أقر برلمان تركيا في جلسة أولية استغرقت 10 أيام متواصلة تعديلات علي 29 من بنود الدستور التركي بهدف الحد من صلاحيات الهيئات القضائية والمؤسسة العسكرية وتشمل جعل عملية حل أو حظر الاحزاب السياسية أكثر صعوبة ، وفتح الطريق لمحاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية . ولم تحصل التعديلات الدستورية علي أغلبية ثلثي عدد البرلمان من أجل اقرارها بشكل مباشر ، إلا أنها حظيت بموافقة نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد مقاطعة المعارضة من أحزاب الشعب الجمهوري واليسار الديمقراطي وحزب السلام والديمقراطية وامتناع حزب الحركة القومية عن التصويت برغم حضور جلساتها ، ومن المؤكد عدم اقرار التعديلات المحدد لها جلسة ثانية للتصويت في الأسبوع الجاري ، الا بعد مصادقة الرئيس التركي ومن ثم احالتها للاستفتاء الشعبي العام لتلافي الشرط الدستوري بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان. وأكد رئيس حزب الشعب التركي الأتاتوركي المعارض دنيز بايكال عن اجراءات للطعن في التعديلات المطروحة قبل احالتها للاستفتاء العام ، ومؤكدا الثقة في قرارات المحكمة الدستورية العليا بامكانية الغاء أهم 3 بنود من مواد التعديلات لتعارضها مع مبدأ استقلال القضاء ، وتتزامن هذه الحملة الحزبية مع عريضة موقعة من 110 من نواب البرلمان لهذا الغرض وفي اتهام لحزب العدالة والتنمية الحاكم بمحاولة فرض سيطرته علي القضاء التركي من خلال تغيير في تركيب ونظام عمل المحكمة الدستورية العليا والمجلس الأعلي للقضاء ، بالاضافة لعملية ابتزاز من الحزب الحاكم تكمن في ربط آلية حل وحظر الأحزاب السياسية بموافقة برلمانية ، بما يجعل الأحزاب المعارضة تحت رحمة الأغلبية البرلمانية للحكومة والأحزاب المشاركة في تشكيلها . وتراهن أحزاب المعارضة علي استصدار حكم من المحكمة الدستورية ببطلان هذه التعديلات قبل اجراء الاستفتاء الشعبي عليها ، في حين تؤكد حكومة الحزب الحاكم استمرارها في الاجراءات المتبعة مهما كلفها الأمر وهو ما يوحي بمواجهة قضائية ضد الشارع التركي من أنصار الحزب الحاكم . وفيما يبدو الحزب الأتاتوركي واثقا من الغاء هذه التعديلات ، تري الأحزاب المعارضة الأخري غموضا في الأمر وبخاصة بعد تعيين الرئيس التركي 3 أعضاء جدد موالين للحزب الحاكم من أصل تشكيل المحكمة الدستورية البالغة 11 عضوا، واذا أقرت المحكمة ببطلان التعديلات ، فمن المرجح دخول تركيا مجددا في دوامة أزمة قانونية ودستورية كتللك التي شهدتها عام 2007 بعد ترشيح الرئيس عبدالله جول للرئاسة ، لكن الحزب الحاكم تمكن من احتوائها باللجوء الي خيار انتخابات برلمانية مبكرة اضافت له عنصر قوة أخر ، فهل يتكرر السيناريو !