رواتب تصل ل 12 ألف جنيه.. 3408 وظيفة ب16 مُحافظة - الشروط والأوراق المطلوبة    اليوم.. وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يفتتحان مسجد محمد فريد خميس بالعاشر من رمضان    الأقباط يؤدون صلوات الجمعة العظيمة بدير القديس متاؤس في الأقصر    وأنت في مكانك، خطوات تجديد بطاقة الرقم القومي أونلاين    مجدى البدوى نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر: «الحوار الوطنى» حقق مكاسب كبيرة للعمال    البابا تواضروس: وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن.. فيبقى الوطن ودور العبادة    سعر الذهب اليوم الجمعة في مصر مع بداية التعاملات    3 مايو 2024.. نشرة أسعار الخضراوات والفاكهة في سوق الجملة    أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    تسلا تعرض شاحنتها المستقبلية سايبرتراك في ألمانيا    طريقة تشكيل لجان نظر التظلمات على قرارات رفض التصالح في مخالفات البناء    7 مليارات جنيه عوائد سنوية من عبور الكابلات البحرية للأراضى المصرية    القاهرة الإخبارية: قصف إسرائيلي مكثف يستهدف عدة مناطق ومنازل بحي الزيتون    مسئولون فلسطينيون ل«روزاليوسف»: مصر صمام الأمان لقضيتنا    الزوارق الحربية الإسرائيلية تكثف نيرانها تجاه المناطق الغربية في رفح الفلسطينية    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    حماس تثمن قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل    أخبار الأهلي : 4 لاعبين يغيبون عن الأهلي أمام الجونه وغموض موقف هاني    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": أجواء شديدة الحرارة بهذه المناطق    ضبط أسماك وفسيخ غير صالح للاستهلاك الآدمي في البحيرة.. صور    أمن القاهرة يكشف تفاصيل مقتل شاب على يد ممرضة ووالدها بالمقطم    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق مخزن ملابس بالعمرانية    استعدادات غير مسبوقة في الشرقية للاحتفال بأعياد الربيع وشم النسيم    «أم الدنيا».. أرض الأعياد    "مانشيت" يعرض تقريرا من داخل معرض أبوظبى الدولى للكتاب اليوم    بول والتر هاوزر ينضم ل طاقم عمل فيلم FANTASTIC FOUR    واعظ بالأزهر ل«صباح الخير يا مصر»: علينا استلهام قيم التربية لأطفالنا من السيرة النبوية    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    ألونسو: قاتلنا أمام روما..وراضون عن النتيجة    الشارقة القرائي للطفل.. تقنيات تخفيف التوتر والتعبير عن المشاعر بالعلاج بالفن    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    اعتصام عشرات الطلاب أمام أكبر جامعة في المكسيك ضد العدوان الإسرائيلي على غزة    حرب غزة.. صحيفة أمريكية: السنوار انتصر حتى لو لم يخرج منها حيا    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    خالد الغندور عن أزمة حسام حسن مع صلاح: مفيش لعيب فوق النقد    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    «التعليم»: امتحانات الثانوية العامة ستكون واضحة.. وتكشف مستويات الطلبة    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    إبراهيم سعيد يكشف كواليس الحديث مع أفشة بعد أزمته مع كولر    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمينة النقاش تكتب:وصفة للتحرر من الألم
نشر في الأهالي يوم 08 - 02 - 2023


ضد التيار
وصفة للتحرر من الألم
أمينة النقاش
ولدت " نوارة نجم "عام 1973 فى أعقاب حرب أكتوبر، لأبوين هما "أحمد فؤاد نجم " وصافى ناز كاظم "و كلاهما كان علما من أعلام مجتمع المثقفين المصريين الصاخب فى الستينيات والسبعينيات. ومن أبويها اكتسبت شخصيتها المميزة كثيرا من الصفات : موهبة الحكى المتدفق وخفة الظل والصوت الرائق الجميل والكتابة النثرية التى تتسلل برشاقة إلى الروح وتشق طريقها إلى قلب القارئ دون أدنى مقاومة، من فرط عذوبتها وبلاغتها وصدقها .وقبل هذا وبعده النفور من الظلم وبغض الظالمين .
" نوارة الانتصار" هكذا كان "نجم" يتباهى باسم الابنة التى ولدت بعد يومين من نصر أكتوبر العظيم، وسميت كذلك تيمنا به . ووسط العواصف السياسية فى مجتمع ينقلب من حال إلى نقيضه، عاشت طفولتها وصباها. فالوطن يقتلع من ثقافة العمل والبناء، ليجر قسرا إلى ثقافة الهدم و الاستهلاك، ومن تعظيم الانجاز الجمعى، إلى تقديس النجاح الفردى المكلل بحيازة الثروة بشتى الطرق والوسائل، وفى وسط تلك التقلبات العاصفة ، بجانب "الفوضى المنظمة "كما وصفها صلاح عيسى للحياة التى اختار"أحمد فؤاد نجم" أن يعيشها، تجرعت نوارة نجم آلاما كثيرة، فى طفولتها وصباها .
ألم انفصال والديها، ألم الهجرة سنتين إلى العراق التى فرضت على الأم، لأسباب سياسية وضغوط مهنية، سعيا للبحث عن العمل ولقمة العيش وربما طلبا لمناخ أكثر هدوءا لتربية الابنة ، بعيدا عن أجواء القاهرة الطاردة ، التى تلاحق الأبوين من سجن إلى اخر .آلام التنقل للعيش المؤقت فى بيوت الأقارب لحين الإفراج عن أبويها .ألم الاختيارات الحياتية التى فرضتها عليها عادات وتقاليد بالية، ولم تكن راغبة فيها . سبيكة من الألم يتصدر عنوانها البحث عن الأب الغائب لرؤيته فى السجون وفى خارجها .وتروى نوارة نجم تفاصيل هذه الرحلة الشاقة النبيلة فى كتابها الصادر قبل أيام عن دار الكرمة بعنوان "وانت السبب يابا ,,الفاجومى وأنا ".
وفى كتابها تروى نوارة سيرتها الذاتية وهى تسرد وقائع مع عاشته وشهدته بنفسها فى العلاقة مع أبيها أحمد فؤاد نجم، وتنسب غير ذلك من وقائع لأصحابها . وببراعة فى السرد ورشاقة فى اللغة والجمع بين الفصحى والعامية، تكشف نوارة عن جوانب ربما تكون غير متداولة عن حياة نجم ، وعن الدور الذى لعبه كل منهما فى حياة الآخر، والذى كان يتجاوز من جانبها دور الابنة ، إلى دور الأم، وعن دور مهم لعبته صافى ناز كاظم فى حياة نجم رغم انفصالهما، وبإصرارها الحكيم أن تظل العلاقة ين نوارة وأبيها موصولة أيا كانت الأحوال والعوائق. وتحكى عن المرارات التى تكبدتها فى طفولتها ونتجت من اختيارات ليست، قادتها لكى تفطم قسرا، وتهتز ثقتها فى نفسها لشكها فى محبة أبيها لها، وأن يفرض عليها ألا تغنى رغم حلاوة صوتها، وأن تهجر الموسيقى التى أحبتها، وأن تضع غطاء الرأس ، وأن تلقن ما يفرق بينها وبين أصدقاء الطفولة من غير دينها وغير ذلك مما أربك حياتها .
.عاش نجم حياته كما أراد بالطول والعرض ، ولم يستطع أحد أن يفرض عليه غير ذلك ., فهو شيوعى على طريقته، ومؤمن وصوفى من مريدى سيدنا الحسين وأهله على طريقته، وهو محب لكل الفقراء، فقد فرضت عليه صدف الحياة الغادرة ، أن ينتقل ظلما من أصوله الأسرية الثرية إلى فرعها الفقير، ويقضى فى ملجأ تسع سنوات من عمره، ويخرج منه شابا فقيرا يتيما عاطلا ، ليسجن، ويخرج من السجن ليصدر ديوانه الأول عام 1963بعنوان "من الحياة والسجن .
. وهو معلق رياضى على طريقته الساخرة، و أهلاوى متعصب يجادل نوارة الزمالكوية بطرافة، دون أن يعلم أنها باتت محبة للفريق المنافس ، لظنها أن حسن شحاته يشبهه، وكان ديوانه الثانى بعنوان بين الأهلى والزمالك، معبرا عن عشقه لكرة القدم فضلا عن أنه محبة عامرة لعشق المصريين لها. لم يكن نجم أبا لبناته عفاف ونوارة وزينب فقط ، بل صار أبا مشاعا للجميع وحين تعددت زيجاته، لم يكن استثناء فى مجتمع تتعدد فيه الزوجات ، تزوج ست مرات ، غير ما ملكت أيمانه، ربما لأن حياته لم تشهد فترات ممتدة من الاستقرار سوى فى العقود الأخيرة أثناء زواجه الأخير من أم زينب .
فى كتابها، تفتح نوارة مع القارئ جراحها لتساءلها وتفسرها وتضمدها، سعيا للتصالح معها والتسامح مع ماضيها، بعد أن نضجت وصارت أما وزوجة .وهى تردم الفجوة بين الظاهر والخفى من شخصية نجم، وهى تسرد طقوسه فى الحياة والحب والزواج والطلاق أو هى طقوس تؤكد صورته الأسطورية كمناضل سياسى وشاعر فذ، وانسان يعمل وينجح ويفشل ويحب ويخطئ ، وتنطوى شخصيته على فطرة إنسانية سليمة شكلت عالم "الفوضى المنظمة "الذى أقامه طوال حياته ، وكان عالما مثقلا بالأحلام وبشوق لا حدود له لعدل السماء . ولأنه كذلك فقد كان رغم تناقضاته، عالما قوى البناء عصى على الكسر .
وصفة البوح والمكاشفة والصدق، لمواجهة ألم النفوس المجروحة قدمها كتاب نوارة نجم ، ببراعة ومتعة فائقة ، فيالها من وصفة سحرية بحق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.