يتحدث الجميع عن التنمية الاقتصادية في مصر ضمن الحديث عن إنجازات - وهمية - للحزب الوطني خلال ثلاثين عاما مضت، ويتناسون أن الصناعة أهم مقياس لهذه التنمية، وفي الفترة الماضية حدث الكثير من التدمير لمعظم الصناعات المصرية علي رأسها مصانع الغزل والنسيج التي تعاني من الإغلاق تارة والخسارة تارات أخري، وتوقف الكثير منها والتي يشير البعض أننا بعيدون تمام البعد عن تطوير مصانع الغزل والنسيج ولهذا أقل ما يحدث هو خسارتها وإغلاقها. ويذكر أنه من بعد تطبيق القانون رقم 203 لسنة 1991 الخاص بقطاع الأعمال العام واتجاه الحكومة للخصخصة وإهمالها لحل مشكلات هذا القطاع الصناعي هو ما ترتب عليه انهيار الصناعة المصرية في كثير من مجالاتها، وأيضا تدهورت صناعة الورق، والألومنيوم. بخلاف الحديث عن ديون مصانع الغزل والنسيج وشركات الحديد والصلب وهو ما يشير دائما إلي تأثير الاحتكار علي الصناعة في مصر والباحثون عن الربح من السادة الوزراء أو رجال الأعمال - حسب الأقرب إلي قلبهم طبعا - وعلي الرغم من هذا المشهد المأساوي للصناعة المصرية فإن السادة المسئولين يخرجون علينا يوميا بتصريحات كثيرة عن تحديث الصناعة ومؤشرات لمعدلات نمو لا نشعر بها وحججهم بأهمية اتفاقية «الكويز» واعتبارها حلا للبطالة ولصناعة النسيج في مصر، وإنشاء آلاف المصانع «للشيبسي واللبان» وليتنا حتي نصنع آلة الشيبسي ولكننا نكتفي بوضع البطاطس وتشغيل الآلة، في نفس الوقت تغرق الصناعة الصينية السوق المصرية لتبلغ بضائعها أكثر من 12 مليار جنيه مصري. وتعليقا علي حال الصناعة المصرية الحالي يري د. فرج عبدالفتاح الخبير الاقتصادي أن الصناعة المصرية لم تشهد تطورا مثلما حدث في الفترة الناصرية حيث اهتمت الدولة بكثير من الصناعات مثل الحديد والصلب والنسيج وغيرها ولكن منذ أن أسندت عملية التنمية للقطاع الخاص وجدنا تدهورا ملحوظا لأن القطاع الخاص من الأساس يبحث عن الربحية وهو ما جعله يتجه إلي الأنشطة الخدمية لتحقيق كثافة أعلي، ويضيف د. فرج أنه بملاحظة الأنشطة الصناعية نجد أن الصناعة التي يقوم عليها أسس المجتمعات إما تحقق ربحية اجتماعية أو اقتصادية ولذلك كان علي الدولة أن تتمسك بالصناعات الأساسية لتحقيق الربحية الاجتماعية مثل تشغيل العمالة وإنتاج صناعات استراتيجية تحقق علي سبيل المثال الأمن القومي للدولة. وإذا كانت هناك حالات ظهرت في القطاع الخاص تمثل صناعات مثلا ثقيلة فهي تعمل في ظل نظام احتكاري والاحتكار هو شكل من أشكال السوق الذي لا يراعي صالح المجتمع إنما يراعي صالح المحتكر نفسه هنا تتواجد الصناعة ولا تحقق منافع لأبناء الوطن. ويضيف عبدالفتاح أن أحد التداعيات لما يحدث هو إغراق السوق بالصناعات الأجنبية وعلي وجه الأخص «الصينية» وهو ما يتطلب طرح تساؤلات حول كيفية دخول مثل هذه البضاعة إلي السوق المصرية وأين جهاز منع الإغراق الذي يجب عليه حماية صناعتنا الوطنية. والخطير في الأمر أن الحكومة تتعمد دائما تخريب الصناعة الوطنية فمثلا قامت برفع أسعار الطاقة علي الشركات الثقيلة، ونجحت سياساتها في غلق أكثر من 200 مصنع في المدن الجديدة خلال السنوات الخمس الماضية طبقا لمعلومات اتحاد عمال مصر.