ولادي كلهم في التعليم وزبوني مايعرفش العيش الفينو.. هذه كانت كلمات محمد موسي بائع الكبدة الجملي علي فرشته بأحد الأسواق الشعبية، فسيارته الملاكي ماركة مختلفة تماما عن جميع ماركات السيارات لأنها عبارة عن عجلة تحمل فوقها صندوقا خشبيا مصنوعا باليد ويضع فوقها محمد أدوات الشغل وهي «طاسة كبيرة الحجم» مصنوعة من الألومنيوم وسخان يعمل بالأنبوبة وبعض أدوات التقليب بجانب التوابل والفلفل ليضع الكبدة لزائري السوق والعاملين فيه. رغم وجود الكثيرين من بائعي الكبدة في الشوارع المصرية وتفنن هؤلاء في تزيين «الفاترينة» بالخضراوات تارة والألوان تارة لكن محمد موسي يختلف عنهم تماما فهو غير مهتم علي الإطلاق بالزينة أو «الفاترينة». ولفت نظري عدم وجود حتي أي إضافات علي الكبدة أثناء عملية طهوه لها اللهم إلا بعض قطع الفلفل الأخضر وعندما سألته أكد لي أنه لا يفضل ذلك وأنه يتعامل مع كبدة بلدي وليست مستوردة ولهذا يكتفي بنكهتها الأصلية والزبون يعلم جيدا فائدة الكبدة الجملي.. يشتري محمد الكبدة بخمسين جنيها للكيلو - بعد غلائها - من 30 جنيها إلي 50 جنيها ويعمل داخل الأسواق الشعبية الأسبوعية وينتقل إليها يوما بعد الآخر من بلد إلي آخر وهو راض تمام الرضا مبررا هذا بأنها مهنة جد جده وهو ورثها عنهم مضيفا: انتظر مواسم الأسواق في قرب الأعياد أو الإجازات «علشان نعمل قرشين» وعندما سألته لماذا لا تستخدم العيش الفينو السندوتشات أسوة بزملائك رد قائلا: «زبوني مايعرفش الفينو»، وعندما تحدثه عن «الكبدة الجملي» تحديدا تجد منه ما لذ وطاب حيث يسهب في سرد مميزاتها مؤكدا فوائدها وأن الجمل إذا مرض يموت ولهذا فهو أفضل من اللحوم الأخري، ومحمد لديه أربعة أطفال أكبرهم في المرحلة الإعدادية وإذا حاولت أن تشير حتي إلي مساعدة أولاده له في العمل تجده يرفع صوته قائلا «أنا بعلم ولادي بس» ولا أريد أن يعانوا ما عانيته في الحياة.