لتصحيح المفاهيم الخاطئة، الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة بالمحافظات    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    محافظة الجيزة تعلن قطع مياه الشرب 6 ساعات في هذه المنطقة    5 أسهم تتصدر سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة المتداولة بنهاية الأسبوع    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    وزير الدفاع الإيراني: صواريخ جديدة برؤوس حربية متطورة لم تُستخدم في حرب ال12 يومًا    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    تشيلسي يدمر وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي.. فيديو    إعلام أمريكي: إقالة مدير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية    في ظهوره الأول مع تشيلسي، إستيفاو ويليان يدخل التاريخ في الدوري الإنجليزي (فيديو)    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    أول تعليق من النني بعد فوز الجزيرة على الشارقة بالدوري الإماراتي    «ليس الأفضل».. وائل جمعة يصدم محمد صلاح بشأن الكرة الذهبية    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    أمم إفريقيا للمحليين - المليوي يقود المغرب إلى نصف النهائي.. ومدغشقر تقصي كينيا    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    مروة "بنت مبارك" تكشف للنيابة أسباب خلافها مع وفاء عامر وتتهم نجل الرئيس السابق بهذا الأمر    عامل مزلقان ينقذ شابًا من الموت أسفل عجلات قطار في بني سويف    ويجز يشعل حفل مهرجان العلمين بأغنية "خسرت الشعب"    تحت عنوان كامل العدد، مدحت صالح يفتتح حفله على مسرح المحكي ب "زي ما هي حبها"    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    ميرهان حسين جريئة وليلى علوي بإطلالة شبابية.. لقطات نجوم الفن في 24 ساعة    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    مروة "بنت مبارك" للنيابة: معايا مستندات تثبت الحالة الصحية ل شيكا وبيع كليته السبب الحقيقي لموته    لأول مرة، شقيق ويجز يقدم عددا من أغانيه بمهرجان العلمين    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    المرور ينظم قافلة ل فحص المركبات تيسيرا علي المواطنين بالوادي الجديد    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    الزمالك يواصل استعداداته لمواجهة فاركو بتدريبات استشفائية وفنية    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    محمد طاهر: الكرة من أفضل أدوات التسويق ورعاية للزمالك لدعم الأندية الشعبية    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    فلكيًا.. تحديد موعد المولد النبوي 2025 والإجازة الرسمية    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    رئيس جهاز القرى السياحية يلتقي البابا تواضروس الثاني بالعلمين (صور)    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا الزمان بقلم: محمد فهمي
نشر في الأهالي يوم 18 - 08 - 2010


«الفلاحين» راحوا البندر.. العوافي يا حكومة!
أصبحت مصر التي كانت زراعية تستورد قمحها وعدسها وبصلها من بلاد الكفار الذين يتناولون المثلجات في نهار رمضان!
عندما يعلن حكامنا.. أننا نستورد القمح من روسيا وأمريكا وأوروبا.. وأننا نستورد اللحوم من إثيوبيا والهند والبرازيل وأن طن المكرونة ارتفع 800 جنيه.. وطن الدقيق ارتفع 1550 جنيها وأن أسعار اللحوم «وفقا لكلام حكامنا» تراوحت بين 55 جنيها و80 جنيها للكيلو الواحد، وأن ارتفاع أسعار القمح أدي
لارتفاع الأعلاف.. وهلم جرا!.
عندما يقول حكامنا ذلك.. بعد 30 سنة من انفرادهم بالسلطة المطلقة.. والتوجيهات التي لا تقبل الجدل.. فهم في الحقيقة يعترفون بفشلهم.. وأن وجودهم فوق مقاعد السلطة.. فيه تهديد للأمن القومي لهذه الأمة العظيمة.. بل ينطوي إلي حد كبير علي أسباب زوالها.. لا قدر الله.
نحن نواجه أسباب الزوال.. وفق مخطط شيطاني استهدف القضاء علي القطاع الزراعي.. ومطاردة الفلاحين.. وتحويل أربعة آلاف قرية لمناطق طاردة لسكانها..كي تنكسر إرادة أمتنا العظيمة ويسهل استسلامها بلا قيد ولا شرط مقابل رغيف الطابونة.. ونتنازل عن سيادتنا الوطنية في القضايا التي دافع عنها أجدادنا لآلاف السنين مقابل كسرة خبز!
والمهين في الموضوع أن تخرج علينا صحف الحكومة.. وعناوينها الرئيسية تؤكد لنا أنه لا مساس بسعر الرغيف المدعم الذي نحصل عليه في طوابير الطابونة، وكأن القضية التي تشغل بال المواطن هي الحصول علي رغيف الطابونة.. وليست السياسة والتوجيهات التي أدت بنا لقيام الفلاح الأمريكي والروسي والفرنسي بإطعام الفلاح المصري.. وإلي قيام الفلاح الإثيوبي والهندي بتوفير اللحوم للفلاح المصري.. وإلي إفشال جميع الخطط الوطنية للاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الأساسية.
لقد استطاع حكامنا طوال 30 سنة تحويل هذا الوطن إلي مائدة رحمن كبيرة.. تمتد من أقصي الشمال في دمياط إلي أقصي الجنوب في صعيد مصر.. تتقرفص حولها رجال وسيدات وأطفال وشباب وشيوخ هذه الأمة.. وهم ينحنون تحت أيدي أصحاب المائدة الذين يقدمون لهم الطعام مقابل الانحناء والانكسار.. وإهدار الكرامة.
وحكامنا لم يصلوا بنا إلي هذه الحالة.. بين يوم وليلة.. وإنما قاموا بها طوال 30 سنة كاملة.. ووفق مخطط جهنمي.. لتحويل الرغيف إلي أقصي أماني كل أسرة.. ومن حقنا أن نتساءل:
ماذا جري للفلاح المصري طوال ربع القرن الأخير؟
ماذا حدث للفلاح المصري بعد أن أهدر حكامنا.. أضخم مشروع تنموي عرفته مصر في تاريخها الحديث.. وأعطوا ظهورهم لكل ما يتعلق بالقرية المصرية للقضاء عليها.. وإزالتها من خرائط الاستثمار الزراعي؟
ماذا حدث للفلاح المصري؟
يجيب عن هذا السؤال مانشيت صحيفة «الأخبار» الصادرة يوم الأحد 8 أغسطس 2010.. الذي يقول:
جدولة مديونيات 462 ألفا من صغار المزارعين المتعثرين.
ويقول السطر الثاني من المانشيت في الصحيفة الحكومية:
5.2 مليار جنيه إجمالي المديونيات المتعثرة لبنك التنمية وإعفاء المزارعين من 2.1 مليار جنيه.
وهو كلام خطير يعكس العلاقة بين حكامنا.. وأبناء هذه الأمة من الفلاحين، والتي تحولت لعلاقة بين الفلاح وبنك التنمية أشبه بالعلاقة بين الرقبة والسكين.. وتخلت السياسة عن الموضوع كي تتفرغ للانتقال من قمة إلي قمة.. ومن مراسم استقبال في عاصمة لمراسم استقبال في عاصمة أخري.
علما بأن القطاع الزراعي وأحوال الفلاحين في كل دول العالم هي من اختصاص الساسة.. وليست مسئولية البنوك.
مسئولية العناصر الوطنية المنتخبة.. في انتخابات حرة ونزيهة.. وليست مسئولية مستوردي الحبوب واللحوم وشنط الإسعاف.
هي مسئولية الوطن والأحزاب.. وجميع مؤسسات الدولة.
ولا توجد دولة تدير شئونها النخبة الوطنية.. تترك علاقتها بالفلاحين لرجال البنوك.. ولبنك يحمل اسم التنمية الزراعية.
ما مهمة البنك؟
هل يضع البنك السياسة الزراعية.. بالطبع لا.. لأنه لو كان البنك هو الذي يضع السياسة الزراعية.. لما تراكمت ديون 462 ألف فلاح.. ولما بلغ مجموع المديونيات 5.2 مليار جنيه.
لماذا تراكمت هذه المديونيات؟
تراكمت بسبب فشل السياسات الزراعية التي أدت لعدم جدوي الاشتغال بالزراعة.
تراكمت بسبب عجز الدولة عن التواصل مع الفلاح.
وانقطاع قنوات الاتصال بين حكامنا من سكان المنتجعات والقصور والفلاح الذي سقط من حسابات الحكام وأصحاب الطائرات الخاصة.. المتأهبة للطلعات الجوية نحو الخارج.
نحن إذن أمام أزمة سياسية.. تبدو ملامحها كلما ارتفعت أسعار القمح واللحوم في أسواق العالم.
فالقضية ليست قضية حريق نشب في روسيا، أو الطاعون أصاب المواشي في الهند.. واستوردناه بعد مروره بالموانئ البرازيلية.
القضية هي قضية الفلاح في مصر.
قضية قطاع ينقرض.. ويكاد يختفي تحت جحافل عصابات استيراد المنتجات الزراعية.. وفي مقدمتها القمح.. من الخارج.
قضية غياب الرؤية السياسية لقطاع الفلاحين في مصر.. واسمعوا هذه الحكاية.
في سنة 1980 التقيت وزير الزراعة الألمانية جوزيف ارتل.. في مناسبة اجتماعية.. وأردت أن أكسر حاجز الصمت فسألته عن الدعم الذي تقدمه الحكومة الألمانية للمنتجات الزراعية.
فإذا بالرجل ينتفض في جلسة.. ويقول:
- نحن لا نقدم دعما للمنتجات الزراعية علي الإطلاق.. نحن نقدم الدعم للفلاحين!
سألته عن الفرق.. فقال:
- إن هناك وفرة كبيرة في المنتجات الزراعية الألمانية.. أدت لانخفاض أسعارها في الأسواق.. مما أدي لهجرة عدد من الفلاحين لقطاع الزراعة.. والاتجاه نحو قطاعات أخري تدر دخلا أعلي.. وكل ما نقوم به الآن هو دعم الفلاحين للاستمرار في العمل الزراعي.. وفي الحقول وقبل ذلك كله المحافظة علي ثقافة الفلاحين!!.
عدت أسأل:
ماذا تقصد بثقافة الفلاحين؟
أجاب جوزيف ارتل:
- أعني أسلوب حياة الفلاحين الذي استمر لآلاف السنين بلا انقطاع.. باعتباره جزءا أصيلا من الملامح الإنسانية للوطن.. يتعين علينا حمايته من الانقراض.
وأضاف ارتل موضحا:
- إن أهم وظائف الدولة.. هي المحافظة علي التنوع السكاني.. والعمل علي حماية القطاعات السكانية، من الانقراض والذبول.. ودعمها للإبقاء عليها.. ليس فقط لمصلحة هذا القطاع.. رغم أهميته.. فحسب.. وإنما من أجل الوطن.. وقدرته علي التواصل والاستمرار.. وأن تتمكن كل أسرة في القطاع الزراعي من نقل هذا العمل من جيل إلي جيل.
وقال ارتل:
- إن الفلاح الألماني.. لايزال يعيش بنفس تقاليد جدوده منذ آلاف السنين.. فهو يبدأ عمله فجرا.. ويساعده الأبناء من الذكور في الحقل.. وتساعده زوجته وبناته في مهام محدودة متوارثة.. في تناسق عجيب ومذهل.
ولا أريد الإطالة في حديث وزير الزراعة الألماني الأسبق جوزيف ارتل الذي قد يخرجنا عن الموضوع، وأعود لما كنا فيه فأقول.. إن الفلاح المصري واجه خلال الثلاثين سنة الماضية.. ظروفا لا يمكن أن يلقاها تحت أبشع القوي الاستعمارية في العالم.. انتهاكا لحقوق الإنسان.
واجه حرب إبادة حقيقية.. وانقرضت القري الواحدة تلو الأخري.. تحت جحافل الإهمال.. والتعالي والغطرسة وأعطي حكامنا ضعاف الإدراك ظهورهم لأربعة آلاف قرية لم تعرف المياه النقية ولا الصرف الصحي.. وأسندت قطاع الزراعة لمجموعة من الضباط الذين تركوا الخدمة العسكرية.. وتركتهم يعبثون في مصائر ملايين الفلاحين بلا أي وازع وطني أو ضمير.. أو خبرات علمية سابقة.
ومفهوم طبعا.. أن انقراض قطاع الزراعة.. وتدهور الأحوال الإنسانية في القري.. وإسناد المسئولية الوطنية لمجموعة من كبار الضباط.. خلال الثلاثين سنة الأخيرة.. لم يحدث مصادفة.. وإنما واكبته ظهور.. رجال الأعمال الذين حققوا ثرواتهم في استيراد المنتجات الزراعية من كل بقاع الأرض.. وتعارضت مصالحهم مع وجود إنتاج زراعي مصري يضارع ما يستوردونه في الخارج.
رجال الأعمال عندنا تخصصوا في استيراد النفايات الزراعية التي لا تصلح للاستهلاك الآدمي.. بعد أن نجحوا في القضاء علي قطاع الزراعة.. وساعدوا حكامنا ضعاف الإدراك في إباءة ملايين الفلاحين الذين تفوق أعدادهم.. ضحايا المحارق النازية.. أثناء الحرب العالمية الثانية.
وفي إطار هذا المخطط الشيطاني.. اختفت محاصيلنا التقليدية الواحدة بعد الأخري.. ابتداء من القطن والعدس والفول والبصل وحتي العلف الحيواني.
أصبحت مصر التي كانت زراعية.. تستورد قمحها وعدسها وبصلها.. من بلاد الكفار.. الذين يتناولون الأطعمة في نهار رمضان.
وفي إطار هذا المخطط الشيطاني.. أهدر حكامنا مليونا و200 ألف فدان من مساحة الأرض المخصصة للحاصلات.. وفقا لكلام الخبراء.
وبدأت مع بداية عقد الثمانينيات عمليات تجريف القشرة الخاصة بالاستزراع لهذه الأرض.. وتم حرقها في قمائن الطوب الأحمر.. تحت سمع وبصر السادة اللواءات المحافظين الذين تركزت مهامهم الوظيفية في الملفات الأمنية.. وحماية حكامنا من انتقام ضحايا النظام السياسي الذين لا يملك المرء أمامهم سوي أن يبكي ويتحسر.
وانتشرت الكتل الخرسانية فوق الأراضي الزراعية، وأصدر علماء الهيئة القومية للاستشعار عن بعد بياناته 1981 حذروا فيه من اختفاء كل الأراضي الزراعية بمصر بعد 60 سنة إذا استمرت التعديات بنفس معدلاتها.
ومن الطبيعي وفي ظل تآكل الرقعة الزراعية أن تتآكل مهنة الفلاحة.. وأن ينصرف الملايين من الفلاحين إلي أنشطة أخري علي أساس أن العلاقة بين الفلاح والأرض.. هي علاقة التابع بالمتبوع.
يضاف إلي ذلك أن الغالبية العظمي من الفلاحين لم تكن تمتلك الأرض.. وإنما تستأجرها.. وأدت التحولات الاقتصادية التي انتهجها حكامنا إلي ارتفاع الإيجارات.. مما زاد العبء علي المزارع.. الذي هاجر إلي البندر للبحث عن لقمة خبز يسد بها رمقه.
كل ذلك حدث خلال 30 سنة.. وحكامنا غافلون عما يجري.. لانشغالهم بتلبية الدعوات الخارجية.. وإنعاش العيون بكل ما هو نظيف وجميل.. والتقاط الصور التي تتسابق صحف الحكومة علي نشرها.. وهي تلهث.
فالقضية التي نواجهها هذه الأيام.. ليست قضية ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية.. وليست في استيراد طعامنا من الخارج.. وإنما القضية.. إننا نعيش في ظل حكام فقدوا الحد الأدني من الرؤية السياسية.. ولم تحرك عمليات القضاء علي القطاع الزراعي وعلي الفلاحين وعلي العيد الذي كنا نحتفل به في شهر سبتمبر من كل سنة.. وهو عيد الفلاحين.. ذرة إحساس في أجسادهم.
علي أيامنا.. كنا نحتفل كل سنة بعيد الفلاحين.. وكان عددهم علي حد قول جمال عبدالناصر تسعة ملايين فلاح.
الآن ما عدد الفلاحين في مصر؟
لا أحد يعرف.. لأن الفلاحين راحوا البندر.. والحكومة نعسانة.. وجتتها ناعمة زي اللحمة العرسي.
العوافي يا حكومة.. شوطة تشيلك وتريح الفلاحين منك.. اللي بيموتوا وهمه واقفين في طابور الطابونة.. في قيلولة رمضان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.