يخوض الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر انتخابات مجلس الشعب وهو يبشر الشعب المصري بقانون التأمين الصحي الجديد الذي سيقره مجلس الشعب الجديد بمجرد انعقاده. وأحسن شرح للقانون الجديد جاء علي لسان وزير الصحة حاتم الجبلي في الصفحة الأولي من الأهرام في مارس الماضي، فقد قال إن التأمين الصحي في القانون الجديد سيتحمل ثلثي ثمن الدواء والعمليات العادية فقط. أما العمليات الدقيقة مثل عمليات المخ والأعصاب والأورام فلن يعالجها التأمين الصحي! ستدخل تلك الأمراض في حزمة الكوارث التي يعالج منها من يدفع اشتراكا خاصا! وطبعا العمليات الدقيقة تشمل كل جراحات القلب وتغيير المفاصل في العظام وجراحات الأوعية وغيرها. طبعا وزير الصحة مشغول ولم يقرأ حكم محكمة القضاء الإداري الذي يرفض "إنشاء نظامين للتأمين الصحي أحدهما محدود المزايا للفقراء والآخر وافر المزايا للأغنياء" لانه ضد المبدأ الدستوري بالمساواة بين المواطنين، ولا يهم الوزير في قليل أو كثير أن حوالي نصف شعبنا تحت خط الفقر ولا يستطيع دفع تكلفة حزمة الكوارث التي تشمل كل الأمراض الخطيرة التي تمثل الهدف الأساسي من التأمين! وفي القانون الجديد يدفع المشترك الاشتراك وفوقه ثلث ثمن الدواء ونسبة من الفحوص، ولكن الدكتور حمدي السيد، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني يقول إنها نسبة بسيطة لأنه لن يدفع سوي 30 جنيها مثلا، ولا يقول إن هذا المبلغ في كل عيادة، ولا أن المبلغ يصل إلي 70 جنيها في الأشعات المكلفة، فمريض الضغط والسكر والقلب يدخل عيادتين علي الأقل شهريا، ولو له تحليل سكر وأشعة قد يدفع كشفا وتحاليل وأدوية ما يزيد علي 100 جنيه شهريا! فما قاله وزير المالية من أن ثلثي أرباب المعاشات معاشهم أقل من 300 جنيه شهريا لم يصل أيضا إلي مسامع حمدي السيد! ولكن لماذا يقلل قانون التأمين الصحي الجديد الأمراض التي يعالجها في نفس الوقت الذي يزيد أعباء الناس المادية؟ لماذا يحرص علي تطفيش الناس من التأمين حتي لو كان لا يخسر؟ هنا سر المشكلة! فوزير الصحة مستثمر كبير ومالك وشريك في شركات تأمين ومستشفيات خاصة مصرية وعربية، ولن تربح تلك الشركات إلا بفشل القطاع الحكومي من المستشفيات! بل إن حكومته تضم العديد من المستثمرين لذلك يتم تنفيذ توصيات البنك الدولي بتحويل مستشفيات الحكومة وهيئاتها إلي شركات قابضة وتابعة لتكسب من المتاجرة في مرض المرضي تحت اسم فصل التمويل عن الخدمة! ولا يصرح بأن هدف البنك الدولي المعلن النهائي هو ألا تقدم أي هيئة حكومية العلاج ولكن تشتريه من القطاع الخاص! ومعني هذا أن المستشفيات التي لا لزوم لها سوف تباع بالبخس مثل كل شئ في المرحوم القطاع العام ليستفيد أمثال الجبلي وشركاؤه من المستثمرين بشرائها بالبخس! الحزب الوطني بعد خمس سنوات من محاولات فاشلة لتمرير قانون الخصخصة وقرار الشركة القابضة لأرواح المرضي، وبعد أحكام متعددة للقضاء ترفض الشركة القابضة وتوصي برفض قانون تحويل التأمين الصحي إلي تأمين تجاري، لا يزال مصرا علي إعادة المسلسل السخيف رغم أنف معارضة المواطنين الذين وقفوا بالمئات أمام مجلس الشعب. جاء الوقت الذي نسأل فيه كل مرشح عن موقفه من الصحة قبل انتخابه، لكي لا نموت علي يد الحزب الوطني من خصخصة العلاج! لجنة الحق في الصحة (البيان رقم 16)