د. شريف فياض: تفعيل الزراعات التعاقدية وعودة الدورة الزراعية ضرورى لتحسين الإنتاجية د.جمال صيام: عدم استمرار الزيادة فالسوق يتوازن فى نهاية المطاف د.هشام مسعد: نسعى للارتقاء بالأصناف واستنباط أخرى ذات صفات أكثر جودة
القطن المصري يعتبر من أجود أقطان العالم وهو ليس مجرد محصول ولكنه تاريخ وحاضر ومستقبل بالنسبة لنهضة مصر الحديثة، لما يتميز به من صفات طبيعية وتكنولوجية وغزلية متفوقة على باقي الأقطان العالمية، وأنه في الآونة الأخيرة تعرض لبعض المتغيرات المحلية والعالمية والتي أثرت سلبا على زراعته وإنتاجه، ولكن اجمع الخبراء على أننا أمام موسم استثنائى لتسويق هذا المحصول الاستراتيجى خلال الموسم الحالى 2021/2022 بعد الارتفاعات التى لحقت بسعر القنطار والتي تجاوزت ال 4000 جنيه فى مزادات محافظات وجه قبلى وتساءلوا " هل تواصل الأسعار ارتفاعاتها لحين تسويق كامل محصول 2021 من المزارعين؟!، وفى تقرير حديث صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، بشأن واردات مصر من القطن ذكرت الوزارة أن حجم إنتاج مصر من القطن سيرتفع إلى نحو 330 ألف بالة مقابل 275 ألف توقعتها سابقاً"، مشيرة الى انه في موسم عام 2021/ 2022، سوف تصل ل 600 ألف بالة مقابل 575 ألف تنبأت بها يوليو الماضى، وجاءت تقديراتها متوافقة مع واردات موسم العام الماضي 2020/ 2021، متنبئة أن تقفز صادرات مصر إلى 350 ألف بالة فى موسم 2021/ 2022، حيث بلغ حجم الصادرات فى موسم العام الماضى 2020/ 2021 نحو 425 ألف بالة. وتوقع التقرير تسجيل محصول القطن الجديد لموسم 2021، قرابة ال 1.5 مليون قنطار من 220 ألف فدان، وتمت زراعات فعلية حوالي 180 ألف فدان حتى نهاية مايو الماضى، كما توقع أن يكون الإنتاج عالى الجودة وبسعر أعلى من العام الماضى، حيث بلغ حجم صادرات القطن المصرى للموسم الماضى 2019/ 2020 قرابة 1.3 مليون قنطار، فيما بلغ الموسم الأسبق 2018/ 2019 نحو 1.8 مليون قنطار، فيما تشير أحدث نشرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع قيمة صادرات مصر من القطن الخام فى الخمسة شهور الأولى من العام الجارى إلى نحو 124.274 مليون دولار مقابل 56.491 مليون فى الفترة المقابلة من العام الماضي. وأكد بعض تجار الأقطان أن الاسعار هذا الموسم مرتفعة للغاية وتواصل ارتفاعاتها، حيث سجلت 4630 جنيها خلال مزادات وجه بحرى وهو السعر الذى يعد تاريخيا بالنسبة لمحصول القطن، مؤكدين أن الفلاح سيحصل على سعر مناسب لتسويق محصوله بعد الخسائر التى لحقت به على مدار عدة مواسم بسبب تراجع سعر قنطار القطن، وما سيدعم ارتفاع أسعار القنطار خلال الموسم الحالى هو قلة الإنتاج المحلى، ووجود طلب عالمى على القطن، فضلا عن تعميم منظومة المزاد العلنى على جميع المحافظات الانتعاش فى البداية، يقول "عبدالعاطى عطية"، مزارع إن القطن في الطريق للعودة لأيام مجده، مضيفا أن زراعة القطن عادت للانتعاش وزادت مساحته هذا الموسم لنحو 236 ألف فدان بعدما شهد الموسم السابق تراجع المساحات ل180 ألف فدان، موضحا أن الأسباب الرئيسية التي أدت لزيادة المساحات تكمن في التشجيع المستمر من الحكومة للفلاحين على زراعة القطن وارتفاع أسعار القطن عالميا مع زيادة الطلب عليه، ورغبه الفلاحين في تعويض خسائر الموسم الماضي، وتعاقد بعض التجار مع الفلاحين لشراء محصولهم، بالإضافة إلى تطبيق نظام تسويق القطن بالمزايدة على كافة أنحاء الجمهورية. ويرى " عبدالعاطى"، أن توفير الدولة تقاوي من الأقطان ذات الإنتاجية العالية كان سببا مع نجاح زراعة القطن الملون تواكبا مع الطلب العالمي عليه حيث لا يحتاج القطن الملون للصبغات الصناعية، بالإضافة إلى نجاح تجربة زراعة القطن قصير التيلة شرق العوينات تماشيا مع زيادة الطلب المحلي على هذه الأصناف من الأقطان، ورغبة الفلاحين في زراعة القطن لقلة استهلاكه للمياه وفوائده العديدة للتربة كبديل مثالي لمعظم الزراعات الصيفية. السعر من جانبه، اكد دكتور" شريف فياض"، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، أن المساحة المنزرعة بمحصول القطن زادت هذا العام حيث تحددت ب 238 الف فدان مقابل 182 الف للعام الماضى، مشيراً إلى انه من المتوقع وفقا للاستراتيجية المستحدثة لوزارة الزراعة أن تصل المساحة فى 2025 ل 400 الف فدان وفى عام 2030 ل 700 الف فدان، موضحا أنه من اسباب ارتفاع السعر هى ارتفاع الاسعار العالمية ما ادى الى ارتفاعها محليا، بالاضافة الى شكوى المزارعين من انخفاض الاسعار العام الماضى مما اثر على معدلات مساحات القطن المزروعة، موضحا أن تحديد ما اذا كان سعر التوريد والمقدر ب 5200 جنيها مربحا للمزارع ام لا متعلق بأمرين الاول تكلفة الانتاج والتى بلغت نحو 16: 17 الف جنيه للفدان والأمر الثانى هو انتاجية الفدان والمقرر ب 8 قنطار اى ان التكلفة هنا حوالى 2000 جنيه وبالتالى يمكن القول بأن السعر "مقبول" للمزارع، ولكن مبلغ ال 5100 كسعر والذى يعتبر البعض مكسبا للمزارع بحد 2500 جنيه للقنطار بالنظر للفترة الزمنية لوجود المحصول بالأرض من شهر مارس وحتى شهر سبتمبر اى يظل طيلة 7 شهور بالأرض يقدر الشهر الواحد للفلاح مكسب ب 360 جنيها فقط وهو ما نعتبر "غير مجدٍ" للفلاح، ولذلك نجد بعض المزارعين يقوموا بزراعة محصول آخر تعويضى الى جانبه ك "الفول" مثلا وبناء عليه يجب مراجعة مبلغ ال 5100 للقنطار . واضاف" فياض" أن هناك عددًا من المشاكل التى تواجه زراعة القطن للحصول على انتاجية تتراوح بين 8: 9 قناطير منها مشكلة التقاوى حيث وصل سعر الشيكارة الواحدة ل 270 جنيها وهى تكفى فدان على أن تكون تقاوى" منزوعة الزغب"، ولابد من توفيرها من خلال مركز البحوث الزراعية ومراكز إنتاج الأقطان، لان مثل هذا النوع من التقاوى غير متوافر للمزارع ما يضطره الى استخدام تقاوى باقية من الموسم المنقضى وتكون غير منقاة وغير منزوعة الزغب وهو ما يؤثر سلبا على انتاجية الفدان وحتى تنخفض من 7 : 5 قنطار للفدان الواحد وينعكس ذلك ايضا على خفض السعر. ويرى " فياض"، ايضا ان مشكلة الأسمدة من المشكلات المؤثرة على الانتاجية حيث الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية والتى رفعت الدولة يدها من عملية تسويقها للمزارع، مؤكدا أن الأسمدة فى الجمعيات التعاونية غير جيدة لذلك يضطر المزارع الى اللجوء للقطاع الخاص والذى يبيع له ب "الآجل"، وعلاج ذلك هو عودة الدولة لدعم الأسمدة خاصة أن تكلفتها عالية. مشاكل وحلول ويكمل "فياض"، الحديث عن المشاكل التى تواجه المزارع تجاه محصول القطن، حيث الاشارة الى مشكلة "العمالة" خاصة أن القطن من المحاصيل التى تحتاج الى عمالة كثيرة فى عمليات "الجنى" حيث تصل اليومية ل 30 جنيهًا للطفل و50 جنيهًا للرجل وهى تكلفة عالية على المزارع، مضيفا ان هناك مشكلة لا يمكن تغافلها وهى مشكلة التسويق، والتى كانت أبرز مشاكل الموسم الماضى فالمزارع جنى المحصول ولم يجد أماكن لتسويقه، وهو الامر الذى يختلف مثلا عن محصولي الارز والقمح وحتى الفول، حيث يمكن بيعها بسهولة حتى ولو بشكل فردى اما القطن مثله مثل محصول القصب لا يمكن تسويقهما بسهولة فلابد من ضمان لعملية التسويق، وفى حالة رفع الدولة يدها عن التسويق اصبح هناك "سوق حر" وهو ظالم للفلاح، حيث يخفض التجار الاسعار، وبالتالى لابد ان تأخذ الدولة نظاما لتوريد القطن، على ان يتم التوريد من خلال عملية المناقصة فى حضور الفلاح والمنتج. ويطالب "فياض"، بوجود جمعيات للفلاحين أو منتجى القطن تكون مسئولة عن تحديد السعر المناسب على أن يتم مشاركة الفلاح من تحديد الاسعار، وذلك من خلال إعادة تعاونيات انتاج القطن، خاصة فى ظل سيطرة شركات القطاع الخاص على تجارة وتسويق القطن بعدما رفعت الدولة يدها فى وقت سابق، وهو أحد المشاكل ومن اسباب هروب المزارع من القطن والتوجه الى زراعات اخرى اكثر ربحية خاصة فى وجه بحرى، وبناء عليه لابد من عودة نظام "التوريد الاجبارى" وتحديد السعر بشكل واضح. الأصناف أما عن الاصناف، فيقول" فياض" ان هناك طويل التيلة وفائق الطول، مشيرا الى قطن "جيزة 94، وينتج من 8:10 قنطار وهو متوسط التيلة، وجيزة 95 وتزرع فى وجه قبلى، وجيزة 96 وهو افضلها " طويل التيلة ممتاز"، لكنه يزرع فى محافظة كفر الشيخ وبمساحة قليلة، ولابد من توفير تقاوى مناسبة لزراعة هذه الاصناف، موضحا أنه لتحسين انتاجية المحصول يجب تفعيل الزراعة التعاقدية حيث يتم التعاقد مع الفلاح من خلال الجمعيات التعاونية والغزال والمحالج، بالاضافة الى الحقول الارشادية لتشجيع المزارع على رؤية تجربة جيدة نصب عينيه من خلال الارشاد الزراعى والممارسات الزراعية خاصة الزراعة فى أوقات مناسبة لذلك من المهم التوسع فى عمل حقول إرشادية تابعة للجمعيات التعاونية والادارات الزراعية فى مناطق انتاج القطن، لتعليم المزارع كيف يزرع القطن بطريقة تضمن له الحصول على انتاجية عالية، وكذلك من الضرورى عودة " الدورة الزراعية"، لصالح التوسع فى مساحات القطن، مع الحفاظ على كفاءة التربة. زيادة استثنائية من جانبه، يرى دكتور "جمال صيام"، أستاذ الاقتصاد الزراعى بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، أن أسعار القطن ارتفعت الموسم الحالي بحوالي 70% عن الموسم الماضى، موضحا أن ظروف الأسواق العالمية هى السبب فى ارتفاع الأسعار نتيجة لبعض الانخفاضات فى إنتاج القطن فى العرض العالمى ببعض المناطق التي تنتج القطن طويل التيلة، وتأثير التيارات المناخية على الإنتاج، الامر الذى أدى إلى زيادة الأسعار "زيادة استثنائية" متوقعاً عدم استمرار زيادة ارتفاع الاسعار لأن السوق يتوازن فى نهاية المطاف، ومن المؤكد أن الأسعار سوف تقل بنسبة 20%. وأكّد" صيام"، أن القطن طويل التيلة الممتاز لا توجد له بدائل، خاصة أن المصانع تعمل على هذا القطن الامر الذى يضطر معه العميل بالشراء، حتى لو بأسعار مرتفعة، موضحا أنه مع ارتفاع الأسعار بنسبة 70%، فالطلب لم يقل عن 70%، ومن الأرجح أنه يقل بنسبة 10%. أما عن زيادة أسعار القطن فى الموسم الحالى فيقول صيام انها ستشجع المزارعين لزراعة القطن فى الموسم المقبل، وإنتاج الفدان للقطن فيما يعادل 7 قناطير وسعر القنطار فى الموسم الحالى 4600 جنيه، فمكسب المزارع فى القطن فيما يعادل 20000 جنيه بعد عملية التحصيل والتوزيع، موضحا أنه عند زيادة إنتاج القطن لم يتم تخفيض السعر، بسبب افتتاح مصانع الغزل والنسيج الجديدة فى المحلة، إضافة الى مصانع خارجية تعمل على القطن طويل التيلة المصرى، فزيادة إنتاج القطن لم تؤثر على السعر، وحذر من تقلبات الأسعار وأنها تدعو للحذر، خاصة وأن زياداتها تمثل سلاحا ذا حدين، فالجيد حصول الفلاح على سعر مرتفع لبيع محصوله، لكنه حال تراجعها بشكل كبير خلال الموسم سيثور المزارع. مواكبة التطور ويرى " صيام" أن مواكبة الدولة للتطورات التكنولوچية العالمية، من الأسباب الرئيسية لعودة القطن المصري إلى سابق عصره، عن طريق إنشاء مصانع جديدة متطورة ومتخصصة في صناعة القطن المحلي، بالاضافة إلى امداد الفلاح بالآليات التي تساعده في تحسين محصوله، ودفع للمزارع جميع مستحقات لتشجيعه على زراعة القطن من جديد، مطالبا بوضع خطة لتطوير بحوث المسئولين عن ملف القطن، وطرح أصناف جديدة وتطوير الأصناف القديمة منه، والاهتمام بجودته وتنقيته من الشوائب. الاصناف فيما أوضح مدير معهد بحوث القطن، دكتور "هشام مسعد" ان المعهد هو الجهة الوحيدة المنوط بها استنباط انتاج اصناف القطن المصرى المشهورة على مستوى العالم بالجودة العالية مشيرا الى أن المعهد قام بإنتاج ما يقرب من 100 صنف على مدى تاريخه حتى الآن كلها تحمل اسم "أقطان جيزة "، ومن أشهرها جيزة 45 الذى يقوم المعهد بالمحافظة عليه ويتداول بنقاوة عالية منذ إنتاجه بالخمسينيات حتى الآن، كما أن المعهد قام فى الفترة الأخيرة بكسر الارتباط السلبى بين المحصول والجودة وقام بإنتاج أصناف ذات جودة تصنيعية عالية، وبذلك جاء ترتيب مصر السابع على مستوى العالم فى متوسط الانتاجية لوحدة المساحة أعلى من الولاياتالمتحدة نفسها، حيث كان ترتيب مصر الثالث على مستوى العالم من صافى الربح لوحدة المساحة وذلك طبقا لتقارير اللجنة الاستشارية الدولية للقطن موسم 2019. واضاف " جار تسجيل الصنف جيزة 98 وهو مناسب أيضا للزراعة بالوجه القبلى ويتحمل الإجهاد الحرارى وموفر لمياه الرى وبدخوله للانتاج سيؤدى لحدوث طفرة فى متوسط الإنتاجية وهو ملائم للتصنيع المحلى، أيضا جيزة 94 من الأصناف المستنبطة حديثاً من طبقة الأقطان الطويلة للوجه البحرى، تم طرحه للزراعة العامة لأول مرة موسمى 2015، 2016 بمساحة محدودة بمحافظة كفرالشيخ وحالياً تم التوسع فى زراعته، بالإضافة لتسجيل الصنف جيزة 97 كصنف تجارى وهو أيضا من طبقة الأقطان الطويلة للوجه البحرى، ويتميز بالمحصول العالى، وجيزة 92، و96 من الأصناف المستنبطة حديثاً من طبقة الأقطان الفائقة الطول، ويعتبر الأخير من أفخم الأقطان العالمية وهو صنف تصديرى عالمى وهذه الأصناف تتحمل التغيرات المناخية مثل الحرارة العالية وندرة مياه الرى. ويرى " هشام" إن سعر القطن للموسم الحالي بدأ من 2800 جنيه للقنطار في الوجه البحري، و2300 جنيه للقنطار في الوجه القبلي، مؤكدا أن جهودا كبيرة يبذلها الباحثون من أجل الارتقاء بأصناف القطن واستنباط أصناف ذات صفات أكثر جودة، مضيفاً أن القطن الملون يعد أحد أهم الأصناف الجديدة التي ينتجها المعهد ويستعد للتوسع في إنتاجها بحلول الموسم المقبل، مطالبا بضرورة التعاون مع القطاع الخاص للتوسع في إنتاج هذه النوعية من القطن، التي تحقق عائدات جيدة، مشددا على ضرورة الاهتمام بالمكافحة لتجنب الإصابة المتأخرة والتي تنعكس سلبا علي الإنتاج. وشدد " هشام"، على أن القطن المصرى يتربع على عرش الأقطان العالمية بلا منافس لصفاته المميزة وطول التيلة ونعومته الفائقة، حيث ننفرد بإنتاج 23% من إجمالى الأقطان طويلة التيلة، فائقة النعومة، مؤكدا أن الدولة تسعى لتحسين صفات الأقطان باستنباط أصناف جديدة تلائم الظروف المناخية لكل محافظة، من خلال معهد بحوث القطن التابع لمركز البحوث الزراعية.