سيد الحلاق، وعاطف الموظف، صديقان طوال العمر، كبرا ولم يتزوجا، وحين قرر الأول الزواج أخيرًا من عايدة التي أحبها قلبه، قرر الثاني أن يكمل نصف دينه أيضا حتي لا يصبح وحيدا برغم أنه فشل في خطوبات سابقة، ولكن الأمور تدفعهما إلي موقف حرج، حين يجد كل منهما شقة خالية في زحام حي شبرا، ويتعرضان لمساومات صاحبة العمارة ، ويكتشفان أنها نفس الشقة، فيتنازل عاطف عنها لصديق عمره، ويخسر خطيبته ماري التي تصمم عليها، أنها الخطوط العريضة لفيلم مهم بعنوان (فيلم هندي) للمخرج منير راضي، وتأليف هاني فوزي ، وبطلاه هما الفنانان أحمد آدم في دور الحلاق المتيم بالسينما والغناء الهندي (الذي انتشر في مصر في حقبة التسعينيات) وقامت بدور (عايدة) خطيبته الفنانة منة شلبي في واحد من أوائل أدوارها، بينما قام بدور عاطف الصديق الصدوق الفنان صلاح عبد الله، وبدور خطيبته (ماري) الفنانة رشا المهدي، وفيه استطاع المخرج القدير منير راضي تقديم صورة قريبة جدا لواقع العلاقات الحميمة بين المصريين باختلاف دياناتهم، وقبله، قدم منير راضي أيضا، خريج معهد السينما قسم إخراج، والمنتمي إلي عائلة فنية عريقة فيلمان هما: (أيام الغضب) للكاتب السينمائي الكبير بشير الديك عام 1989 والذي يحكي عن عودة مصري يعمل في الخليج إلي بلده ليفاجأ بمتغيرات تطول حياته وتخربها وتصيبه بالغضب الشديد فيتهم بالجنون، (قام بدوره نور الشريف)، أما فيلمه الثاني فهو (زيارة السيد الرئيس) المأخوذ عن رواية الأديب يوسف القعيد (يحدث في مصر الآن). زيارة الرئيس الأمريكي في الفيلم الذي تغير اسمه عن رواية يوسف القعيد فأصبح (زيارة السيد الرئيس)، والذي كتبه للسينما أيضا بشير الديك يضعنا المخرج أمام إشاعة تجوب قرية مصرية بأن القطار الذي يقل رئيس مصر ومعه ضيفه الرئيس الأمريكي سيتوقف في القرية وهو ما يقلب كل شيء في حياة سكانها، ويكشف عن حقيقة كثيرين ممن كانوا يتعاطون أشكال الفساد والنفاق، ومن كانوا يستخدمون الدجل، وأولهم الأستاذ علي الله عمدة القرية ( بأداء محمود عبد العزيز)، وهي فكرة استوحتها أعمال فنية عديدة بعد هذا، آخرها كان مسلسل (حضرة العمدة) في رمضان الماضي للمخرج عادل أديب والمؤلف إبراهيم عيسي، والآن يعرض علي شاشاتنا مسلسل (البالطو) للمخرج عمر المهندس، والكاتب أحمد عاطف فياض، والذي نرى من خلاله كل ما لا نعرفه أو نتوقعه عن ما يحدث في وحدة صحية بقرية مصرية يصل إليها مدير جديد، ان فيلم (زيارة السيد الرئيس) قدمه المخرج منير راضي عام 1994 بعد خمس سنوات من فيلمه الأول (أيام الغضب)، بينما قدم فيلمه الثالث (فيلم هندي) بعد تسع سنوات، وبعدها صمت عن العمل بالسينما منذ 2003، حتي عامنا هذا 2023، عشرين عاما كاملة بلا عمل حتي رحيله منذ أيام، والسؤال الآن هو كيف نترك أعمدة قوتنا الناعمة بلا عمل سنوات طويلة حتي ترحل ؟؟،أنها ليست حالة فرد، وإنما حالة كثيرين غيره يجلسون في بيوتهم بلا عمل، كتاب كبار ومخرجون مبدعون، امتلكوا خبرات كبيرة تضيع في هذا الصمت والعزلة، وكأننا لا نعترف بأهمية وقيمة تاريخنا مع الفن والثقافة، وهل هناك أمل في أن تلتفت الدولة لصناعة السينما والعاملين بها حتي لا تضيع إبداعات أجيال سابقة لا تعمل برغم أن أمثالها في البلاد الأخرى تعمل وتبدع، وهل هناك أمل في أن يعاد النظر إلي كل روافد الثقافة والفن حتي لا نفاجأ بفقدها، وضياع ما نمتلكه من رموز وإبداعات في فضاء كوني يبحث عنها.