تمثل جائحة كورونا تحديا عصيبا يؤرق الدول فليس علي المستوي الصحي فقط و لكن علي المستوي الاقتصادي أيضا, فكانت للجائحة آثار مدوية علي الصعيد الاقتصادي مما دفع بعض الاقتصاديات إلي حلول استثنائية للحد من الآثار السلبية للجائحة, حيث اعتمدت بعض الدول ومن بينها مصر علي نموذج يهدف إلي تحميل الفرد لواجبات الدولة في صورة استقطاعات من دخول الأفراد أو من خلال فرض ضرائب جديدة. عدوي كورونا تصيب المرتبات وافق مجلس الوزراء من أول يوليو لعام2020،ولمدة 12 شهراً علي خصم نسبة 1 بالمائة شهريا من صافي دخول العاملين في كافة قطاعات الدولة بالإضافة إلي خصم نسبة 0.5% من صافي الدخل المستحق من أصحاب المعاشات لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار هذا الفيروس علي أن يعفي من هذا القانون أصحاب الدخول الذين لا يزيد صافي دخولهم شهرياً على 2000 جنيه. كما قرر مجلس الوزراء التبرع بنحو 20 بالمائة من راتب الوزراء للمساهمة فى تلافى تداعيات كورونا. جاءت القرارات بعدما شهدت إيرادات الدولة انخفاضا خلال فترة الجائحة نتيجة الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة وأدت إلى فقدان إيرادات الدولة بنحو 200 مليار جنيه بحسب وزير المالية، د. محمد معيط، كما انخفضت إيرادات الضرائب بنحو 150 مليار جنيه. مما يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة، بعدما رفعت الدولة الرواتب للعاملين بنسبة 10 بالمائة بالقطاع الحكومي، و7% للعاملين الخاضعين لقانون الخدمة العامة، و14% للأصحاب المعاشات. طعام الفقراء يذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد أصدر تقرير كشف فيه عن ارتفاع نسبة الفقر فى مصر لتصل إلى 32.5% في عام 2017-2018، بدلا من 27.7%، رغم رفع قيمة حد الفقر من 482 جنيه شهريا للفرد إلى 735 جنيه. بلغ قيمة خط الفقر في البحث الجديد للمركزي للإحصاء الصادر مؤخرا عن الفترة 2017-2018 ،نحو 8827 جنيهًا للفرد في السنة، ما يعادل 735.6 جنيها للفرد في الشهر. في حين تبلغ قيمة خط الفقر المدقع 5889.6 جنيهًا للفرد في السنة أي ما يعادل 490.8 جنيهًا للفرد شهريًا. كان خط الفقر، حسب آخر بحث للدخل والإنفاق عام 2015، هو 482 جنيها شهريًا للفرد. وتحتاج الأسرة المكونة من 5 أفراد إلى 3678 جنيهًا شهريًا حتى تستطيع الوفاء باحتياجاتها، بحسب تقرير بحوث الدخل والإنفاق الجديد عن الفترة 2017-2018. بينما يحدد البنك الدولي معدل خط الفقر العالمي ب 1.9 دولار (نحو 31 جنيه) يوميًا للفرد، وفقا لآخر أرقامه الصادرة عن عام 2015. وفى نفس الاتجاه، أصدرت وزارة التموين والتجارة الداخلية قرارا بشان تحديد تكلفة إنتاج الخبز المدعم، بعدما ارتفعت تكلفته بسبب القرارات الحكومية برفع أسعار المحروقات وارتفاع أجور العاملين بقطاع المخابز بعد موجة ارتفاع الأسعار التى شهدتها البلاد منذ تحرير أسعار الصرف وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وبدلا من تحمل الحكومة فرق تكلفة سعر الرغيف اتجهت لتحميل المواطن الفارق عبر تخفيض وزن الرغيف من 110 جرام إلى 90 جرام، مع ثبات سعره عند 5 قروش للرغيف, في حين أن الحكومات السابقة كانت تتحمل فروق الأسعار بدلا من تحميلها للمواطن العادي. كانت المخابز قد طالبت وزارة التموين والتجارة الداخلية بإعادة النظر في تكلفة إنتاج رغيف الخبز نتيجة ارتفاع الأعباء والأسعار، كما اعترضت على البند الخاص بدفع تأمين 3 أيام قبل الحصول على الدقيق من المطاحن، وفقا لتعديلات المنظومة الجديدة للخبز التى أقرتها وزارة التموين. وكان البند الخاص بدفع صاحب المخبز للتأمين تسبب في أزمة بين وزارة التموين والتجارة الداخلية والمخابز، حيث احتج عدد كبير من أصحاب المخابز بالمحافظات على بند التأمين، بسبب نقص السيولة في ظل وجود مستحقات متأخرة لدي الوزارة للمخابز تقدر بمليار جنيه. تشير التقديرات إلى أن تخفيض وزن الرغيف يوفر نحو مليار جنيه للدولة فرق تكلفة إنتاج الخبز. تجدر الإشارة إلى أنه كانت هناك مناقشات حول خفض حصة الفرد من الخبز من 5 أرغفة يوميا إلى ثلاثة أرغفة، لكن تراجعت الحكومة على اتخاذ تلك الخطوة بعدما لاقت اعتراضا كبيرا فى الأوساط الشعبية. يؤدى خفض وزن الرغيف إلى زيادة استهلاك الخبز، حيث أصبح حصة الفرد تعادل أربعة أرغفة بالوزن الجديد، مقارنة بخمس أرغفة القديمة وهو ما يؤرق الطبقة الفقيرة التي تعتمد في غذائها بشكل كبير علي رغيف الخبز. وتحتل محافظة أسيوط المرتبة الأولى في أفقر المحافظات في مصر بنسبة 66.7%، تليها محافظة سوهاج بنسبة 59.6%، ثم الأقصر بنسبة 55.3%. ويعد 51.9% من سكان ريف الوجه القبلي، الذين يمثلون 25.2% من السكان، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، مقابل 27.3% بريف الوجه البحري، وتقل هذه النسبة في حضر الوجه القبلي إلى 30%. في حين تبلغ نسبة الفقراء في المحافظات الحضرية، 26.7%، وشهد حضر وريف الوجه البحري، وحضر الوجه القبلي والمحافظات الحضرية ارتفاعًا في مستويات الفقر بين عامي 2015 و2017/2018. بينما شهد ريف الوجه القبلي انخفاضًا في نسبة الفقراء رغم بلوغها 51.9% ، وهى الفئة الأكثر استخداما للخبز. ولعل الدليل الواضح علي أهمية الخبز في حياه المواطن المصري هو اندلاع ثورات 18 و 19 يناير1977 في العديد من الدول المصرية رفضا لمشروع الميزانية الذي طالب برفع سعر العديد من السلع الغذائية و علي رأسها الخبز, حيث قام الدكتور عبد المنعم القيسوني نائب رئيس الوزراء للشئون المالية و الاقتصادية آنذاك بعمل خطاب أمام مجلس الشعب أعلن فيه إجراءات تقشفية وربط هذا بضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي و البنك الدولي لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة, إلا أن رد فعل الشارع علي الزيادات كان الرفض التام و الخروج للتظاهرات إلا أن استجابت الحكومة وتراجعت عن زيادة الأسعار. المشاركة المجتمعية وفي خطوة أخري تعكس التوجهات نحو تحميل الفرد للحالة الاقتصادية التي تعيش فيها البلاد ,وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال على مجموع مواد مشروع قانون صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة, تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع رئيس مجلس الوزراء,حيث يهدف الصندوق إلي دعمهم في كافة النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية والتدريبية وغيرها وصرف المساعدات المالية التي تقرر وفقا لأحكام هذا القانون. ويعتمد الصندوق في تمويله علي رسوم فرضتها الدولة علي باقي أفراد الشعب أهما: فرض رسوم بقيمة خمسة جنيهات علي رخصة القيادة بجميع أنواعها و رخصة تسيير المركبات بجميع أنواعها, واستخراج شهادة صحفية الحالة الجنائية, بجانب رسوم علي كل طالب في مرحلة التعليم قبل الجامعي علي أن تزيد إلي عشرة جنيهات للمرحلة التي تليها, كما يخصم مبلغ شهري من أجور جميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة وشركات القطاع العام والقطاع الخاص والبنوك الحكومية وغير الحكومية وغيرهم، على النحو التالي: مبلغ 3 جنيهات حتى الدرجة الوظيفية الثالثة، مبلغ 5 جنيهات حتى الدرجة الوظيفية الأول, مبلغ 10 جنيهات للدرجات الوظيفية فيما فوقها.