يبدو أن الحكومة اعتادات علي الإدلاء بتصريحات مهدئة أو مخدرة قد تدخل في زوايا النسيان ولا يتحقق منها شيء علي أرض الواقع! كذلك تدمن الحكومة التعتيم علي الوقائع علي أمل أن تقع أحداث جديدة تغطي علي تلك الوقائع فلا يطالبها أحد بالكشف عن الخفايا والمستور! مثلا: قال هشام قنديل رئيس الحكومة أن عددا من المتظاهرين اعترفوا بتلقي أموال للاحتجاج أمام السفارة الأمريكية في القاهرة ضد الفيلم المسيء للرسول الكريم. ووصف قنديل هؤلاء بأنهم «صبية مأجورين» وأن المعلومات تؤكد أنهم «أخذوا فلوس»! ولكن قنديل لم يذكر لنا الجهة التي دفعت الأموال لهؤلاء «الصبية» كذلك لم يفسر لنا السبب في تواطؤ قوات الأمن في الأيام الأولي للمظاهرات مع هؤلاء «الصبية».. بل الغياب الأمني الواضح رغم أن الدعوة للتظاهر كانت معلنة ومعروفة. وقد سمعت بنفسي شهادات عاملين في الأبنية المجاورة لموقع المظاهرات تؤكد هذا التواطؤ والغياب، وأغلب الظن أن قنديل سوف يلزم الصمت بعد ذلك التصريح ولا يكشف الحقائق. كما جرت العادة. وما يلفت النظر في تصريح قنديل هو أنه يربط ما حدث أمام السفارة بأحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء في نهاية العام الماضي! والمؤكد أن متظاهري محمد محمود ومجلس الوزراء لم تكن لهم علاقة بالتيار الديني المتطرف أو تنظيم «القاعدة» أما متظاهري السفارة فإن العلاقة واضحة. ولم يذكر رئيس الحكومة كلمة واحدة عن البيانات الصادرة من الجماعات الدينية المتطرفة والتي كانت تحرض علي التظاهر. ولم يذكر كلمة واحدة عن الذين كانوا يحتجون علي ازدراء الدين في الوقت الذي يحرقون فيه الانجيل ويعلنون الازدراء لأديان أخري ولم يبذل جهدا لشرح الفرق بين الاحتجاج المشروع والضروري وبين انتهاك القانون واستخدام العنف. ولم يعلق قنديل- بطبيعة الحال- علي تغير موقف جماعة الإخوان بعد أن لاح في الأفق احتمال أن يعيد الرئيس الأمريكي أوباما النظر في شكل العلاقة بين بلاده والإسلام السياسي في ظل الضغوط التي يواجهها من منافسه الجمهوري «ميت رومني»، وخاصة بعد أن قال أوباما إنه إذا اتخذ مسئولو الحكومة المصرية إجراءات تكشف أنهم «لا يتحملون المسئولية»، فإنه في هذه الحالة «ستكون هناك مشكلة كبيرة». تصريحات قنديل ، وبقية المسئولين بوجه عام، تؤكد أن النظام السابق مازال قائما بنفس طريقة التفكير والأساليب والطقوس، ولم يتغير أي شيء سوي الأسماء!