لا يزال المرشحون الجمهوريون على بعد أكثر من أربعة أشهر من أول مسابقة رسمية بينهم — والتي تنطلق في يناير من العام القادم. ولكن بعد انعقاد المناظرة الأولى بين المرشحين المحتلمين من الممكن القول أن المرحلة الأولى والمبدئية قد انتهت فعليًا. مع الانتهاء من المناظرة الأولى بين المرشحين الأسبوع الماضي وانقضاء شهور من الحملات الانتخابية وجمع التبرعات، أصبح من الواضح الآن من هم المرشحون الرئيسيون للحزب في الرئاسة — في البداية هناك ترامب نفسه، وفي مواجهته اثنين من المحافظين السابقين المناهضين له, وبقية المرشحين الذي اتضح من يحظى بينهم بالزخم الكافي للوصول إلى المراحل النهائية من المنافسة. موقف ترامب الراهن رغم رفض ترامب حضور المناظرة, وخضوعه في الوقت نفسه للمساءلة الجنائية في جورجيا جراء اتهامه محاولة تغيير نتيجة الانتخابات وتعمد إتلاف ملفات لكي لا يحصل عليها الرئيس التالي, يظل الرئيس السابق هو المرشح القادر على تأمين ترشيحه عبر الحزب بسهولة حتى الآن. قال ترامب في مقابلة مع المذيع تاكر كارلسون حول قرار عدم مشاركته بالمناظرة:" ترى استطلاعات الرأي أٌعلن عنها، ولقد تصدرت الأرقام بنسبة 50 و 60 نقطة بينما حصل بعض خصومي على نقطة ونقطتين. وأنا أقول, هل أجلس هناك لمدة ساعة أو ساعتين للحوار مع أشخاص لا يجب أن يكونوا في هذه المناظرة؟". وأضاف "الجمهور يعرف من أنا وحقيقة الولاية الرئاسية الناجحة التي شَغَلتُها. لقد حققت الكثير: استقلالية للطاقة، وحدود وجيش قويين، وتخفيضات ضريبية هي الأكبر على الإطلاق، والقضاء على التضخم، واقتصاد هو الأقوى تاريخيًا، وأكثر من ذلك بكثير. لذلك فأنا لن أشارك في المناظرات". على صعيد آخر, فإن ترامب يواجه العديد من العقبات المتوقعة أمام حملته- أبرزها التحقيقات الجنائية القائمة والمحتملة, يواجه الرئيس السابق الآن محاكمتين على مستوى الولايات ومحاكمتين فيدراليتين. أولى هذه المحاكمات تحدث في ولاية في نيويورك, المتعلقة بمدفوعات الأموال التي أذن بها لامرأتين تدعيان أن لديهما علاقات مع ترامب قبل توليه منصبه. والثاني تحقيق في قضية واسعة النطاق في جورجيا مرتبطة باتهامه بمحاولة إلغاء الانتخابات الرئاسية. أما القضايا الفيدرالية, فهي من اختصاص المستشار الخاص جاك سميث, والتي تتعلق بمزاعم أن ترامب احتفظ بوثائق سرية بعد تركه منصبه وبوقائع اقتحام الكونجرس. لكن على أي حال لن تبدأ الإجراءات القانونية المحورية في هذه القضايا إلا في العام القادم, وهو ما يعطي مساحة لترامب للدعاية والحركة. المرشحان الرئيسيان المناهضان لترامب في المناظرة الأولية يوم الأربعاء الماضي، قال ستة من المرشحين الثمانية على خشبة المسرح إنه إذا حصل ترامب على الترشيح، فإنهم سيدعمونه للرئاسة حتى لو أدين قانونيًا. بينما صرح الاثنان المنشقان عن حملته — حاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي وحاكم أركنساس السابق آسا هاتشينسون-أنه بغض النظر عن نتائج المحاكمات، فإن ترامب قد استبعد نفسه أخلاقيًا من تولي المنصب. في مواجهة ترامب أشار كريستي إلى تصريح الرئيس السابق الذي قال فيه :" لا بأس بتعليق الدستور" مضيفًا أن"القسم الذي تؤديه يلزمك بالحفاظ علي الدستور وحمايته والدفاع عنه وليس تعليقه…سأدافع دائمًا عن دستورنا، بغض النظر عن ما قد يقع علي من ضغط سياسي". لم يلق هذا النقد قبولًا في القاعة التي عقدت فيها المناظرة-فقد تعرض كلا المرشحين لصيحات الاستهجان الشديدة, وهو تعبير مهم عن ميول ناخبي الحزب الجمهوري لصالح ترامب. وفي استطلاع للرأي أجرته الإذاعة الوطنية العامة/بي بي إس نيوشور/ماريست في يوليو، أوضح أن 58% من الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية سيدعمون ترامب كحامل للواء الحزب، على الرغم من وجود علامات مبكرة على أن الدعم قد يتراجع، على الأقل بين المستقلين. في حين أن شكوك كريستي وهاتشينسون بشأن ترامب تحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين العوام من غير أعضاء الحزب، رغم ذلك فإن كلا الرجلين — مع أرقام استطلاعات الرأي في الأرقام الفردية المنخفضة- لا يحظيان بأي من الشعبية المطلوبة لإزاحة ترامب. بقية المرشحين على الرغم من أن ترامب نفسه اختار عدم المشاركة في المناظرة، إلا أن النزعة الترامبية كانت حاضرة إلى حد كبير — أظهر المرشح ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي البالغ من العمر 38 عامًا العديد من اللفتات اليمينية المتطرفة, حيث ارتدي دبابيس عليها شعارات يمينية قبل بدأ المناظرة, وتحدث عن نظريات المؤامرة المناخية(ليس هناك خطرًا في الاحتباس الحراري كما يرى), كما ظل يتحدث عن أن جميع زملائه على المسرح هم مدعومون من جهات مجهولة. " أنا الشخص الوحيد على المسرح الذي لم يتم شراؤه ودفع ثمنه، لذلك يمكنني أن أقول هذا — أجندة تغير المناخ خدعة…سياسات مكافحة تغير المناخ تضعف اقتصادنا وتعرض حياة الأمريكيون اليومية للخطر". كذلك تعهد راماسوامي، الذي تعرض لانتقادات وهجوم لاذع من بقية المرشحين، بالعفو الكامل عن ترامب في حالة توليه الرئاسة. يبقى أن نرى ما إذا كان المرشح الرئاسي الجديد يمكنه الحفاظ على الزخم الذي حصل عليه, مع ضرورة الإشارة إلى أنه سيستفيد من التراجع المستمر لحملة حاكم فلوريدا رون دي سانتوس. شهد دي سانتوس، الذي لا يزال يحتل المرتبة الثانية خلف ترامب في استطلاعات الرأي، كثير من التراجع في مستويات التأييد. وقد قام مؤخرًا بتقليل عدد العاملين بحملته وحل محل رئيس حملته الانتخابية، ويبدو أنه يواجه تحديات مالية كبيرة في استمرار حملته في الأشهر المقبلة, وهو ما يعني أن ممولي الحزب الكبار أصبح لديهم ميول لمرشحين آخرين. رغم ذلك لا يزال من المبكر الحكم على فشل حملة دي سانتوس ومعه المرشحين الآخرين, فأمام المرشحين ما يقرب من عام حتى المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري-ولا يزال هناك الكثير من المحطات المتبقية في السباق.