مثل الاجتماع التشاوري لوزراء الداخلية والعدل لدول الاتحاد الأوربي ،في أثينا يوم الجمعة الماضية (حيث تتولي اليونان الرئاسة الدورية للاتحاد )بحضور المنسق الأوربي "جيل دي كيرشوف " لمكافحة الارهاب حلقة جديدة ضمن آليات التنسيق الأوربي الدائم لمواجهة خطر العودة المستمرة للجهاديين من مواطني الدول الأوربية ومن حاملي جنسية دولها .اذن فهو الاجتماع الثاني بعد اجتماع بروكسيل منتصف العام الماضي للهدف ذاته .فقد ركز احتماع أثينا علي الثغرات القائمة ونقص للآليات القانونية والتعامل الأمني الوقائي ،لتطويق ومعالجة ظاهرة عودة هؤلاء التكفيريين من جهادهم المزعوم علي الأراضي السورية .!طالب دي كيرشوف للمرة الثانية الوزراء الأوربيين بالمزيد من التنسيق علي أعلى المستويات بين أجهزة المخابرات الأوربية ومع دول عربية تعاني من ظواهر التطرف الأصولي ،وبالأخص تركيا .!! وهو ما يدعو للدهشة والرثاء علي حال الأوربيين ونفاقهم .حيث تحتضن أنقرة قيادات جماعة الاخوان الارهابية المحظورة واجتماعات تنظيمهم العالمي للتآمر علي مصر والتخطيط للعمليات الارهابية ،فضلا عن الاعلام الموجه من قناة رابعة وغيرها من اعلام نظام اردوغان الأصولي .بروكسيل التي انتقدت نظام اردوغان في قمع المتظاهريين المعارضين لحكمه ،وفضائح فساده طالبت علي استحياء في هذا المجال بالشفافية والعلنية وفقط !!أوربا تطالب النظام التركي بالتحقق من مواطنيها وحاملي جنسياتها حيال وصولهم للأراضي التركية وتتبعهم في الوصول للأراضي السورية. بل تكمن الغرابة في أن أوربا تعتمد علي أنقرة بعد ابتزاز لتوقيع اتفاقية تسليم وعودة المهاجرين غير الشرعيين الهاربين من الأراضي التركية للحدود الأوربية ،مقابل تسهيلات لنظام التأشيرات الأوربية للمواطنين الأتراك .وحتي برغم تسريبات عن تقارير لتعاون أمني لصيق الصلة بين عواصم أوربية ودمشق للمعلومات عن الجهاديين الأوربيين ،الا أن هذا الأمر لا تتم مناقشته أو الاعلان عنه علنا !ونظرا لأن أوربا تفتقر لاتفاق دولي لتبادل بيانات ومعلومات عن حركة المسافرين خصوصا مع واشنطن ،علي أثر رفض البرلمان الأوربي لاتفاقية من هذا النوع ،تخوفا من انتهاك مجال الحريات الخاصة علي خلفية فضائح شبكات التجسس الأمريكية علي العالم .وأيضا لأن معاهدة "شنغن " الأوربية فيما بين الدول الأعضاء للاتحاد تقتضي رصد وتتبع حركة الهجرة غير الشرعية وعمليات تهريب البشر ،وليس تحركات المواطنين الأوربيين والتقييد لتنقلاتهم .من هنا سعت أوربا في الملف الأمني لها بفتح قنوات غير رسمية مع دمشق .. فالمعلومات تشير باعتراف وزير الداخلية الألماني في الحكومة الائتلافية الحالية مع الاشتراكيين "توماس دومايزر " (المذكور كان يشغل منصب وزير الدفاع في الحكومة السابقة ) ،الي أن من غادروا ألمانيا وحدها علي مدار العام الماضي فقط 270 مواطناً فقط توجهوا لسوريا عبر تركيا ..الا أن ذلك الرقم شككت فيه مصادر اعلامية متنوعة وأفادت بأكثر من ضعفه !. الغريب أن دومايزر أعرب عن حيرته في تصريح صحفي متسائلا :لماذا يذهب هؤلاء للجهاد بسوريا ولم يشاركو من قبل بالجهاد في أفغانستان وباكستان ؟؟!! . حتي أن "جيل دي كيرشوف " المنسق الأوربي كان قد أعلن حسب مصادره بمشاركة أكثر من ألفي مواطن أوربي ومن حاملي جنسياتها في جهادهم المزعوم بسوريا .وأغلبيتهم من فرنسا ،بلجيكا ،هولندا ،بريطانيا ،السويد ،الدانمرك ،أسبانيا وايطاليا . والقضية كما يقول دي كيرشوف أن هؤلاء يتحركون بسهولة لأن أغلبيتهم من مزدوجي الجنسية أي بجوازي سفر من دول كالمغرب ،تونس والجزائر ،حيث يمكنهم الدخول لتركيا بدون تأشيرة (اتفاقية تأشيرات بين تركيا وبين هذه الدول ) بجواز سفر بلدانهم الأصلية ولدي عودتهم بجواز السفر الأوربي ..وعلي هذا المنحي كما أفردت محطة بي بي سي لمدير أمن شرطة مانشيستر "بيتر فاهي " عن قرار وزير الداخلية البريطاني بحجز العائدين من سوريا والتحقق منهم ،حيث كما ذكر عن مشاركة أغلبيتهم في معسكرات تدريب للجهاديين علي الأراضي السورية .بل أكد "فاهي " سفر فتيات قاصرات من أصول باكستانية وعربية للجهاد !الأجهزة الأمنية البريطانية ألقت القبض علي 16 جهادياً عائداً لشبهات في التحضير لأعمال أرهابية خلال شهر ديسمبر الماضي، بالمقارنة بعمليات اعتقال لعدد 24 شخصاً خلال العام الماضي بأكمله ! أوربا تتجرع الكأس الأن ومرارة الارهاب الذي زودته وأمدته ووقفت بجانبه في نفاق مريب تحت كلشيهات حقوق الانسان والديمقراطية !! علي كل اتفق الأوربيون علي انشاء مؤسستين – بناء علي توصية من المفوضية ببروكسيل – واحدة للوقاية من خطر التطرف والتكفيريين وأخري اعلامية للتوعية وأمنية متخصصة لجمع المعلومات وتحليلها بتمويل قدره 24 مليون يورو .الثابت هو الكيل بمكيالين في السياسات الأوربية لدي التعامل مع حركات الاسلام السياسي وفروعه الجهادية لخدمة السيناريوهات الاستعمارية حفاظا علي المصالح الاستعمارية …