*أشرف بيدس يحتل فيلم " ابن النيل 1951 " المركز رقم 82 فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية, شارك الفيلم فى فعاليات مهرجان كان عام 1952, وهو مُقتبس عن مسرحية جرانت مارشال "ريفربوي", تضمن الفيلم استعراضات وأغاني من ألحان يوسف صالح, عبدالحليم نويرة, أحمد صدقي, ومن تأليف فتحي قورة. ورد في مجلة "سيني فيلم" :" كانت مجلتنا هي المجلة الوحيدة التي اختارت فيلم "ابن النيل" ليشترك, ولو خارج المباراة, في مهرجان البندقية, وبعد ذلك طلبت وزارة المعارف الاذن من ماري كويني لعرض الفيلم في مهرجان بومباي الذي مثلنا فيه بكل فخر, وأخيرا فقد عرض فيلم "ابن النيل" في "كان" بصفة رسمية ونال نجاحا كبيرا كما كان الأمر في بومباي والبندقية". كتب يوسف شاهين مقالا بعنوان "يوم الحريق" جاء فيه: كانت اللقطة التي أردت أن أضمنها فيلم "ابن النيل" لقطة بسيطة لا تكلف في ظاهر الأمر شيئا.. وهي عبارة عن قاطرة من قاطرات السكة الحديد تطلق دخانا كثيقا.. بينما القطار يتحرك وفيه شكري سرحان. وكان من العسير أن نلتقط هذه الصورة- علي بساطتها- في محطة القاهرة, لأننا دائما نعاني الأمرين في التفاهم مع الجمهور وفي إبعاده عن مكان التصوير.. لهذا اخترت محطة "مزغونة" التي لا تبعد عن القاهرة جنوبا بأكثر من أربعين كيلو مترا.. ذهبنا إلي هناك في الصباح الباكر مع المصور ومساعده وشكري سرحان وبعض الكومبارس, وقابلت ناظر المحطة وأفهمته الغرض الذي جئنا من أجله, فرحب بنا, وما إن وصل القطار لمحطة مزغونة حتي نادي سائقه وطلب إليه أن يتعاون معنا فيما نريد, وسر السائق أنه سيظهر في السينما.. وشرحت له الموضوع قلت له أن يشد الذراع الذي يخرج الدخان من القاطرة في الأثناء التي يتحرك فيها القطار, ووقف المصور في المكان الذي يلتقط منه المنظر.. ودخلت أنا حجرة الناظر لأحتسي فنجانا من القهوة أعده لنا.. وبعد دقائق جاءنا المصور ومساعده وشكري سرحان وقد بدا الخوف والذعر علي وجوههم, وصاح ثلاثتهم:"القطر بيتحرق!" وخرجت من حجرة الناظر فزعا ووجدت ألسنة النار ترتفع من القاطرة! كان السائق قد قفز من القاطرة ووجد كوما هائلا من الرمل بجوار الشريط فراح يحمل الرمل في وعاء ويقذف به علي المواسير التي تندلع النيران من بينها, ووجدت أن خير طريقة لانقاذ الموقف هي أن نعاون السائق.. اما سر ما حدث فهو أن السائق كان مسرورا- كما قلت- لأن صورته ستظهر في السينما ورأي أن يؤدي دورا بارعا بأن يضغط بشدة وعنف علي ذراع الدخان..ويبدو أنه ضغط علي ذراع أخر يتصل بمواسير أخري فكانت النتيجة أن اندلعت النيران.. وفحص السائق القاطرة بعد ذلك فوجدها سليمة, فركبت معه لنذهب إلي القاهرة.. كانت اعضائي ترتعش, وأنا اتخيل النتائج الوخيمة التي كان سيسفر عنها الحريق لو أننا فشلنا في اطفائه.. وأدخل هذا الخيال الضيق علي نفسي.. فكنت ارتجف كلما اطلقت الصفارة.. وما أن وصلنا لمحطة الجيزة حتي قفزت من القطار تاركا كل زملائي! ومازلت أنفر من صفارة القطار التي تذكرني بذلك اليوم, وقد أسمعها وأنا نائم فأستيقظ فزعا.. والرعب يستولي علي". كتب علي أبو شادي في كتاب "أبيض وأسود": رغم أن يوسف شاهين لم يستطع التخلص بشكل كامل من ميلودرامية الموقف, والأداء إلا أن الفيلم قد احتوي بذور الاتجاه الواقعي الذي سيتنامي بعد ذلك في أفلام شاهين وهي واقعية تقوم علي تحليل معطيات الواقع من خلال العوامل النفسية التي تعيشها الشخصيات في إطار الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تحكم هذا الواقع والتي بدت واضحة في فيلمه "صراع في الوادي" عام 1954 كذلك لم يستطع أن يتخلص من النظرة الرومانسية التي تحكم فهم الكثيرين للريف وأهله فهم في نظر صناع السينما "الجنة.. الطبيعة الساحرة الجميلة, القطن اللي نوره بيملا الدنيا, القمح اللي سنابله تتاقل بالدهب.. القلوب الطاهرة والبراءة والتعاون والمحبة" وفي نفس الوقت أسير النظرة الأحادية لمدينة القاهرة, حيث لم يجد فيها سوي الشر والأشرار "حيث تدور علي الفجر والفساد" رغم أنها تمتليء بالعلم والمعرفة علي حد تعبير الشيخ عماد. *** الأم: اخوك إبراهيم أدري منك ويعرف صالحك حميدة: أنا مليش رغبة في الجواز واصل إبراهيم: الحكاية مش بالرغبة الأم: اتكونش زبيدة مش لده عليك يا ولدي حميدة: معرفش الأم: أن كنت حاطط عينك علي خلافها, قول وأنا اطلبهالك ابراهيم: مفيش خلاف زبيدة يامه الأم: واشمعني زبيدة مادام مش لده عليه ابراهيم: أصله.. أصلها غلبانة ومنكسرة يامه الأم: لك حق يا ولدي, يتيمة وعلي قد حالنا إبراهيم: قوليله حميدة: ان كانت عجباك متتجوزة انت ابراهيم: اتجوزها انا.. بتقول اتجوزها أنا, اه يامجرم يا سافل (يقوم ابراهيم يصفع حميدة) حميدة: بتضربني.. بتضربني (يمسك الفأس ويحاول ضرب اخيه) الأم: أرجع أرجع حميدة: أوعي من قدامي الأم : قلت لك ارجع (حميدة يقوم بدفعها ويتجه ناحية اخوه, الأم تقع علي الارض يجري عليها ابراهيم) ابراهيم: أمي.. أمي الأم: ما عنه اتجوز ولا شاف له يوم يا ولدي ابراهيم: وبتتطاول علي امك كمان, توصل لحد كده, يا متوحش يا مجرم (الحريق يشب في القش) الأم: إبراهيم.. حميدة.. النار.. الحقوني.. النار .. النار.. ابراهيم .. حميدة.. حاسب يا ابراهيم حاسب (يتم اطفاء النار, لكن حميدة يصاب في يده) ابراهيم: حميدة الأم: ولدي, كبدي, لما أروح اجيبلك دكر زيت يا ولدي حميدة: اغفر لي يا خوي.. مكنش بخاطري ابراهيم: النار اللي حرقت يدك دلوقتي, اخف بكتير من الجمر المشعلل في قلب خير, ولا تتقدرش واصل بلهيب جهنم اذا خالفت ربك يا خوي, راجع عقلك يا حميدة. الأم: خشي يا زبيدة .. خشي يا بنيتي – قطع – يحاول حميدة أن يفلت بعملته من زبيدة, لكن أخاه الأكبر إبراهيم يضيق الخناق عليه, ويتطور الأمر في النقاش بحضور الأم التي ينالها نصيب من قسوة ابنها الصغير, ثم يرفع حميدة الفأس في وجه أخوه ويدفع أمه لتسقط علي الأرض ولا ينقذ الموقف سوي اشتعال النار, فيهرع الثلاثة لاطفائها, وبالتالي يتم اطفاء حريق آخر في صدر الاخوين, ربما يكون المشهد قد تكرر عشرات المرات في الأعمال السينمائية, لكننا نلحظ إدارة مختلفة تميزت بولع يوسف شاهين بحركة الكاميرا التي تكشف عن التكوينات التشكيلية التي تناسب المكان والشخوص, وتخدم الموقف الدرامي, وكذلك اللقطات المكبرة التي تكشف عن دواخل الشخصيات, والقطع علي الوجوه لإظهار الانفعالات المتباينة للممثلين, والقدرة علي تحريك الممثلين (يحيي شاهين وفردوس محمد) اللذين تحركا بحساب دقيق, حتي العراك كانت المسافات منضبضة بحيث خلقت تواجد الأم والاخوين في الكادر وعلي مسافات متساوية.