علي شاشة دريم، ظهر (أبو إسلام) في برنامج العاشرة مساء مع وائل الابراشي يعلن بملء الفم أن النساء اللواتي تعرضن للتحرش والاغتصاب في ميدان التحرير كن من المسيحيات والعاريات، وهو تعبير مخفف قليلا لما سبق وقاله في قناته الفضائية (الإسلامية) في وصف نساء مصر المطالبات بحقوقهن وكرامتهن، حيث قال (إن الناس اللي راحوا المظاهرات تسع أعشارهم صليبيات والباقيات من الليونز والروتاري، وأرامل ما فيش حد يلمهم) وهذه الكلمات نقلها تقرير نهي حمزة لبرنامج (90 دقيقة) مساء الأحد الماضي تأكيدا لما كان برنامج دريم قد قدمه قبلها بأيام وحيث استفزت كلمات أبو إسلام الشاب أحمد دومة- الذي كان أحد ضيوف الحلقة مع الدكتور عبد الله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر- وحيث واجه أبو إسلام رد أحمد دومة عليه مدويا بالانحياز إلي «ستات مصر» برفع حذائه علي المنضدة إلا أن القضية هنا تتجاوز هذا الهجوم علي نصف الشعب المصري- أي النساء- إلي ازدراء قطاعات منهن، أما لديانتها، أو لنشاطها الاجتماعي أو لكونها أرملة بلا رجل.. وقبل يومين من هذا الازدراء والتحريض صدر تصريح آخر من الشيخ (محمد شعبان) يهدر دماء قادة جبهة الانقاذ ويحرض علي قتلهم في فضائية (إسلامية) أخري، وقبل شهور حاصرت كتائب الشيخ حازم أبو إسماعيل مدينة الإنتاج الإعلامي وأعطت لنفسها سلطة التفتيش علي البشر الذين يدخلونها لممارسة أعمالهم في كل القنوات التي تضمها المدينة وحيث حدث اشتباك فعلي مع البعض من الذين يقدمون البرامج، والبعض أفلت وهرب بسيارته والبعض ناله الكثير.. ولم ينفض الحصار إلا بعد أسابيع طويلة ليذهب أنصار أبو اسماعيل إلي الإسكندرية لتأديب أهل البلد الذين رفضوا أن يتحول أمام جامع القائد إبراهيم إلي خطيب اخواني السؤال الآن هو.. لماذا يصمت وزير الإعلام المصري علي فتاوي الكراهية وازدراء النساء واهدار دماء المعارضين؟ ولماذا صمت طويلا و(الحازمون) يحاصرون مدينة الانتاج الإعلامي؟ وهل يضايقه فقط ما يعرض علي دريم، وقبلها الفراعين، ولم تضايقه تحريضات قناة (الحافظ)؟ وهل هناك «حدود» بكل هذا التحريض والكراهية من البعض تجاه البعض الآخر لمجرد الاختلاف السياسي أو الديني أو الحزبي؟ الوزير وكشف الحساب في حواره مساء الخميس الماضي، أعلن الوزير صلاح عبد المقصود علي شاشة القناة الأولي المصرية وبرنامج (كشف حساب) أن الوقت اقترب لعرض مسودات الهيئات الجديدة المسئولة عن الإعلام المصري وهي (الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام) التي سوف تؤول إليها الصحف القومية والاذاعات والقنوات التابعة لاتحاد الاذاعة والتليفزيون ثم (المجلس الوطني للإعلام) الذي سيدير شئون الإعلام كله العام والخاص ويضع لائحة المحاسبة وينفذ ميثاق الشرف الإعلامي، والسؤال الآن هو هل تعرض مسودات قانون الهيئة والمجلس علي الإعلاميين أولا، بما فيهم الصحفيون، وعلي كل فئات الشعب المصري من أجل بناء كيانات حقيقية تحافظ علي حقوق كل أطراف المجتمع، وتضع قواعد عادلة للمحاسبة؟ أن ما يطرح هذه المخاوف هي الطريقة العشوائية والمزاجية التي تصدر بها بعض الفتاوي، وأيضا بعض الدعاوي التي ترفع للقضاء لايقاف بعض القنوات أو البرامج أو حتي المسلسلات- والملاحظ هنا أن المطلوب ايقافه أو منعه يخص الإعلام المرئي فقط باعتباره الأكثر تأثيرا الآن – ومثل رفع البعض قضية لايقاف قناة (التت) لأنها تفسد الأخلاق وتدمرها (قالت إدارة نايلسات أنها تتبع قمر (نور سات) البحريني، ورفع بعض المحامين قضية منذ أيام لإيقاف عرض المسلسلات التركية علي الشاشات المصرية بحجة أنها تسببت في رفع نسبة الطلاق والتفكك الأسري؟ اضافة لدعاوي ايقاف العديد من البرامج، خاصة ( البرنامج) لباسم يوسف علي قناة CBC وهو ما يعني أن حالة الفوضي انتقلت من الشارع إلي عقول شريحة من البشر فضلت التغافل عن الاسباب الحقيقية للفساد والفوضي وسوء العيش في مصر معتقدة أن ايقاف برنامج ساخر مدته ساعة اسبوعيا سيعيد الأمور لنصابها، أو أن ايقاف المسلسلات التركية سيعيد السعادة ترفرف علي البيوت المصرية.. وأن إغلاق (التت) سيغلق ابواب الرقص الشرقي.. ويا ليت وزير الإعلام وهو يجهز للقوانين الجديدة أن يستعين بكل الخبرات المصرية الإعلامية والقانونية والاجتماعية، دون أن يحصرها في خبراء الإخوان وحدهم، للعبور بالإعلام المصري في الأيام القادمة من مرحلة «إعلام العنف والكراهية»، إلي مرحلة إعلام المواطنة والمساواة» وبحيث يجد كل مواطن من يعبر عنه وعن حقوقه وكرامته ومطالبه في إطار لا يجور علي الآخرين، ولا يهدر حقوقهم وكرامتهم، وإذا كان «الاختلاف رحمة» بين قنوات التليفزيون المصري والقنوات الخاصة بكل أطيافها، فإن المطلوب أن يوضع حق المشاهد المصري في معرفة ما يدور في بلده بحيادية وشفافية تامة ضمن القوانين الجديدة للإعلام حتي لا يضيع هذا الحق وسط العراك السياسي بين الحكومة والمعارضة وفرق الظلام الإعلامي..