ضد التيار العودة إلى سوريا أمينة النقاش فى مؤتمر حاشد فى الصالة المغطاة فى استاد القاهرة ، فى 15 يونيو 2013 أعلن "محمد مرسى " قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا ، وإغلاق سفارتها فى القاهرة ، وسحب القائم بالأعمال المصرى من دمشق، ليس هذا فحسب بل أكد أن مصر ستواصل دعمها للمعارضة السورية.القرار قابلته جماعات الإرهاب الجهادى المشاركة فى المؤتمر بالتهليل والتكبير، وبعد انتهائه، بدأ اعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان فى نشر تصريحات تقول إن مصر لن تمنع الراغبين فى "الجهاد" فى سوريا من السفر، دون أن تشير إلى التمويل والتدريب ل "المجاهدين المصريين" ودورهم فى القتال داخل سوريا "ضد الكافر بشار الأسد"كما قال احدهم فى تصريحات صحفية لاحقة ! قبل ذلك بنحو عامين وتحديدا فى نوفمبر 2011 اتخذ اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب فى القاهرة، قرارا بتعليق عضوية سوريا فى الجامعة العربية ، وفى جميع المنظمات التابعة لها، وسحب السفراء العرب من دمشق، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية .وفى خطوة غير مسبوقة فى تاريخ الجامعة العربية ، قرر الوزراء العرب ، دعوة جميع أطراف المعارضة السورية التى تشتت فصائلها بين الدول الممولة والداعمة لها ، للاجتماع فى مقر الجامعة العربية، ومنح مقعد سوريا فى القمة العربية التى انعقدت فى الدوحة، لأحد ممثلى تلك المعارضة، التى كان بعض فصائلها يرفع العلم الأمريكى على الأسلحة، التى يهاجم بها الجيش السورى ! تاريخ مرير من العلاقات العربية مع سوريا، امتد لنحو عشرة أعوام ، يكشف أن العرب لا يتعلمون من أخطائهم ، ولا يتوقفون عن خوض معارك لا تخدم مصالحهم، بل أعداءهم ، مهما منيت تلك المعارك بالفشل، وأيا كانت ما تجنيه من خسائر .فى عام 1979اتخذت قمة بغداد الشهيرة ، قرارا بقطع العلاقات مع مصر ، ونقل الجامعة العربية من مقرها فى القاهرة إلى تونس، هى ومعظم المنظمات الجماهيرة التابعة لها . وقاطعت الكتب والفنون وكل ألوان الثقافة المصرية ،واحتضنت بعض العواصم العربية عددا ممن تسميهم المعارضين للنظام المصرى . كان الظن أنهم يعاقبون بذلك الرئيس السادات، لتوقيعه اتفاقيات كامب ديفيد، التى مهدت لصلح منفرد مع إسرائيل، وأنهم قادرون بذلك على اسقاط نظامه . شيئا من ذلك لم يحصل ، وتحمل الشعب المصرى فى أبسط الأمور، نتائج تلك المقاطعة . وكان على من يريد مثلا، أن يسافر إلى إحدى العواصم العربية، أن يذهب أولا إلى عاصمة أوروبية ليستقل منها الطائرة المسافرة للدول المقاطِعة، بما ينطوى عليه ذلك من تحمل نفقات مالية زائدة ، فضلا عن المجهود البدنى والنفسى الذى تفرضه تقاليد التنقل والانتظار الطويل فى المطارات . وعلى عكس ما كانت دول المقاطعة تتصور، وثق السادات علاقاته بواشنطن والدول الغربية ، وهيأ خطابه المندد بتلك الدول واجراءتها، مناخا لمعاداة فكرة العروبة، وسجالات شهيرة بين مثقفين ومفكرين حول التشكيك فى عروبة مصر، ونفى الجدوى من وراء التمسك بها . وفى كتابه المهم "الولد الشقى فى المنفى " قدم "محمود السعدنى" نماذج مشينة لمن كانوا يعرفون بمعارضى نظام السادت فى الخارج، وأوضح كيف باتوا ، ألعوبة فى يد تلك الأنظمة ، لخدمة مصالح لا علاقة لها بالشعب المصرى ، ولا بالقضية الفلسطينية ، بل بالصراع على خلافة مصر فى تزعم قيادة العالم العربى ! شيئا من كل ذلك حدث فى سوريا .لم تؤد مقاطعة النظام السورى إلى تغييره، وتحمل الشعب السورى ، نتائج معارك التدخل التركى والأمريكى التى تحفل بالتعارض ، وفوضى منظمات الجهاد الإرهابية، التى حطت على بلاده قتلا وتهجيرا من منازلهم إلى المخيمات، وهجرة من بلادهم للخارج . وبمعاونة حلفاء دوليين وإقليمين، تمكن النظام السورى من الصمود، ووقف حائلا دون تحول سوريا إلى إمارة إسلامية ، وسيطر على معظم الأراضى السورية . زيارة الشيخ " عبد الله بن زايد" وزير الخارجية الإمارتى إلى دمشق الأسبوع الماضى، فتحت باب التكهنات بإمكانية تحسن العلاقات بين بقية دول الخليج وسوريا . ومن غير المتصور أن تعقد القمة العربية فى مارس المقبل فى الجزائر ، دون أن تتصدر مصر قائمة الدول الداعمة لاستعادة سوريا لمقعدها فى الجامعة العربية ، واسقاط كل العقوبات والعقبات التى تعترض ، عودة السفارات العربية إلى دمشق، وعودة سوريا إلى العرب، تعزيزا للمصالح العربية ، التى بعثرتها سياسات تصفية الحسابات ، واجراءات المقاطعة العقيمة، و قصر النظر السياسى بما مهد الأرض لهجمة غربية عاتية، للانقضاض على الدولة الوطنية فى منطقتنا الهدف الأول والأخير لها، هو تحطيمها .