رغم الاتفاق الروسي الأمريكي علي عقد مؤتمر دولي لحل الأزمة السورية لكنها تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، وتزداد حدة الاستقطاب الدولي، والصراع علي الأرض السورية، وطرح حلول لتمزيق سوريا إلي دولتين، إحداهما في دمشق يحكمها نظام بشار الأسد، والأخري لتلك القوي التي تضم تيارات إسلامية سنية وجماعة النصرة، وما يسمي بالجيش السوري الحر، ويلقي هذا الطرح قبولا من بعض الأطراف الدولية، التي تجد في ذلك حلا للأزمة، حيث لم يستطع أي طرف من أطراف الأزمة أن يحقق نصرا علي الطرف الآخر. ولا يبدو هذا ممكنا في الأفق القريب، بينما يلقي معارضة من البعض الآخر الذي يصر علي رحيل نظام الأسد، قبل أي تفاوض أو اتفاق.. دون اتفاق علي كيف ستكون الدولة السورية بعد رحيل الأسد؟ وهل ستلقي نفس المصير العراقي بعد رحيل صدام حسين، علي يد الغزو الأمريكي الذي عمل علي تقسيم العراق، وتفجيره من الداخل، وحتي الآن أي بعد مرور 10 سنوات من دخول الأمريكيين للعراق؟ ولا نغفل وسط كل هذا دخول إسرائيل علي الخط واعتدائها علي سوريا مؤخرا مما يهدد بصراع إقليمي كامل علي حد قول مجلة التايم الأمريكية التي نشرت مؤخرا تقريرا عن الحرب السورية والغارات الإسرائيلية حيث قالت إن لعبة خطرة تتكشف في الشرق الأوسط لتضع إسرائيل في مواجهة مع سوريا، وحليفها حزب الله اللبناني، الأمر الذي يهدد بصراع إقليمي كامل. وعرضت المجلة بتفصيل كبير قدرات حزب الله العسكرية، وقالت إن حربه السابقة عام 2006 ضد إسرائيل تميزت بكفاءته القتالية في البحر والبر، وضعف دفاعاته الجوية. يذكر أن الشيخ «نبيل فاروق» نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، صرح في حفل لوحدة الإعلام الإليكتروني في الحزب، الأسبوع الماضي، بأن حزب الله سيفاجئ إسرائيل في المواجهة المقبلة، بقدرات متطورة في الدفاع الجوي، وبالتالي نهاية الهيمنة الإسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية. وأوضح أن إسرائيل تسعي لجر المنطقة إلي حرب بشروطها حيث تعمل علي تهيئة مقدمات الحرب القادمة. وأضاف فاروق متوجها بخطابه إلي إسرائيل قائلا «موتوا بغيظكم»، فبعد كل المتغيرات في سوريا، المقاومة أكملت مسار تعزيز قدراتها العسكرية، كما ونوعا، مؤكدا أنهم جاهزون لإلحاق النكبة الكبري والهزيمة بإسرائيل! وتعليقا علي تصريحات الشيخ نبيل فاروق، نتمني نحن العرب أن تكون تهديداته حقيقية علي أرض الواقع، وأن نلحق بإسرائيل وجميع القوي التي تسعي لتدمير الجيوش العربية «العراقي» ثم «السوري» وإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحهم.. نتمني أن نلحق بها الهزيمة، وأن تتخذ جميع القوي الثورية بحق، والتقدمية من أجل هزيمة المشروع الصهيوني – الأمريكي في الشرق الأوسط، وألا تصبح مجرد أمنيات ورغبات ودعوات! وعودة إلي تقرير مجلة التايم، حيث أعرب دبلوماسي أمريكي عن قلق بلاده حيال ما وصفه بتورط حزب الله إلي جانب القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، في حين دعا وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «ألستير بيرت» إلي إدراج الجناح العسكري لحزب الله علي لائحة المنظمات الإرهابية. بشاعة الخيارات القادمة كما تناولت بعض الصحف البريطانية، الحرب الأهلية في سوريا بالنقد والتحليل، فبينما حذرت إحداها من بشاعة الخيارات القادمة، قالت أخري إن الغرب يتورط في الأزمة بشكل تدريجي، وتساءلت بشأن مدي ضرورة التدخل العسكري الأمريكي في الأزمة المتفاقمة منذ أكثر من عامين. فقد حذرت «ذي جارديان» مما سمته الخيارات البشعة التي تنتظر مستقبل الأزمة المتفاقمة في سوريا، مضيفة أن الحرب كشفت، الأسبوع الماضي عن مدي خطورتها، وعن احتمالات تسببها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط برمته، بعد اعتراف حزب الله بتورطه في القتال إلي جانب الأسد، وسط الخشية من اتساع نطاق الحرب ليشمل سوريا، ولبنان والعراق علي حد سواء. «بينما لم تشر الصحيفة، إلي المعسكرات التي يتم فيها تدريب العناصر التي تقاتل إلي جانب المعارضة أو الجيش السوري الحر، علي الأراضي الأردنية، وللأسلحة التي تأتي من الغرب وجميع الدول المساندة للجيش السوري الحر». وقالت ذي جارديان إن تسليح الثوار السوريين بطريقة «التنقيط» ليس من شأنه تغيير ميزان القوة في المنطقة موضحا أن الأوضاع الراهنة في سوريا، تضع كل الدول التي تدعم الثوار أمام خيارين صعبين يتمثلان في الحل العسكري والسلمي. وقالت إن الحل العسكري يتطلب من أصدقاء الشعب السوري إقامة مناطق عازلة في سوريا، وكذلك تسليح الثوار بالأسلحة الثقيلة التي يحتاجون إليها بهدف الحسم، ولكن هذا الخيار يترك الفرصة أمام روسيا وإيران لتسليح قوات الأسد بأسلحة أثقل، وسط احتمالات كارثية في مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد. وأضاف أن الحل السلمي للأزمة السورية خيار صعب، موضحة أنه يتطلب خفض مستوي تسليح الثوار السوريين، ويعني أيضا أنه يتوجب علي القادة الثائرين الذين مزقت قوات الأسد، عائلاتهم، القبول ببقاء الأسد كجزء من العملية الانتقالية، وهذا خيار صعب! انتظار نتائج المؤتمر الدولي وكان لصحيفة «ذي إندبندنت» رؤية أخري، حيث قالت إنه يبدو أن الغرب يتورط تدريجيا بالحرب الضروس في سوريا موضحة أن كلا من فرنسا وبريطانيا تسعيان إلي تسليح الثوار السوريين، وسط التردد الأمريكي، في التدخل العسكري المباشر، ومضيفة أن التريث الأمريكي ربما يعود في جزء منه إلي انتظار واشنطن، لنتائج المؤتمر الدولي بشأن الأزمة السورية، والذي يعد له كل من وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» ونظيره الروسي «سيرجي لافروف». وأضافت الصحيفة أن الغرب قد يرسل أسلحة إلي الفصائل المعتدلة من الثوار السوريين، دون توضيح من هي الفصائل المعتدلة من وجهة نظر الغرب، وهل هي فصائل الإخوان المسلمين وجماعة النصرة.. أم من! وتساءلت ذي اندبندنت إن كان يتوجب علي واشنطن التدخل؟ وقالت إنه يتوجب عليها اتخاذ الحذر الشديد بشأن أي تدخل عسكري، خاصة في ظل تجربتي العراق وأفغانستان، لكن الصحيفة دعت لضرورة تخفيف المعاناة الإنسانية التي أحدثتها الحرب في سوريا.