من يحمينا من فخ الإعلانات الوهمية؟ هذا السؤال تكرر كثيراً علي ألسنة المواطنين الذين وقعوا فريسة للإعلانات الوهمية والمضللة وقاموا بشراء أدوية تعالج بعض الأمراض وأجهزة متعلقة بالتخسيس عبر شاشات الفضائيات واكتشفوا بعد ذلك أنها غير صالحة للاستخدام ولا تؤدي إلي أي فائدة طبية. علي سبيل المثال المنتج الذي كان يتم الترويج له علي أساس أنه دواء تخسيس تحت مسمي «بايوفيت» وخرجت الكومبارس «نور السباعي» – بعد أن فقدت 50 كيلو جراما من وزنها بعد إجراء عمليات تدبيس للمعدة – خرجت لتكون بطلة هذا الإعلان عبر الفضائيات.. وأخيرا كشفت مباحث الأموال العامة في الجيزة أن إنتاج هذا الدواء تم في مصنع غير مرخص ويديره مدرس وعامل في منطقة العمرانية والمنتج غير مسجل بوزارة الصحة ولا يحتوي إلا علي الشيح والكمون. بلاغ للنائب العام كما قام جهاز حماية المستهلك مؤخرا بإحالة 10 قنوات فضائية و10 شركات تسويقية إلي المحامي العام لنيابات جنوبالجيزة الكلية بسبب الإعلانات المضللة وهذه القنوات هي ستار 1، تايم دراما، تايم سينما، البيت بيتك، كايرو دراما.. وذلك لقيامهم بالإعلان عن منتج «عشبة بن علي» بادعاء أنه معجزة ويعالج تأخر الإنجاب ويؤدي إلي زيادة معدلات الخصوبة علي خلاف الحقيقة حيث أكدت وزارة الصحة أن المنتج غير مسجل بالوزارة وغير معروف مكوناته، وكذلك الإعلان عن منتج اللاصقة السحرية للتخسيس وحرق الدهون أفادت وزارة الصحة أنه غير مسجل وغير مصرح بتداوله في الأسواق.. وكذلك منتج «تايجر كينج» والترويج له باعتباره مستحضرا طبيعيا لعلاج الضعف الجنسي دون وجود ترخيص من وزارة الصحة، وشاي «د. مينج الصيني» للتخسيس أكدت وزارة الصحة أنه غير مسجل. وأكد رئيس جهاز حماية المستهلك اللواء عاطف يعقوب أن هذه القنوات خالفت نص المادة (6) من قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006 الذي ألزم المورد والمعلن بإمداد المستهلك بالمعلومات الصحيحة عن طبيعة المنتج وخصائصه وتجنب ما يؤدي إلي خلق انطباع غير حقيقي أو مضلل لدي المستهلك، فضلا عن أن الشركات والقنوات خالفت نص المادة (14) من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية والذي يحظر تداول الأغذية الخاصة أو الإعلان عنها بأي طريقة إلا بعد تسجيلها والحصول علي ترخيص بتداولها من وزارة الصحة.. وخالفت نص المادة 2/4 من المواصفات القياسية رقم 4841 لسنة 2005 بشأن اشتراطات الإعلان عن السلع والخدمات التي يؤكد ألا يتضمن الإعلان أي بيانات مضللة أو مخالفة لحقيقة المنتج. وطالب رئيس جهاز حماية المستهلك وسائل الإعلان بعدم نشر هذه النوعية من الإعلانات المضللة والوهمية التي تروج لسلع ومنتجات تلحق أشد الضرر بصحة وسلامة وأمن المستهلك. من المسئول والسؤال الذي يطرح نفسه علي من تقع المسئولية؟ وكيف يمكن حماية المستهلكين من الوقوع في فخ الإعلانات الوهمية. اتفق بعض رؤساء جمعيات حماية المستهلك علي أن المسئولية الأولي تقع علي المستهلك الذي يتوجه عبر شاشات التليفزيون ويجري وراء إعلانات مضللة خاصة إذا كان الإعلان عن سلعة رخيصة وأيضا استعجاله الشفاء إذا كان الإعلان عن دواء غير مرخص، أما المسئولية الثانية فتقع علي وسائل الإعلام التي يجب عليها التأكد من حصول صاحب الإعلان علي ترخيص من الجهة المختصة. فأكدت د. سعاد الديب – رئيس الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك والبيئة – أن انتشار ظاهرة الإعلانات المضللة في وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية تمثل ظاهرة سيئة وتشكل خطرا علي المستهلك بما تحتويه هذه الإعلانات علي معلومات وبيانات خاطئة مما يعتبر غشا تجاريا.. وحذرت سعاد الديب المستهلكين من خطورة الشراء عن طريق التليفون لصعوبة الوصول إلي صاحب الإعلان أو الرجوع إليه عند وجود عيوب أو مخالفات في السلعة. تعديل القانون أما المهندسة عنان هلال – رئيس جمعية عين لحماية المستهلك – ونائب رئيس جهاز حماية المستهلك سابقا – فأكدت أهمية تعديل قانون حماية المستهلك الحالي بحيث تتضمن التعديلات ضرورة منح جهاز حماية المستهلك والجمعيات صلاحيات أوسع لإصدار قرارات ملزمة لمنع الإعلانات عن سلع وخدمات مضللة للمستهلكين وفرض عقوبة وغرامة عليها لمن يستمر في الإعلان بالمخالفة لقرار الجهاز. وتناشد «عنان هلال» الجهة التي تتولي نشر الإعلان أو عرضه أن تطالب صاحب الإعلان بتقديم جميع بيانات شركته للتأكد من أن الإعلان حقيقي وليس وهميا، ولابد من التأكد بأن صاحب الإعلان له مقر دائم وليس مؤقتا حتي يمكن الرجوع إليه في حالة وجود أي عيب في السلعة أو أنها غير مطابقة للمواصفات ويسهل محاسبته.. وأضافت أننا نتلقي الكثير من شكاوي مستهلكين قاموا بشراء أجهزة تخسيس أو علاج للصلع أو أدوية تشفي من بعض الأمراض عبر التليفون ومعظم الشركات التي تروج لهذه المنتجات تغير أرقام تليفوناتها وليس لها مقر ثابت وبالتالي من الصعب التوصل إليها ويكون المستهلك هو الضحية. غياب الدولة غياب دور الدولة وتكاسل الأجهزة الرقابية عن أداء دورها أدي إلي فوضي السوق وتفشي ظاهرة الإعلانات المضللة هذا ما أكدته د. بسنت كامل – خبير اقتصادي جامعة القاهرة – مشيرة إلي عدم وجود رقابة حقيقية علي الأسواق في مصر ولا علي الفضائيات ووسائل الإعلام الأخري التي تعلن علي منتجات تضر كثيرا بالمواطنين، وتلاشي الدور الرقابي أيضا علي بضائع الأرصفة مجهولة المنشأ والملابس المستوردة المصنوعة من ألياف صناعية تسبب العديد من الأمراض ولعب الأطفال رخيصة الثمن المصنوعة من مخلفات المستشفيات بالخارج.. وطالبت «د. بسنت كامل» بضرورة تشديد الرقابة وتنظيم السوق المصري الذي أصبح مفتوحا للسلع الرديئة فحسب والضحية هو المواطن المصري ولذلك أصبحنا نعاني من جميع الأمراض كالسرطان والفشل الكلوي. بروتوكول تعاون ونظرا لخطورة القضية قام جهاز حماية المستهلك بتوقيع بروتوكول تعاون مع جمعية حماية المشاهدين لإنشاء مرصد للإعلانات المضللة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد من يثبت تجاوزه من المعلنين بهدف ضبط الأسواق والعمل علي حماية المستهلك عن طريق توفير سلع جيدة بالأسواق والتأكد من خلوها من سلع غير مطابقة للمواصفات. وحول دور جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء في مواجهة الظاهرة أكد «د. حسن علي» – عميد المعهد العالي للإعلام ورئيس الجمعية – أن الجمعية مكونة من عدة لجان من بينها لجنة الرصد التي قامت بتتبع إعلانات بعض الفضائيات واكتشفت أنها تعلن عن منتجات وأدوية غير مرخصة تضر بصحة المستهلكين وأخري لا تراعي الحد الأدني من العادات والتقاليد وتقدمنا بهذه النتائج إلي وزارة الصحة وتم تحويل 12 قناة فضائية إلي النيابة العامة للتحقيق مع المسئولين عنها عما ورد منها من مخالفات.. وأضاف أن وضع الجمعية كجمعيات حماية المستهلك التي يتيح لها القانون رفع دعاوي لصالح المستهلك سواء كان لسلعة غذائية أو معمرة أو إعلامية مادامت سببت ضررا له وللأسف مستهلك المادة الإعلانية يقف وحده أمام توحش المؤسسات الإعلامية. توصيات أما أهم مقترحات وتوصيات لجنة الرصد بجمعية حماية المشاهدين لتقنين ظاهرة الإعلانات المضللة هي أن الأجهزة الرقابية والجهات الحكومية غير كافية لحماية المستهلك من الإعلانات المضللة ولابد من اعتماد آلية جديدة لذلك وإنشاء مرصد دائم علي مدار العام يموله جهاز حماية المستهلك مع إنشاء لجنة استشارية فنية لمعاونة رئيس جهاز حماية المستهلك، والسعي لإصدار قانون تنظيم الإعلانات متضمنا جميع الإجراءات التي تحافظ علي حقوق المستهلك وتدافع عنه، والتعاون مع المنظمات المعنية بحماية المستهلك الإقليمية والعربية والدولية للاستفادة من خبراتها مع مجال حماية المستهلك والسعي للتعاون مع المؤسسات الإعلامية لإعداد برامج موجهة تهدف إلي خلق الوعي لدي المستهلك حول السلع والخدمات المتعلقة بصحته وتوعية بمضار الإعلانات التجارية، وإعطاء أولوية لتعديل جميع التشريعات التي تعني بحماية المستهلك وتحديثها بما يتوافق مع متطلبات المرحلة القادمة، وتطوير المنظومة التعليمية والبحثية وتفعيل دور الأجهزة الرقابية.