أما داخل المصحات الحكومية.. فالموقف مختلف كليا ولو أن الحالات قد تتشابه قليلا باختلاف طفيف في ظروفهم الاجتماعية والتي تجعل ملجأهم هنا هو المصحات الحكومية.. وتضارب أقوال الأطباء حول مجانية العلاج.. روتين في العلاج. يؤدي إلي نسبة شفاء لا تتعدي ال 30% كما قال الأطباء المعالجون.. نقترب لنضع صورة خاصة. اقتربت «الأهالي» أكثر لأصحاب التجارب في الإدمان من المرضي النفسيين الذين يتلقون علاجهم داخل المستشفي وحرصا منا علي الخصوصية للمرضي فقد أشرنا إلي الحرف الأول فقط من أسمائهم.. فقال «ي» 40 سنة - رحلتي مع الإدمان بدأت منذ أكثر من (21 عاما) وذلك هربا من الظروف الحياتية فبدايتي مع المخدرات كانت لقرص مسكن للصداع كما قال لي صديقي وبعد ذلك شعرت بصداع فظيع يكاد أن يشق رأسي نصفين وبعدها أخبرني صديقي بأن به نسبة كبيرة من المخدر، لم استطع ترك هذا «المسكن» لأنه كان يريحني من العذاب الذي يسببه لي الصداع في رأسي، وبعد حوالي شهر من تناولي هذا الدواء بكثرة لم يكن يجدي شيئا فلجأت إلي الكثير من أنواع «البراشيم» وأشهرها «أبوصليبة والصراصير» ثم بعد أن اعتاد عليها مزاجي ولم أشعر بمتعة بها أدمنت «الهيروين» حيث كان يشعرني بأني «طائر في السماء» ويغيبني عن الواقع المرير الذي أعيشه، وبعد فترة من إدماني قررت البعد تماما بعدما دق قلبي لفتاة ومن أجلها تركت الإدمان وأنجبت 3 أولاد كنت أعيش حياة هادئة ولكن بعد فترة قابلت هذا الصديق فعرض علي الذهاب معه لبيته لنحتفل بتوديع حياة العزوبية، وهناك بدأت بسيجارة حشيش ثم بعد ذلك اعتدت علي مقابلته يوميا وانقلب حالي من جديد فعدت مرة أخري لإدمان «الهيروين»، بعدها عرفت زوجتي بالأمر فأودعتني بمصحة لعلاج الإدمان (5 مرات) ولكن في كل مرة كان الهرب هو طريقي، تركت زوجتي وأولادي وعشت مع صديقي وبعد فترة انتقلت للعيش في الجبل حيث إنه المأمن الوحيد الذي لم تعرف زوجتي الوصول إليه. ثم جاء صديقي فأخبرني بضرورة تركي «الجبل» خوفا علي فذهبت إلي بيتي حتي أري زوجتي وأولادي فحاولت زوجتي معي كثيرا ولكني كنت أعتدي عليها بالضرب وأسبها بألفاظ رديئة ولكنها لم تتركني فأخذتني مرة أخري إلي المصحة النفسية بالعباسية فحاولت الهروب ولكن جاء دون جدوي ولكني لم أيأس فحاولت الانتحار ولكنها ايضا كانت محاولة فاشلة وبعدها كان لدي صديق هنا بالمستشفي تم شفاؤه تماما وترك المستشفي، وبعد ذلك كان حريصا علي زيارتي باستمرار فأقنعني تدريجيا بضرورة المقاومة والتماثل للشفاء، فأصبحت طبيعيا ولكني أعاني من بعض المشاكل النفسية لذا لم استطع ترك المستشفي إلا بعد أن اشفي تماما، ولكن خوفي الذي يراودني هو عودتي مرة أخري للإدمان بعد خروجي من المستشفي والاندماج في المجتمع الذي كان هو السبب الأساسي في انجرافي لطريق الادمان. طريق الدمار!! وقال «م» أحد المرضي بقسم الإدمان ان بدايته مع المخدرات كانت في المرحلة الثانوية ففي هذا الوقت كان لديه الكثير من الاصدقاء الأكبر منه سنا وكان يشاهدهم وهم يتعاطون المخدرات، فحب الاستطلاع دفعه لتناول «البيرة» ثم السجائر ثم «الحشيش» ثم وبعد ذلك عرضوا عليه بعض الأدوية والحبوب المخدرة وانتهي الأمر «بالهيروين» وكان أول طريق «الدمار» فبدأت اتمادي في تعاطي «الهيروين» إلي أن أصبح الموضوع متعمقا لدرجة أنني وصلت لمرحلة العزلة مع المخدرات، فلم أكن أقدر علي فعل أي شيء في حياتي بدون تعاطي المخدرات، فكنت أذهب لشراء المخدرات واجلس في غرفتي بالمنزل، فالمخدرات كانت بالنسبة لي هي «الأخ والصديق» ولا أريد شيئا آخر سواها. تقول د. منال العطار مدير عام مستشفي الصحة النفسية بالعباسية بأن الخدمات العلاجية التي تقدم في العيادة الخارجية والعيادات الخاصة والتخصصية وعيادة الاطفال والمراهقين والادمان تقوم أولا بفحص المرضي وتقييدهم، فالمريض يدخل المستشفي علي حسب حالته، فهناك العديد من الأقسام داخل المستشفي كالرجال والسيدات والإدمان والمسنين والعسكريين ويوجد بها ايضا اقسام مجانية واقتصادية ، ووحدات تأهيل تضم اقسام العلاج بالعمل والوسطية ومركز مهاري لرعاية المرضي. وأشارت إلي أن المستشفي يقدم ما يسمي «بطب المجتمع» ويعني اعطاء المريض الاحقية في الذهاب إلي محل اقامته وتلقي العلاج بشكل منتظم دون أن يتقيد بشكل اساسي داخل المستشفي حيث إن المريض النفسي يجب معاملته بنوع من الحساسية والاحترام حتي يشعر بوجوده في المجتمع الذي يعيشه فيه. العلاج بمادة شبيهة وأضاف د. اسلام محمد توفيق الطبيب المعالج بقسم الادمان بمستشفي الصحة النفسية بالعباسية أن هناك طرقا أخري تتبع في عالج مدمني المخدرات، وهي المعالجة بمادة شبيهة للمادة المخدرة التي اعتاد علي تناولها مثل ال «ديتوكس» ، «الانتي دوكس» وتستخدم هذه المادة المخدرة تدريجيا حتي يستطيع المريض التخلي عنها تماما، ولكن هذا النوع من العلاج لا يتم استخدامه هنا بالمستشفي وانما تستخدم مواد علمية خاضعة للمواصفات ومصرح بها من وزارة الصحة0 فالادمان موجود في سن صغيرة جدا حيث يبدأ من «12 سنة» وفقا للتاريخ المرضي له وهناك قسم للمراهقين المدمنين بمستشفي حلوان، أما عن أصغر مدمن وجد بمستشفي العباسية فكان عمره 18 سنة.