جودة عبدالخالق: يجب ضبط حركة الأموال الساخنة.. وتنظيم عملية الاستيراد أحمد خزيم: تشجيع التصنيع المحلي وعدم الاعتماد على الهندسة المالية مصطفى بدرة: الحكومة مطالبة بزيادة وعي المواطنين وتشديد الرقابة على الأسواق أزمة كبيرة يعيشها سوق الصرف خلال الفترة الحالية، بسبب سعر الدولار المستمر في الارتفاع، فضلا عن الحديث عن ارتفاع جنوني في السوق السوداء للعملة الأجنبية، يأتي ذلك مع اقتراب عقد الاجتماع الخاص بمناقشة طلب مصر بصندوق النقد الدولي، والمقرر عقده بعد غد الجمعة، حيث يؤكد اقتصاديون أن الوضع الراهن واضطراب سوق الصرف يعيد الأذهان إلى أجواء ما قبل عام 2016، حيث الاتفاق الأول مع الصندوق، مطالبين بضرورة وجود آليات حكومية تعيد ضبط سعر الصرف، حيث أعلنت الحكومة وصندوق النقد الدولي، عن حصول مصر على اتفاق تمويلي جديد بقيمة 9 مليارات دولار، منها 3 مليارات من صندوق النقد الدولي ومليار دولار من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، بجانب 5 مليارات من شركاء دوليين. وخلال الفترة الماضية تجددت أزمة قوائم انتظار البنوك من المستوردين للحصول على الدولار لتمويل عمليات الاستيراد، مع تجدد أزمة شح الدولار وظهور السوق الموازية للعملة الأجنبية، وذلك في ظل اتساع الفجوة بين أسعار الصرف في السوق الرسمية والسوق الموازية خلال الأيام الماضية. أزمة الأموال الساخنة أكد الدكتور جودة عبدالخالق، المفكر الاقتصادي ووزير التموين الأسبق، ورئيس اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع، أن ما يحدث الآن هو محصلة عدة عوامل خارجية وداخلية، مشيرا إلى أن أزمة الحرب الأوكرانية وتداعيات كورونا أبرز التداعيات الخارجية التي أثرت على العالم أجمع، الأمر الذى ادي لزيادة أسعار الحبوب ووجود أزمات كبيرة في سلاسل الإمداد، وتسبب ذلك في ارتفاع معدلات التضخم للاقتصاد العالمي، وقامت الولاياتالمتحدة برفع أسعار أكثر من مرة، ينعكس على العائد على الدولار، فالأموال التي جاءت للاستثمار في مصر لم تعد ذات عائد مجزٍ، الأمر الذي أدى لسحب هذه الأموال، ما تسبب فيما يسمى بأزمة الأموال الساخنة، والتي أدت لأزمة كبيرة في سوق الصرف الداخلي، وخرج نحو 20 مليار دولار في مارس الماضي وفقا للبيانات الحكومية. وأكد المفكر الاقتصادي أن هناك خطورة كبيرة للاعتماد بصورة كلية على الأموال الساخنة، مضيفا أن حركة المعاملات الرأسمالية الساخنة هو قرار داخلي وليس ضمن أجندات للصندوق، وهو أمر غير مبرر. وتابع، أنه عبر سنوات طويلة، أدمن الاقتصاد الوطني الاعتماد على الواردات، ولجميع الأغراض، وعندما تحدث مشكلة في الإمدادت أو العملة الأجنبية، فإن السوق يشهد ارتباكا كبيرا، الأمر الذي يمكنا القول بشأنه بأن اقتصادنا يتمتع بدرجة مفرطة من الهشاشة للصدمات الخارجية، وعندما حدثت أزمات عالمية لم تسعفنا قدراتنا، وتسبب ذلك في خروج رؤوس الأموال، وندرة الاستثمارات، وارتباك الإنتاج، وهي الحالة التي نعيشها الآن. وشدد على ضرورة وجود روشتة بأولويات الواردات، وأن يكون هناك أولويات في تطبيق الاعتمادات المستندية، بحيث يكون في المقدمة الواردات الضرورية مثل مستلزمات الإنتاج أو الاستهلاك الضروري مثل الحبوب، ويأتي بعد ذلك الفئات متوسطة الضرورة ويمكن عمل سماح لها بفئات معينة، ثم الفئات غير الضرورية، وهذه يمكن النظر في شأنها، مشيرا إلى أن تطبيق ذلك كان سيقضي على العشوائية التي شاهدناها. كما طالب بضرورة التواصل مع الفئات ذات المصلحة والسماع لمطالبهم ومحاولة تذليل العقبات، وذلك بجانب إعادة النظر في رؤوس الأموال الساخنة، وضرورة وضع ضوابط لهذا الأمر، لعدم حدوث ارتباك مرة أخرى لسوق الصرف، والنظر في تجارب الدول الأخرى في هذا الشأن. كما أكد ضرورة إعادة النظر في الإنفاق على المشروعات، وتحديد الأولويات، وتأجيل ما يكون غير ضروري في الوضع الراهن، وذلك لتقليل الضغط على النقد الأجنبي، وكذلك يجب خفض الإنفاق الحكومي في الموازنة العامة للدولة. الهندسة المالية أكد الدكتور أحمد خزيم، أن سعر 24.60 هو السعر العادل للدولار الآن، موضحا أن هذه المعادلة تأتي من جمع كافة الأموال السارية في السجلات النقدية بسجلات البنك المركزي وقسمتها على الناتج المحلي، مؤكدا أن المعادلة لها طرفان هما أموال بالجنيه مسجلة، وهناك الناتج المحلي، فإذا حدث زيادة في طبع الأموال أو الناتج المحلي تغيرت الأسعار. وأضاف «خزيم»، أن نتيجة لغياب الدولار عن البنك المركزي والبنوك، أصبح سلعة يتم المضاربة عليها وتختلف من صناعة لأخري، مضيفا أنه في صناعة الذهب فالمكاسب سريعة وبالتالي ترتفع المضاربة على الدولار ويصعد سعره، والأمر أقل حدة مع صناعة السيارات، ثم مستلزمات الإنتاج، قائلا إن ذلك بسبب أن الحكومة لم تتعامل مع البرنامج الأول لصندوق النقد كما ينبغي، فالحكومة استخدمت ما يسمي الهندسة المالية، فالأزمة هنا هي كيفية زيادة توليد الدولار بالمقام الأول وليس خفض النفقات، وتوفير الدولار يتم من النهوض بالقطاع الصناعي والسياحي والزراعي وغيرها من قطاعات الاقتصاد المختلفة. وشدد على ضرورة تشجيع الصناعة المحلية والقطاع الخاص، والعوامل التي تؤدي إلى رفع الناتج المحلي، موضحا أن هذه أزمة لن تكون الأخيرة، في ظل النشاط الذي نلاحظه للسوق الموازية، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيظل طالما أن هناك فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات، وأيضا المردود من القطاع الخاص ليس بالصورة الجيدة. كما طالب بوجود روشتة مصرية وخلية إدارة أزمة لعلاج المشكلات الحالية لسوق الصرف وأزمة نقص الدولار، حتى تتوقف هذه الأزمة، وعدم تصاعدها، قائلا «إن ما يتم الآن هو علاج للعرض وليس المرض نفسه»، فالحكومة وهيئاتها التابعة يجب عليهم خلق القوانين التحفيزية لدعم القطاع الخاص، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى ما يتم الآن من ارتباك في سوق الصرف إعاد بنا لمشهد ما قبل عام 2016 وقبل الاتفاق مع صندوق النقد، متوقعا أن يكون هناك تعويم مقبل للجنيه ضمن اشتراطات الصندوق، وأيضا لأنه لم يتم جعل الجنيه مخزنا للقيمة، وبوجود أزمة بين الصادرات والواردات. تشديد الرقابة وفي سياق متصل، أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن هناك بالفعل اضطرابات موجودة في سوق الصرف، ولا أحد ينكر ان هناك قلقا كبيرا من المواطنين بسبب غلاء أسعار جميع السلع، مشيرا إلى أن هناك ترويجا كبيرا للشائعات فيما يخص سوق الصرف المستفيد منه هو التجار الجشعين. وأكد أن الحكومة تدرك بالفعل الأزمة الحالية، وأن خروج 25 مليار دولار خلال هذا العام أثر كثيرا، ولكن هناك مبالغة كبيرة في الحديث عن الدولار بالسوق السوداء، والذي وصل لأرقام غيرة معقولة، والأمر الذي انعكس على المعاملات اليومية، مطالبا بعدم ترويج الشائعات فيما يخص سوق الصرف حيث تتحول لواقع وتتسبب في ما نراه الآن من سعر غير مبرر للدولار في السوق السوداء. وأضاف «بدرة» أن أسعار السلع ستستمر في الزيادة طالما هناك استغلال من كثير من التجار، موضحا أن الزيادة تتم بالأضعاف والاستغلال أصبح بصورة فجة جدا، وفي جميع القطاعات، مشددا على ضرورة وجود دور للحكومة لتوعية المواطنين، بجانب الدور الأصيل في الرقابة على الأسواق.