زمن اللقطة والانحدار ماجدة موريس ڤيديو تلقيته عن رحيل ممثلة ومغنية إيطالية شهيرة هي «رافاييلا كارا ». وإجراءات الجنازة، والوداع، وكانت المناسبة هي رحيل الفنانة الكبيرة دلال عبد العزيز، وكانت المقارنة بين الرحيلين هي ما قصدها الصديق محمد عمارة، المصري المقيم في ايطاليا من سنوات طويلة، ولكنه ككثيرين غيره من المهاجرين، يعيشون«في بلاد برة » وقلوبهم مع مصر، وعيونهم عليها دائما،ولهذا أخذه الغضب والاسف حين رأي الڤيديو المصري وما حدث من تدافع وفوضي وهرجلة في وداع الفنانة دلال عبد العزيز، وكيف تدافع كثيرون من غير المعزين لالتقاط الصور للمعزين من زملاء وزميلات المهنة، وبينهم عدد كبير ممن حملن كاميراتهم، او الموبايلات، ووصل الامر لمطاردة الفنانين الذين حضروا للعزاء للتصوير معهم، او الحصول علي لقطات لهم يتحدثون، او حتي لقطات صامتة، ولتتحول طقوس الوداع والعزاء والدفن الي مطاردات، وشبق شديد للاقتراب من الفنانين، والفوز بلقطات تصلح للمواقع الصحفية الالكترونية والشخصية وكأنها مناسبة لابد من الاستفادة منها بشئ برغم كل جلال الموت وحرمته، وبرغم كل الالم والدموع لاهل واصدقاء الراحلين «وانا هنا اتكلم عن كثيرين من الفنانين الذين رحلوا تباعا وشهد وداعهم نفس الفوضي تقريبا» والسؤال هو هل يحدث هذا في الخارج؟. العزاء الايطالي والفوضي المصرية في الڤيديو او العزاء الايطالي، كل شئ منظم، النعش يحمله فريق من الرجال ببذلات انيقة، والاهل والاصدقاء بجانبه، بلا موبايلات، والغرباء والمصورون وراء حاجز لا يسمح لهم بالاقتراب، سواء قبل اجراء الصلاة في الكنيسة، او بعدها، والتصوير يتم من خلال الحاجز،بعيدا عن الاقتراب من الاهل والاقارب، اما اثناء الصلاة فالصمت تام، وبعد ان ينهي القس صلاته يسمح لاهل الراحلة واصدقائها بإلقاء كلمات عنها تعبر عن المحبة والفقد، بعدها يعود الجثمان الي السيارة لتذهب الي حيث الدفن، وهنا، في هذا المكان غير مسموح للمصورين بالتصوير، حتي عن بعد. والسؤال الان هو لماذا هم منظمون ونحن لأ ؟، وهل من الصعب ان تنتهي هذه الفوضي المسيئة لنا جميعا؟ الاجابة حاول برنامج «التاسعة» تقديمها مساء الاثنين اول امس من خلال حوار اجراه مقدمه يوسف الحسيني مع نقيب الاعلاميين طارق سعدة، وطارق مرتضي مستشار نقابة الموسيقيين، وانضم اليهم الشيخ احمد كريمة، بينما ارسل نقيب الصحفيين ضياء رشوان مشروع مكتوب لكود اخلاقي لتغطية الجنازات، وبالطبع فقد اجمع الكل علي اهمية تنظيم هذه العملية، اعلاميا، لاسباب عديدة، دينية ومجتمعية لكن سبل الحلول تفرقت، فاتضح انه يوجد عقاب قانوني للتصوير، والتسجيل دون اذن صدر منذ ستة اشهر!. ومع ذلك يجري التصوير والتسجيل بلا توقف!، واتضح ايضا ان عدد الصحفيين، والاعلاميين غير المسجلين في النقابات عشرة اضعاف المسجلين، واتضحت أمور أخري عديدة من خلال النقاش الذي شارك فيه هاتفيا الفنان ايهاب فهمي عضو نقابة الممثلين، ولان الامر أكثر بساطة من الاستمرار في نقاشات متزايدة والموت لا يهدأ، فلماذا لا نقتبس النموذج الايطالي، او اي نموذج يسمح لاهل الشهرة بالرحيل دون زحام الاغراب وتدافعهم لالتقاط الصور، ويسمح لاجراءات الدفن بالمرور بلا اي عوائق، ان علي النقابات الفنية والاعلامية وعلي المجلس الاعلي للاعلام الاجتماع لوضع حد لهذه الظاهرة التي تتصاعد كلما رحل احد الفنانين، وان يدرك الكل ان هذا البلد الذي كان اول من عرف الحضارة تاريخيا لا يليق به كل هذه الفوضي الان ولا يليق ان نحزن علي رحيل فنانينا ومبدعينا بدون ان نسعي لحماية لحظاتهم الاخيرة ممن يسعي للتكسب منها.