اختتمت فعاليات مهرجان “سماع” للإنشاد الديني والموسيقي الروحية، بمشاركة 20 دوله عربية وأجنبية من مختلف ثقافات العالم. وهذه هي الدورةَ الخامسة للمهرجان الذي يقام هذا العام تحت شعار “الإنسان هو الوطن والوطن هو الإنسان”. وسط حشد جماهيري كبير ملأ جانبي مسرح بئر يوسف بالقلعة، استمرت أعمال المهرجان لمدة عشرة أيام، حيث امتزجت الأسطورة بالواقع وتناغمت الأصوات وتوحدت في لحظة إنسانية واحدة، لتخلق عالما أكثر رحابة في معزوفة كونية تعبر عن روح المحبة والتسامح. تضمن المهرجان افتتاح سوق لمنتجات الحرف التقليدية والشعبية ولوحات الخط العربي ومعارض رسم علي المياه لفنان تركيا ” أحمد اكجون” ومعرض فرمانات التسامح لتركيا ، بحضور صانعي وبائعي تلك المنتجات، وذلك إحياءً لفكرة سوق الشارع الأعظم، بالإضافة لإهداء درع المهرجان وشهادة تقدير تكريماً لكل من فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، واسم الراحل طه الفشني رائد الإنشاد الديني في مصر، وكذلك اسم الراحل قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، واسم الراحل المبدع الكاتب الكبير خيري شلبي وتسلمه ابنه. قدمت مجموعة من الأغاني للفرق المشاركة لتعكس حالة الحوار الثقافي والتواصل الإنساني لجميع شعوب وثقافات العالم منها: صلاة سلام علي الأنبياء ، طالما أشكو غرامي يا نور الوجود ، نور النبي، بتهوفن، بالإضافة للأذان، اللهم صلي علي المصطفي، الله يا رسول الله، مولاي علي، محمد يا رسول الله، الله غفور بكل اللغات الانجليزية والعربية والفرنسية، كما شاركت فرقة سماع مع التراتيل القبطية بترنيمة ” يا رب عام قد مضي واقبل العام الجديد ” وهي كلمات لقداسة البابا شنودة ، كما قدمت زامبيا وباكستان أغاني تعبر عن التسامح والاهتمام بالأطفال الأيتام في كل العالم ، وأخري تدور حول الرسول”ص”. شهد د. محمد صابر عرب وزير الثقافة حفل ختام المهرجان الذي ترأسه انتصار عبد الفتاح رئيس ومؤسس المهرجان، وذلك لتأبين الشهداء المصريين والتأكيد علي أن مصر مازالت تقف شامخة وهي تمد يدها بالسلام للعالم علي مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين، الذي نظمه صندوق التنمية الثقافية، بالتعاون مع الهيئة العامة لتنشيط السياحة، والمجلس الأعلي للآثار ووزارة الخارجية، بحضور السفير عبد الرءوف الريدي، ود. كاميليا صبحي رئيس المركز القومي للترجمة، والكاتب محفوظ عبد الرحمن والفنانة سميرة عبد العزيز، والكاتب جمال الغيطاني، بالإضافة للعديد من سفراء الدول العربية والأجنبية المشاركة ولفيف من الإعلاميين والصحفيين. مصر السلامة تضمن حفل الختام الوقوف دقيقة حدادا علي شهداء رفح بسيناء والذين تعرضوا لهجوم إرهابي وراح ضحيته 16 شهيدا ، بالإضافة لعدد من الجرحي ، أعقب ذلك قداس صوفي شارك فيه 12 دولة وهي فرنسا ، اندونيسيا ، العراق ، البوسنة والهرسك ، الإمارات ، تركيا ، الهند ، اليمن ، أذربيجان ، أسبانيا ، أوكرانيا ، مصر لتشدوا كل دولة بلغتها أغنية في حب مصر، وبذلك تحول حفل التأبين إلي مظاهرة حب وتقدير من دول العالم لمصر، تلي ذلك مقامات إنسانية و”حوار بين المقامات العربية والأوربية ” لتؤكد لحظة التواصل الإنساني والتفاؤل بغد أفضل، ثم الرقص الصوفي من خلال فرقة تركيا وفرقة سماع للرقص الصوفي ” مصر ” ليشدوا معا “لكي يا مصر السلامة” بمشاركة الجمهور ، كما تفقد وزير الثقافة سوق الشارع الأعظم الذي اشتمل علي عرض منتجات الحرف التقليدية والشعبية مثل الطرق علي النحاس الخشبيات الخزف والفخار والخيامية ومعرض رسم علي الماء للفنان التركي أحمد أكجون الذي قام بإهداء وزير الثقافة درعا ولوحة تذكارية ، بالإضافة لمعرض الخط العربي للمسلمين الصينيين بعنوان ” الحرف زهرة بديعة ” ومعرض فنان الخط العربي لمحمد حمام بمصر. كرم وزير الثقافة حسين عوني سفير تركيا بإهدائه درع المهرجان لمساندته هذا المهرجان، كما كرم الفنان انتصار عبد الفتاح بإهدائه درع المهرجان ، كما قام الاتحاد العربي للثقافة والإبداع بوزارة الثقافة اليمنية بتكريم الفنان انتصار عبد الفتاح وذلك بإهدائه درع الثقافة والإبداع من الدرجة الأولي، كما كرمته وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمعات بالإمارات ، واختتم الحفل برفع أعلام الدول المشاركة وقام الفنان انتصار عبد الفتاح برفع لوحة كبيرة حملت شعار “السلام لكل العالم ” باللغات المختلفة. الرسالة الإنسانية وأشار د . صابر إلي أن رسالة السلام التي شاهدناها سنطوف بها العالم كله لأنها رسالة تكشف مجموعة من الرسائل المختلفة، تقدم للعالم الذي يشهد صراعات وحروبا ودمارا وقتلا، كما أنها رسالة تنشد السلام والمحبة والحرية الدينية، بصرف النظر عن اللغة والدين والعرق والمكان، ولكل إنسان أن يحتفظ بديانته كيفما يشاء، ولكن نبقي شركاء في أوطان متحابين بنائين للثقافة والحضارة، فالشعب المصري ينشد أن يعيش في رخاء ويمد يده للعالم كله، مضيفا بأنه بالرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها مصر خلال الأيام الماضية وإعلان الحداد، لكن تم استثناء احتفال مهرجان سماع من كل الأنشطة التي تقوم بها وزارة الثقافة، بل كل الأنشطة في الدولة المصرية لطبيعة المهرجان والرسالة الإنسانية والحضارية التي تقدم للعالم كله، مشيرا إلي أننا نعتبره رسالة مساندة ودعم ومحبة، للذين فقدتهم مصر خلال الأيام الماضية ، فالفن هو الرسالة الإنسانية التي يفهمها العالم، والثقافة هي البنية الأساسية للمستقبل والحضارة والتنمية ، ومن دون المسرح والسينما والموسيقي والفن والشعر والأدب نفقد روحنا السمحة الطيبة ووعينا. فالفن والثقافة هما الرئة التي يتنفس بها المجتمع مهما كان من حراك سياسي واجتماعي وفكري، ومن خلالهما تواصلت كل الحضارات الكبري في العالم، والثقافة تخدم المجتمع، فمصر مستمرة ومتواصلة سبعة آلاف سنة لأنها تحمل كل هذه الفنون والثقافات المتراكمة، وأضاف صابر بأن المشهد الذي قدمه انتصار عبد الفتاح جسد هذه الوظيفة وهذه الرسالة للعالم كله. قال د.صابر ستبقي مصر بثقافتها ومعرفتها متسامحة قوية مؤمنة بالوظيفة الإنسانية والاجتماعية، وأن الروح المصرية كانت أكثر حرارة وتواصلا في الرسالة الفنية، وأكد أننا في نتاج ثورة مصرية انعكست علي الفن ، وفي السنوات القادمة سوف تنعكس ثورة 25 يناير علي الثقافات والفنون المختلفة وتقدم زادا لكل الفنون، وسوف ننتهي من وضع خطة واضحة لمدة عام مرتبطة بالزمن والتوقيت والوظيفة ثم خطة لمدة خمس سنوات لكل قطاعات وهيئات وزارة الثقافة، لأن الثقافة والفن هما أروع ما تمتلكه مصر، مؤكدا أن المرحلة القادمة ستكون الرؤية متكاملة مشتركة بين كل مؤسسات الدولة التي تستهدف بناء الإنسان روحيا وفكريا بمعني الوعي والثقافة، فوزارة الثقافة ستحافظ علي هذه الوظيفة وهذه الرسالة، لأن المصريين يودون أن يعبروا عن ثقافتهم ومواقفهم الاجتماعية والسياسية من خلال رسائلهم الأدبية من شعر وقصة ورواية وكل فنون الإبداع. وفي نهاية كلمته توجه بالشكر للجانب الصيني ضيف شرف الدورة القادمة لأنه يجسد العلاقات المصرية الصينية وهي علاقات ضاربة في جذور التاريخ، وتمني أن تكون هناك أنشطة أكثر وتعاون مشترك، وان يقدم المجتمع المصري والصيني كل منهما تجربته في مجال الفن من خلال رؤية مشتركة. أكد رئيس المهرجان الفنان انتصار عبد الفتاح أننا نمر بظروف صعبة، لكن لابد وان نشدو معا من أجل الوقوف ضد الإرهاب بأشكاله وأنواعه المختلفة، مضيفا بأننا نستعد الآن للدورة القادمة وسوف تتسع دائرة المهرجان، ليصل عدد الدول المشاركة إلي 30 دولة، متمنيا أن يكون مسرح بئر يوسف هو المسرح الخاص بالمهرجان في القلعة بالإضافة لقبة الغوري، وتمني أن تنضم قلعة قايتباي بالإسكندرية لمنظومة هذا الحدث المهم، وصرح عبد الفتاح بأن ضيف شرف الدورة القادمة هي الصين.