بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    مدبولي: السياحة تقود التعافي الاقتصادي.. ومصر تقترب من 30 مليون سائح    رئيس الحكومة يطمئن المواطنين: لا أعباء جديدة حتى نهاية البرنامج مع صندوق النقد    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    الاتحاد الأوروبى يحذر من اتخاذ إجراءات ضد فرض عقوبات أمريكية على 5 أوروبيين    بدء المحادثات بشأن النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا وسط آمال للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار    محمد معروف يشهر أول بطاقة حمراء في أمم أفريقيا 2025    التعاون الاقتصادي والتجاري والمباحثات العسكرية على طاولة مباحثات لافروف والشيباني    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    أمم أفريقيا 2025| تشكيل منتخب السودان لمواجهة الجزائر    تشكيل أمم إفريقيا - زيدان يحرس مرمى الجزائر.. وعيسى يقود هجوم السودان    بث مباشر لمباراة الكاميرون والجابون في كأس أمم إفريقيا 2025 وموعد اللقاء    لاعب غينيا الاستوائية يتلقى أول بطاقة حمراء في أمم إفريقيا 2025    وكيل وزارة التموين بقنا يقود حملة مكبرة على المخابز والأسواق بمركز دشنا    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    "الزراعة": ضبط 135 طنًا من اللحوم المخالفة خلال النصف الأول من ديسمبر    من التمثيل إلى التأليف.. أبرز معلومات عن الراحل طارق الأمير    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المتحف المصري بالقاهرة يحدّث قواعد الزيارة حفاظًا على كنوزه الخالدة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    البورصة المصرية توقّع بروتوكول تعاون مع جمعية مستثمري السادس من أكتوبر    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    رئيس جامعة قناة السويس يُكرم الفائزين بجائزة الأداء المتميز لشهر نوفمبر 2025    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    خالد عبدالعزيز يترأس الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام الإثنين المقبل    فوز 3 طلاب بجامعة أسيوط بمنحة للدراسة بجامعة كاستامونو بتركيا    تليجراف: عمر مرموش يقترب من مغادرة مانشستر سيتي في يناير    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع جولة الإعادة بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    حوار إسلامي مسيحي لأول مرة بقرية «حلوة» بالمنيا حول ثقافة التسامح في الجمهورية الجديدة (صور)    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    وزير الري يحاضر بهيئة الاستخبارات العسكرية ويؤكد ثوابت مصر في ملف مياه النيل    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    الداخلية تستجيب لاستغاثة مواطن وتضبط المتهمين بالشروع في قتل شقيقه    أمم إفريقيا – مدافع السنغال: اللعب في البطولة ليس سهلا.. ونحن من ضمن المرشحين بشط    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    كانت بتزور جدتها.. محامي طالبة طب فاقوس بالشرقية ينفي صلتها بخلافات الميراث    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    واشنطن في مجلس الأمن: سياسات مادورو تهدد أمن الولايات المتحدة    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تزايد معدلات الطلاق ..العلاقات الأسرية فى مهب الريح:254 ألف حالة طلاق سنويًّا بزيادة 14.7%
نشر في الأهالي يوم 31 - 08 - 2022


*تتزايد المعدلات وسط حملة المؤهلات المتوسطة
خسائر الطلاق تهدد كيان المجتمع ..والأطفال هم الضحايا
التفاهم بين الزوجين وعدم تدخل الأهل وتدريب المقبلين على الزواج ..أبرز سبل المواجهة
56% من حالات الطلاق في الحضر..و9 آلاف حالة خلع
دراسة: 5% من الحالات في السنوات الأولى من الزواج
أصبح الزواج .. فى خطر بعدما كشفت الأرقام والإحصائيات م الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن ارتفاع معدلات الطلاق بنسبة 14.7%
تجسد الأرقام حجم مشكلة اجتماعية باتت تشير الى وجود خلل اجتماعى, وتؤكد أن العلاقات الأسرية اصبحت فى خطر, فلم يعد أحد يستطيع تحمل المسئولية, فالكل ينتظر أن يأتى الآخر رافعا الراية البيضاء مستسلما كأنها الحرب المرأة ترى أنها الضحية ..قد يقدم الرجل حيثياته بينما الخاسر الرئيسى فيها هو المجتمع بأسره..ولذلك لابد من معرفة أسباب هذا الخلل لنعرف لماذا أصبحت الحياة تضيق هكذا بأصحابها ؟ ولماذا أصبح عش الزوجية كأنه خرم إبرة ضلت السعادة طريقها إليه؟ والزوجان كل طرف متربص للآخر متصيد لأخطائه؟! ماذا حدث للسكن والمودة والرحمة ؟! ولماذا نقتل كل هذه المعانى الجميلة بكلمة واحدة "طالق".
أسباب الطلاق
المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أطلق مؤخرًا دراسة بحثية بعنوان: «الطلاق المبكر فى مصر: الأسباب – التداعيات – سبل المواجهة» والتى أشرفت عليها دكتورة "نجوى حافظ" كشفت الدراسة أن نصف حالات الطلاق فى مصر تقع بشكل مبكر فى السنوات الأولى للزواج وبالأخص السنة الأولى، وهو ما ينم عن مشكلة خطيرة فى التربية والتوعية بقيمة الأسرة وأهميتها.
وأوضحت الدراسة أن أعلى معدل للطلاق هو حالات الزواج التى تمت بالتعارف عن طريق الأهل بواقع 44% تليها حالات التعارف عن طريق العمل بنسبة 24%، ثم 18% عن طريق الجيران، و14 حالة تعارفوا عن طريق الأصدقاء. ترصد الدراسة أن فترة الخطبة القصيرة تؤثر بشكل ما على مسار العلاقة الزوجية وتؤدى إلى الطلاق المبكر.
توصلت الدراسة إلى أن تدخل الأهل هو السبب الأول فى انهيار الأسر ربما حيث يطبق الأهالى بشكل أو بآخر ما وقع عليهم من قهر اجتماعى وأسرى على أبنائهم دون أدنى شعور بتحمل المسئولية، سنجد أم الزوج مثلا تخرب حياة ابنها فقط لكى تطبق معاناتها مع والدة زوجها، وحينما تتفاقم الأمور تكن أول المشجعين له فى تفكيك الأسرة وتعاونه على إذلال الزوجة إما بحرمانها من حقوقها الشرعية أو بحرمانها من أطفالها. وتأتى الخيانة الزوجية أحد أهم مسببات الطلاق المبكر وللأسف تكشف مساوئ الإنترنت والتى يبدو أنها عامل محفز على الخيانة الزوجية ففى الدراسة نسبة 27% تأثر الحوار الأسرى بعامل الإنترنت وحدث انفصال عاطفى قبل أن يحدث طلاق رسمي، و15 حالة من 100 حالة كانت الخيانة الزوجية سببًا فى الانفصال.
تؤكد الدراسة أن هناك خللا قيميًا لدى الأسر المصرية أدى بدوره لتفكك هذه الأسر، فالزوج لا يزال يعتقد أنه «سى السيد» فى حين أنه يريد الارتباط بزوجة مثقفة ومتعلمة وتعمل، ثم يأتى ليعارض ذلك عقب الزواج. وأيضًا بعض الفتيات يرفضن تسلط الزوج ويبحثن عن الاستقلالية؛ وكأن الاتفاق على تكوين أسرة لا يستحق الوصول لنقطه تفاهم ومراعاة كل طرف لحقوق الآخر!.
سبل المواجهة
وخلصت الدراسة إلى أن التفاهم بين الزوجين هو الحل الأمثل لمواجهة نسب الطلاق المرتفعة، عدم تدخل الأهل بين الزوجين، والتأنى فى الاختيار منذ البداية هو الحل الأسلم، وهنا تقدم الدراسة مقترحا ببرنامج تدريبى إجبارى وملزم للمقبلين على الزواج، وعلى كل مؤسسات الدولة التكاتف لحل هذه الأزمة الخطيرة قبل فوات الأوان.
وتقترح الدراسة تعديل قانون الأحوال الشخصية وتوحيده بدلا من 5 قوانين!! هذه الازدواجية تدفع ثمنها المرأة فى المحاكم لتحصل على حقها عقب سنوات، تذوق فيها أمر الأيام بحثا عن مصادر مالية تكفى لإجراءات التقاضى فى حين تبحث عن مصادر دخل للإنفاق على أطفالها. وتطالب الدراسة بتفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين فى محكمة الأسرة، فهم يشكلون الأمل الأخير قبل تداعى أى أسرة وتفككها. وتطالب بوجود أخصائى شرعى يقدم الحلول الدينية والنصح.
الزواج السريع
زمان كان الزواج للتأبيدة, وكانت الأسرة تتكون بالصبر والحب, أما الآن الزواج يتم سريعا بغض النظر عن أسلوب تنشئة الطرفين المختلفة, وفى أغلب الأحيان يكون الطرفان ليس بينهما توافق لا ثقافيا ولا تعليميا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا ..هذا ما أكدته د"فادية أبوشهبه" أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية, مشيرة إلى انه أحيانا يكون عدم التوافق فى السن وتابعت: نحن تقابلنا خلال الدراسات التى قمنا بإجرائها فى المركز مع حالات الزوجة أصغر من الزوج ب 20و30 سنة والزواج تم لمجرد أن العريس جاهز وعنده امكانيات مادية, وبالتالى ينهار الزواج مع أول مشكلة, وهناك مشكلة أخرى يتم تجاهلها عند الزواج وهى الأمراض النفسية والعصبية للزوج أو الزوجة, التى لا يتم الإفصاح عنها فى أى زيجة فأحيانا يكون الزوج لديه مشاكل نفسية ويتم اخفاؤها وتصدم بها الزوجة بعد الزواج, وهذا نعتبره غشا فى مسألة الزواج, وهناك أيضا عدم التوافق الجنسى بين الزوجين، وهو ما يترتب عليه العنف الأسرى سواء بين الزوجين أو ضد الأبناء, وأحيانا يكون الزوج ساديا يقوم بالاغتصاب الزوجى وهو الأمر المسكوت عنه فى المجتمع المصرى إلا إننى أفصحت عنه خلال أبحاثى فهناك أزواج لديهم شخصية سادية ويرغبون باغتصاب زوجاتهم، وهذا الأمر من أبرز الأسباب التى تدفع الزوجات إلى قتل أزواجهن, ممكن أيضا حالات الضعف الجنسى للأزواج وهى كثيرة بدليل أن أغلب دكاترة الضعف الجنسى يؤكدون أن أغلب الحالات التى يعالجونها فى عياداتهم شباب.
وأوضحت د"فادية" أن أغلب هذه الأسباب التى تدفع الى الطلاق كانت موجودة من قديم الزمن, ولكن تزايد معدلات الطلاق فى هذه الآوانة يرجع الى زيادة الوعى المجتمعى والحديث المستمر عن حقوق المرأة, فلم يعد هناك خوف من كلمة مطلقة, لم تعد وصمة عار تخشاها السيدات, فأصبح من لديها مشكلة تفصح عنها وتطالب بحقها فى الطلاق, أما قديما كانت أغلب الأسباب مسكوت عنها ولا يجوز الإفصاح بها حتى للعائلة, فالزوجة كانت تعيش أكثر من 20 و30 سنة محبطة ومجبرة ولا تستطيع الشكوى, خوفا من الفضيحة والعار.
وأكدت من أهم الأسباب التى تؤدى الى الطلاق الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة, وعدم قدرة الأزواج على الإنفاق على بيوتهم, وهو ما يولد العنف بين الزوجين وحالات القتل العائلى, والعنف يؤدى فى نهاية المطاف الى وقوع الطلاق, وأيضا الخيانة الزوجية بسبب المشكلات الزوجية المستمرة نجد بعض الحالات سواء الزوج أو الزوجة كلا منهما يبحث عن الإشباع العاطفى خارج إطار العلاقة الزوجية.
دور الأسرة
وأشارت الى أن الدور الأول فى التصدى لتزايد معدلات الطلاق هو دور الأسرة فعلى كل أسرة الا تتسرع فى زواج ابنها أو ابنتها, وأن تراعى التوافق بين الزوجين, وأن يكون هناك تكافؤ بينهما, ولابد من السؤال عن الأمراض النفسية والعصبية وكنت أتمنى أن يتم وضعه فى وثيقة الزواج وان يتم الكشف النفسى للمقبلين على الزواج, فلابد من التدقيق فى هذه الأمور بدلا من الاهتمام بقائمة المنقولات والشبكة والنيش وغيرها .
تسليع العلاقات
فيما تؤكد د"ثريا عبد الجواد" أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية -أن ظاهرة الطلاق فى المجتمع المصرى ترتبط بموضوع تغير العلاقات الاجتماعية بين الناس, وأزمة غياب القيم التى تواجه المجتمع المصري, وكذلك عدم فهم "الزواج" بل اعتباره للاستمتاع فقط وليس بناء لأسرة تكون نواة للمجتمع بدون تضحية وتعاون، هذا بالإضافة إلى تراجع دور الجهات المعنية بالأمر كالإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية والثقافية.
ولفتت أن النظام الاقتصادى أفرز العديد من القيم تتعلق بالأنشطة الرأسمالية قائمة على الربح السريع وعدم التعاون أو التكاتف, وتسليع كل شيء بما فى ذلك العلاقات والذى يدفع أكثر هو الذى يشترى, وهذه القيم الجديدة كان لها تأثير كبير على العلاقات الأسرية باعتبارها الللبنة الاولى للعلاقات الاجتماعية, وهناك مجموعة تغيرات أخرى فى المجتمع أدت الى ارتفاع نسبة الطلاق منها التغيرت الاجتماعية والثقافية فى المجتمع, ومنها أيضا مكانة المرأة وتعليمها وشعورها بحصولها على بعض من المكتسبات مما أدى الى اختفاء مفاهيم مثل "ضل الراجل ولا ضل الحيطة "بل أصبحت المرأة أكثر قدرة على إعالة أسرتها بالكامل بمفردها, ولم تعد المطلقة هى تلك المرأة التى ينبذها المجتمع وينظر اليها على انها فتاة سيئة السلوك وعار على أهلها يجب أن تظل حبيسة حتى تتزوج مرة اخرى, وأضافت أن هذه النظرة تغيرت تماما الآن نتيجة قدرة المرأة على العمل والنجاح.
ولفتت د"ثريا" إلى أن السبب ليس العامل الاقتصادي فحسب بل كل العوامل السابق ذكرها، فالعامل الاقتصادى ليس صاحب التأثير الأول بل غياب القيم والمفاهيم السليمة وتسليع العلاقات وأساليب التنشئة وقوة التحمل وأنانية الطرفين وعدم تحمل المسئولية, ولاشك أن ارتفاع تكاليف الزواج والمعتقدات القديمة لدى بعض الأسر بأن العريس الجاهز هو القادر على انجاح الحياة الزوجية مما يؤدى الى اختيار الأهل لزوج غير مناسب وليس على قدر من الكفاءة الإجتماعية والعلمية كلها أسباب تؤدى إلى فشل الزيجات خاصة فى البدايات الأولى.
وأوضحت أن الظروف الإقتصادية التى تمر بها البلاد ساهمت بشكل غير مباشر فى زيادة معدلات الطلاق نتجة اضطراب سوق العمل وعدم وجود فرص عمل وتدنى مستوى الدخل لكثير من الافراد وانتشار البطالة، كل هذا أدى الى حدوث مشكلات أسرية بسبب بطالة رب الأسرة نظرا لعدم قدرته على الإنفاق مما يؤدى فى النهاية الى حدوث الطلاق.
وتؤكد د"ثريا" أن الظاهرة التى بدأت تطفو على السطح وهى حدوث الطلاق بعد عِشرة العمر وهذا نتيجة تغير أوضاع المرأة, فهناك سيدات تنتظر حتى تربى أبناءها وتطمئن عليهم ثم تطلب الطلاق, أو أن الزوج يقدم على خطوة الطلاق للزواج بسيدة أخرى.
انهيار منظومة القيم
أوضحت د"نادية حليم" استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والمشرف على دراسة أعدها اتحاد نساء مصر حول ظاهرة الطلاق المبكر أكدت أن أبرز أسباب الطلاق المبكر فى مصر يرجع الى اهتزاز منظومة القيم وتباعد المسافات بين أفراد الأسرة, وارتفاع سقف النمط الاستهلاكى وازدياد معدلات البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة الزوج على مواجهة متطلبات الأسرة الأمر الذى يجعلة يهرب ويترك البيت, لافتة الى أن وضع المرأة أيضا شهد العديد من التغيرات فالمرأة قديما كانت تقبل بعلاقات زوجية يقوم فيها الزوج بالانفاق عليها, وفى المقابل تقبل بالعديد من العلاقات غير العادلة التى تقوم على تسلط الرجل ووصايته عليها, أما المرأة اليوم فهى تلعب دورا اساسيا فى الأسرة بوصفها مشاركة فى الانفاق واتخاذ القرارات.
وأضافت من الطبيعى ان تنخفض معدلات الطلاق لو أمكن حل النزاعات الأسرية بطريقة ودية وهذا الأمر يتطلب تغيير ثقافة المجتمع, وإعداد برامج تدريبية للمقبليين على الزواج, وإنشاء مكاتب للاستشارات الزوجية لحل الخلافات بطريقة ودية, بالإضافة الى التوعية المستمرة بمخاطر الطلاق والعنف ضد الزوجات من خلل وسائل الإعلام والمؤسسة الدينية ومنظمات المجتمع المدنى.
ضغوطات الحياة
ومن وجهة نظر خبراء علم النفس توضح د"منال عاشور"، أستاذ علم النفس بجامعة حلوان، أن ضغوطات الحياة والتسرع فى اتخاذ قرار الزواج, دون تأهيل للدخول فى الحياة الزوجية, يؤدى لحدوث الكثير من المشكلات بعد الزواج وهذه المشكلات تسبب اضطرابات نفسية تجعل أطراف العلاقة الزوجية غير قادرين على الثبات أمام الأزمات التى تصادفهم, لافته إلى أن أغلب الزيجات الحديثة هى التى تنتهى بالفشل ويرجع ذلك الى عدم اعطاء الوقت الكافى فى اختيار شريك العمر, والزواج على عجل, واختيار الزوج الغنى أو الجاهز, وبالتالى يكون الاختيار غير موفق.
وتشير د"منال" أن هناك عددا من الزوجات والأزواج غير قادرين على تحمل المسئولية, فبعد أن يتم الزواج وينتهى شهر العسل وتبدأ المسئولية نجد أن كل طرف غير قادر على التحمل, كما ان بعض الازواج يتصفون بصفات تجعلهم غير قادرين على إنجاح العلاقة الزوجية كالأنانية, وهذه الشخصية تجعل الحياة مجرد أخذ فقط دون عطاء وبالتالى تنتهى هذه الزيجة بالفشل, وبعض الرجال يحبون حياة العزوبية ويصعب عليهم التكييف مع الحياة الزوجية الجديدة, وهناك نوع آخر من السيدات والرجال لم يصلوا الى مرحلة النضج الانفعالى والعاطفى نظرا للقصور فى أساليب التنشئة الاجتماعية, فمثلا أحيانا يكون الزوج مرتبطا بأهله ويطلب منهم النصح والارشاد لاتخاذ أى قرار, وأحيانا تدخل الأهل يكون سببا فى إفساد العلاقة.
وأحيانا يظهر قبل الطلاق العنف الأسرى, فتعطل الزوج عن العمل يؤدى الى ظهور خلافات بسيطة داخل الأسرة تتطور بشكل سريع إلى صور من العنف اللفظى ثم البدنى وقد تنتهى فى كثير من الأحيان بالطلاق .,كما أن اغلب الفتيات المتزوجات حديثا متعلمات ولديهن اكتفاء مادى، وبالتالى نجد أن اغلب الفتيات غير معتمدات على الرجل, وعدم الخبرة التى تجعل كلا منهم غير قادر على الصبر والتأنى، وخاصة اذا كان الزوج والزوجة صغار السن .
وأشارت الى أن السبيل الوحيد هو تعميم الارشاد النفسى للمقبلين على الزواج, دورات تثقيفية بصفة مستمرة, وينبغى عدم التسرع فى اتخاذ قرار الطلاق, والتركيز على ضرورة المصارحة والتعاون بين الزوجين وهذا يتطلب التدريب المستمر، فالزواج ليس فقط للمتعة ولكنه مسئولية مشتركة وهذا يأتى من الوعى والتثقيف.
خسائر الطلاق
ومن جانبها أشارت د"سلوى عبد الباقى" أستاذ علم النفس جامعة حلوان الى أن الخسائر التى يتحملها المجتمع نتيجة الطلاق تدخل فى اطار ما يعتبر تدميرا لرأس المال البشرى متمثلا فى قيمة الوقت الذى يضيع دون أن يستفيد منه المجتمع؛ خاصة فى مراحل التقاضى, وهذه الخسارة غير مرئية, فضلا عن ارتفاع تكاليف التقاضى, وتدهور معيشة المطلقات وأطفالهن, لافتة الى أن أغلب النساء يتنازلن عن حقوقهن للحصول على الطلاق مما يؤدى الى تدهور أوضاعهن المعيشية بعد الزواج, يأتى هذا التنازل عن الحق تعبيرا عن فقدان الأمل فى عدالة ناجزة تنهى حالة المعاناة المريرة .
وتؤكد د"سلوى عبد الباقى" أن تغيير قانون الأحوال الشخصية يقلل كثيرا من تكلفة الطلاق لافتة الى ضرورة تغيير فلسفة القانون الحالى القائمة على المرأة الطاعة مقابل الانفاق عليها هى وأطفالها, والعمل على ادخال تعديلات قانونية تؤدى الى تقليل فترة التقاضى, كما دعت المجتمع الى تقليل فشل الزواج بتعديل تقاليده بما يتفق مع احتياجات الأنثى المتعلمة, وتعديل اجراءات الزواج لتتاح للمقبلين عليه فرصة التعارف الكامل والتأكد من التوافق الانسانى بينهم.
ضحايا الطلاق
اما د"هدى زكريا" أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق فأكدت أن قوة الدوافع الاجتماعية والنفسية نحو الزواج وبناء أسرة لا تساندها قوة التصميم على بقاء الحياة الزوجية واستمراها, وذلك لان الذين تعجلوا في إقامة حياة أسرية والزواج لم يكونوا قد تأهلوا بعد لمسئوليات الزواج. واكدت فى دراستها "التكلفة الاجتماعية للطلاق" أن أبناء الطلاق أو بمعنى أصح ضحايا الطلاق معرضون للانحراف لأنهم يفتقدون فى أغلب الأحيان إلى أركان البيئة الأسرية الطبيعية التى تشعرهم أنهم محبوبون ومرغوب فيهم فيتراكم عندهم الشعور بالنبذ والطرد الاجتماعى .
وأوضحت أن هؤلاء الأطفال تتنتشر بينهم أمراض نفسية مثل اللجلجة والتلعثم فى الكلام والتبول اللاإرادى والسرقة المرضية والتى تتحول إلى سرقة جنائية فيما بعد والعنف والعصبية أو الانسحابية والخجل المرضى وأحلام اليقظة.
مبادرات التأهيل
ارتفاع معدلات الطلاق دفعت فى اتجاة إطلاق العديد من المبادرات المجتمعية للحد من الظاهرة وتأهيل المقبلين على الزواج, فوزارة التضامن أطلقت مبادرة «مودة»، كمشروع قومي لحماية الأسرة والحد من معدلات الطلاق المرتفعة في المجتمع المصري, وتستهدف المبادرة، الفئة العمرية من (20- 35) عاما، والأزواج طالبي خدمات الدعم والمشورة الأسرية، وتتضمن المبادرة دورات توعوية وتأهيلية في الجامعات للطلاب وللمجندين ومختلف الأماكن التي تشهد تجمعات للشباب وفي الإعلام.
وأطلق المجلس القومى للمرأة مبادرة للحد من ظاهرة الطلاق وتحقيق استقرار المجتمع وأمان الأسرة المصرية، وإعداد برنامج تأهيلي توعوي للمقبلين وحديثي الزواج ".بعنوان "معا لنبقى"..
وقامت دار الإفتاء بحزمة من الحلول لعلاج ظاهرة الطلاق من خلال الوقاية والتأهيل، عن طريق إنشاء برنامج لتأهيل المقبلين على الزواج، فضلًا عن لجان الاستشارات الأسرية، وإصلاح الزواج، لتقديم النصائح والإرشادات للأزواج بشكل يعتمد على علم النفس الاجتماعي وليس من منظور ديني فقط, ودشنت الوزارة مبادرة باسم "سكن ومودة".
فيما استحدث مركز الأزهر للفتوى وحدة تحت مسمى «وحدة لم الشمل» لمنع الطلاق وتأهيل المقبلين على الزواج، والتي تم إنشاؤها بهدف حماية الأسرة المصرية من خطر التفكك، وإزالة الخلافات بين المتنازعين، والحد من ظاهرة الطلاق ونشر توعية مجتمعية وأسريّة صحيحة، وتأهيل المقبلين على الزواج، وتقسيم المواريث، وإنهاء النزاعات المترتبة على الاختلاف حولها.
وكان لمجمع البحوث الإسلامية والجامع الأزهر دور أيضًا في مواجهة ارتفاع نسب الطلاق، وذلك من خلال مبادرة تم إنشاؤها حديثا تحت اسم "لتسكنوا إليها"لمواجهة التكاليف الباهظة للزواج في مصر، في محاولة للقضاء على الأسباب التي تؤدي للطلاق، كما هدفت المبادرة للقضاء على العادات السيئة المتبعة في الزواج، وتيسير الأمور المتعلِّقة به، ومواجهة المغالاة في تكاليفه، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تعاني منها مصر.
كما أطلق الأزهر في سبتمبر 2018 حملة «وعاشروهن بالمعروف» للتوعية بمخاطر الطلاق، وتعليقا على هذه المبادرات أكدت د"ثريا عبدالجواد" أستاذ علم الاجتماع أن هذه المبادرات غير كافية لتقليل معدلات الطلاق وحماية الأسرة المصرية والحفاظ عليها من التفكك بدليل أن الأرقام الرسمية للدولة تؤكد تزايد المعدلات رغم إطلاق هذه المبادرات.
29 مطلقة كل ساعة
وفقا لتقرير الجهاز المركزى إن عدد حالات الطلاق العام الماضي بلغ 254777 مقابل 222036 حالة في 2020، بزيادة سنوية 14.7%، وأظهرت البيانات زيادة في عدد عقود الزواج العام الماضي، إذ بلغت 880041 مقابل 876015 في 2020، بزيادة سنوية 0.5 %… وهذا يعنى أن هناك نحو 698 حالة طلاق يوميا أى أن هناك 29 امرأة تحصل على لقب مطلقة كل ساعة تقريبًا.
زيادة الحالات فى الحضر
كشف التقرير أن هناك زيادة في نسبة الطلاق في الحضر عن الريف ففى الحضر144 ألفًا و305 حالات عام 2021 بنسبة 56.6% من إجمالي حالات الطلاق بنسبة زيادة 15.7% عن 202, أما فى الريف 110 آلاف و472 حالة بنسبة 43.4% من جملة حالات الطلاق.
40 سنة متوسط سن المطلقة
وبالنسبة لإشهادات الطلاق بين الحضر والريف فالطلاق في الحضر: 133 ألفا و417 إشهادا بنسبة 54.8% من جملة الإشهادات بزيادة 14.2% عن 2020, أما الطلاق في الريف 110 آلاف و166 إشهادا بنسبة 45.2% من جملة الإشهادات بزيادة 13.5% عن 2020.
وبلغت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة، بعدد 48 ألفا و342 إشهادا بنسبة 19.8%.,أما أقل نسبة طلاق في الفئة من 18 إلى أقل من 20 سنة، بواقع 390 إشهادا بنسبة 0.2% من جملة الإشهادات, وبلغ متوسط سن المطلق 40.1 سنة في 2021.
الشهادات المتوسطة الأكثر طلاقا
وأظهرت الأرقام أن العدد الأكبر من إشهادات الطلاق المسجلة في هذا العام كان بين حملة الشهادات المتوسطة يليها من يقرأ ويكتب ثم حملة الشهادات الجامعية وما يعادلها فأعلى نسبة طلاق كانت بين الحاصلين على شهادة متوسطة، بعدد إشهادات 86404 تمثل 35.5%.,وأقل نسبة طلاق بين الحاصلين على درجة جامعية عليا، وبلغ عدد الإشهادات بها 338 إشهادا بنسبة 0،1% من جملة الإشهادات, وبين المطلقات فأعلى نسبة طلاق بين الحاصلات على شهادة متوسطة بلغ عدد الإشهادات 79 ألفا و871 إشهادا تمثل 32.8%.,وأقل نسبة طلاق بين الحاصلات على درجة جامعية عليا عدد الإشهادات 253 إشهادا بنسبة 0.1% من جملة الإشهادات.
الطلاق فى المحاكم
ووفقا لإحصائيات طلاق المحاكم في مصر فوصل عدد أحكام الطلاق النهائية إلى 11 ألفا و194 حكما عام 2021 بنسبة زيادة قدرها 38.4% من جملة الأحكام عن 2020 ,فى الحضر 10 آلاف و888 حكما بزيادة قدرها 37.4%, وفى الريف 306 أحكام تمثل 2.7% من جملة الأحكام.
فيما وصل عدد حالات الطلاق بسبب الخلع إلى 9197 حكما بنسبة 82.2% من جملة الأحكام النهائية. وكانت أقل نسبة طلاق بسبب حبس الزوج: 3 أحكام تمثل 0.03%.
الزواج فى الريف الأعلى
أما الزواج في الحضر فكان أيضا أعلى من الريف ففى الحضر 359 ألفا و806 عقود بنسبة 40.9% من جملة العقود وبزيادة عن العام 2020 قدرها 0.6%, أما فى الريف 520 ألفا و235 عقدا بنسبة59.1% من جملة العقود بزيادة تقدر ب 0.4% عن عقود عام 2020.
زواج الشباب.. والعواجيز
أما بالنسبة للفئات العمرية الأكثر زواجا في مصر فأعلى نسبة زواج خلال 2021 في الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة، بإجمالي 352 ألفا و259 عقدا، وهي تمثل 40% من جملة العقود, وأقل نسبة زواج في الفئة العمرية 70 سنة فأكثر، بإجمالي 4662 عقدا تمثل 0.5% من جملة العقود، وبلغ متوسط سن الزواج 30 سنة, وبالنسبة للحالة التعليمية للمتزوجين في مصر فأعلى نسبة زواج بين الحاصلين على شهادة متوسطة: عدد العقود 331 ألفا و742 عقدا بنسبة 37.7%., وأقل نسبة زواج في الحاصلين على درجة جامعية عليا عدد العقود بها 831 عقدا بنسبة 0.1% من جملة العقود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.