ربما مع نشر هذا المقال يكون تم الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد، ومنه بالطبع اسم وزير الثقافة، والذي نتمني – نحن جماعة المثقفين المصريين – أن يكون علي قدر المسئولية، بحيث يكون قادراً علي فتح كل ملفات الثقافة المصرية، ومحاولة علاج الخلل الحادث فيها، وهو كبير جدا، علي المستوي الإداري، وعلي مستوي الأداء الثقافي المتردي خلال سنوات طويلة. علي وزير الثقافة الجديد أن يستعين بأهل الخبرة من المثقفين بتعيينهم كمستشارين في الهيئات الثقافية التي سيطر عليها جيش من الموظفين – خلال الثلاثين عاما الماضية – والذين لا يعرفون عن الثقافة شيئا، فأصبح المنجز المطروح لا يقترب من أدني عناصر الجودة المطلوبة. وللأسف فإن كثيرا من هؤلاء الموظفين هم الذين تصدروا الكوادر الإدارية، في تلك المؤسسات التي من المفترض أنها مؤسسات لبناء الوعي. علي وزير الثقافة الجديد أن يبدأ بعقد مؤتمر ثقافي كبير ليتعرف علي هموم ومشاكل المثقفين. كي يعرف مع من يتعامل؟ كذلك عليه أن يجعل من قضية «التنوير» قضية أساسية لعمله في المرحلة القادمة، والتنوير ليس باستعادة أفكار الماضي وإنما بالاستعانة بها في تطوير الواقع الآني فهناك أفكار جيدة طرحت في بدايات القرن العشرين علي يد طه حسين وعلي عبدالرازق وتوفيق الحكيم وقاسم أمين وغيرهم مازالت صالحة حتي الآن، ولتنفيذ ذلك عليه أن يعطي أهمية للانتشار الأفقي للثقافة بمعني النزول بالفعل الثقافي إلي الشارع من خلال الاهتمام بالثقافة الجماهيرية، والاستعانة بالمثقفين لقيادة هذه الأماكن الحيوية، فالموظف التقليدي لن يجدي ولن يقدم شيئا في إدارة مثل هذه المواقع. كذلك لابد من الاهتمام بالمسرح الذي غاب دوره في الأربعين عاما الماضية، ونحن لا نريد إنتاج الماضي كما قلت ولكن علينا الاستعانة بشباب المخرجين خاصة من الفرق المسرحية الحرة التي عملت – في كفاح ونضال – لسنوات طويلة، وقدمت تجارب مغايرة، حافظت للمسرح المصري علي بعض ماء الوجه. كذلك علي وزير الثقافة الجديد ألا يعتمد علي مجموعة صغيرة تساعده علي العمل بل عليه أن يوسع من القاعدة الثقافية من حوله، لأن الثقافة – بمعناها الأوسع – هي فعل جماعي. لابد من إعطاء الفرصة للشباب في قيادة المواقع الثقافية وإصدارات الوزارة، وهذا حق اكتسبه هذا الجيل من خلال قيادته للثورة المصرية.