان طالبوا بإبعاد الجيش والقوات المسلحة عن خطة التقشف التي يفرضها وزير المالية جورج اوزبورن ، لكن الدولة محتاجة للاستمرار في التخفيض لمواجهة الضغوط على الموازنة . وقد اكد وزير الدفاع الرغبة في امتصاص الخطة دون تأثير على استراتيجية الجيش الذي لاتزال لديه قوات في افغانستان مع وجود اخرى في ألمانيا وثالثة في قبرص . اشارت قيادات في الجيش أن الاوضاع الراهنة قد تؤثر في المستقبل على ارسال جنود للخارج في مهام عسكرية ، وهذا ما حدث خلال الازمة الليبية قبل سقوط نظام العقيد معمر القذافي إذ اقتصر التدخل البريطاني علي عمليات طيران من الجو وقد تم أيضاً تجنب التورط في الصراع الدائر في افريقيا مرتبطة بمنظمات التطرف ، وهو ما دفع فرنسا إلى التقدم نحو تلك البؤر ، وان كان ذلك يرتبط بعلاقات فرنسية بهذه الاقاليم والمناطق التي تدخلت فيها مثل مالي . وقد طالب السير مالكوم ريفكند ديفيد كاميرون إلى استماع آراء قوات الجيش لمحاولة تجنب القوات المسلحة هزات في ظل الرغبة القوية للمحافظة على الكفاءة والتدريب والقوة العسكرية المقاتلة . السير ريفكند تولى وزارة الدفاع في حكومة جون ميجور ، وأيضاً حمل حقيبة الخارجية التي انتقل إليها من وزارة الدفاع ، وهو من العناصر المحافظة ومن قيادات الحزب ويحتفظ بموقع قريب من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الحريص بدوره على تماسك الجيش وتجهيزه وضمان الاحتفاظ بقواته العددية التي يجري اعادة هيكلتها لامتصاص تخفيض الموازنة بما لا يؤثر على القوة القتالية . كان السير نيكولاس هوتون تحدث في لندن أمام معهد الدفاع البريطاني عن وضع الجيش في المستقبل ، إذ أن هذه التخفيضات لم تمس بعد تكوينه أو التأثير على الوحدات التي يتشكل منها، لكن اذا استمر تخفيض الموازنة وعدد الجنود فهذا بالتأكيد سيترك على المدى القريب فجوة قد تهز كفاءة الجيش والتزاماته ، إذ عليه دائماً أن يكون جاهزاً لتلبية ما يطلبه منه السياسيون إذا اقتضت الحاجة إلى التحرك بشأن قضايا لها علاقة بالامن البريطاني . الأمن البريطانى وقد ذهبت القوات البريطانية إلى العراق تحت شعار حماية الامن البريطاني كما قال آنذاك رئيس الوزراء توني بلير ، إذ كان يحذر من أسلحة دمار شامل يملكها النظام في بغداد تهدد هذا الامن ولم يكن أمام القيادات العسكرية سوى تلبية الامر السياسي وعدم مناقشته . وساعدت حالة جهازية الجيش للتقدم نحو البصرة واسقاط النظام بالتعاون مع قوات امريكية أخرى حليفة . وتحت شعار حماية الامن القومي ذهب الجيش البريطاني إلى افغانستان ولا يزال هناك يحارب حركة طالبان التي اعتدت على الامن الدولي عندما ساعد تنظيم القاعدة بالهجوم على نيويورك وواشنطن . وقد وصل عدد قوات الجيش في الوقت الراهن إلى ما فوق سقف المائة ألف جندي بنسبة قليلة وعند هذا الحد لا تطرح القيادات العسكرية قلقاً ، لكن المخاوف والهواجس مرتبطة بالمزيد من التخفيض الذي قد يطال مؤسسة الجيش ضمن اعادة رسم الموازنة البريطانية في ظل خطة التقشف الموضوعة ، والتي قال عنها وزير المالية جورج اوزبورن انها قد تستمر حتى عام 2018 ، إذ الهدف تخفيض حجم الدين العام لازالة الاعباء عن كاهل الاقتصاد حتى يستطيع القفز خارج نطاق الركود الذي يحاصره منذ سنوات . وقد نظمت لجنة الدفاع في مجلس العموم جلسات استماع لمناقشة احوال الجيش والوقوف على الاوضاع الراهنة وطريقة استيعاب خطط تخفيض اعداد الجنود وتأثيرها على الاداء العسكري .وقد أكد وزير الدفاع بأن الحكومة تراجعت عن الكثير من خطط كانت طرحتها لتقليص موازنة الجيش وانها استجابت لآراء القيادات العسكرية بما يحفظ القدرة القتالية لاسلحة الطيران والبحرية وعدم وصول الخطة إلى ما يمس قدرة الوحدات وجهازيتها العسكرية . تقليص الديون الجيش البريطاني يحظى باهتمام بالغ من الحكومة ، لكنها تحاول بكل الطرق نجاح خطتها العامة بالتعامل مع الديون بنهج تقشف يصل الى كل الوزارات والقطاعات الموجودة في البلاد . اعادت الحكومة النظر في بعض الخطط واجلت تنفيذ بعض التخفيضات على امل تحسن نسبي للاقتصاد وتجنيب الجيش مصاعب متوقعة في المستقبل . وقد اشار قائد سلاح البحرية إلى مصاعب وضغوط ، غير أنها لم تمس جاهزية السفن والسلاح البحري الذي يقوم بمهامه كلها كما يطلب منه عبر القيادة العسكرية الموجودة في سلطة الحكم . وتستغل المعارضة العمالية شكوى قيادات الجيش من تخفيض الموازنة للهجوم على حكومة ديفيد كاميرون ، غير أن الاخيرة تقول إن الاعباء الراهنة التي يعاني الجميع منها نتيجة حكم حزب العمال الذي توسع في الاقراض مما ارهق الاقتصاد والموازنة . وقد خاض الجيش حربين تحت حكم حزب العمال : الاولى في العراق والثانية في افغانستان . وكلفت العمليات عدة مبالغ باهظة تصل إلى المليارات ، غير أن الجيش لم يعلن الشكوى من هذه الحروب فتلك مهمته ووظيفته في تنفيذ المهام التي تسندها إليه الحكومات المنتخبة. أما الشكوى الآن فهي من تخفيض موازنة تخضع لاعادة هيكلة ضمن اجراءات تقشف تطول الوزارات كافة. اشارت حكومة كاميرون انها حاولت بكل الطرق تجنيب الجيش التخفيض المرتفع وسعت إلى الحد الادنى والقليل بما لا يؤثر على وضع الوحدات القتالية ، وعلى الرغم من هذا التأكيد فإن رئيس الاركان قلق ومنزعج بشأن احتمالات مرتبطة بالمستقبل ويشاركه وزير دفاع سابق هو السير مالكوم ريفكند رئيس لجنة الامن القومي في البرلمان الذي طالب الحكومة بإعادة النظر مرة أخرى حتى لا تتأثر جاهزية الجيش في اوقات صعبة هنا وهناك حيث تظهر خلالها مخاطر ليست بريطانيا ببعيدة عنها .