” التجمع ” منبر للثقافة الوطنية .. وبيت المثقفين المصريين عيد عبد الحليم لعب حزب التجمع دوراً ثقافياً مهماً في الحياة المصرية منذ تأسيسه عام 1976، فكان مؤسسو الحزب عددا من كبار المثقفين والمفكرين والمبدعين، وكانت الثقافة دائماً أحد الأضلاع المهمة في توجهات الحزب، والذي يعد أكثر الأحزاب المصرية اهتماماً بالجانب الثقافي والفكري . ويضم ” التجمع ” منذ تأسيسه ” اللجنة الثقافية ” والتي كان من أعضائها عدد كبير من أهم المبدعين المصريين أمثال يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وفريدة النقاش وكمال رمزي ولطيفة الزيات، ود. رضوى عاشور وحلمي شعراوي ود . سيد البحراوي وأمينة رشيد وغيرهم الثقافة الوطنية في الثاني من إبريل 1979 اجتمع مئات من المثقفين المصريين بمقر حزب التجمع لمناقشة موقف المثقفين المصريين من معاهدة كامب ديفيد ” ومن هذا الاجتماع أنبثقت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية ” كلجنة جبهوية مستقلة للعمل في إطار حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي . وقد خاضت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية العديد من المعارك الوطنية من أجل مصلحة الوطن المصري كجزء من الوطن العربي، ولصد الهجمات الاستعمارية والصهيونية، وخاصة في ميدان الثقافة الذي يعتبر إحدى أخطر جبهات الصراع في عالمنا المعاصر . وفي هذه المعارك جميعاً، شارك معظم المثقفين الوطنيين المصريين كأعضاء دائمين أو متضامنين أو مشاركين بالكتابة والرأي، أياً كانت توجهاتهم الفكرية وأصولهم الأيديولوجية، وكان هذا إثراءً لنشاط اللجنة ولفكرها التي خاضت بها هذه المعارك . وقد رأست اللجنة الكاتبة الراحلة د. لطيفة الزيات، وكان أمين اللجنة حلمي شعراوي. وفي بيانها التأسيسي الذي جاء تحت عنوان ” نداء : دفاعاً عن الثقافة القومية ” أكدت اللجنة على أنه ” منذ الثورة العرابية وإلى اليوم قامت كل ثقافة مصر الحديثة على منطلقات فكرية وطنية وتحررية معادية للإستعمار الأجنبي والتبعية الاقتصادية، وعلى هذا الأساس أنطلق وأرتكز كل ما أبدعه العقل المصري والوجدان المصري واليد المصرية في مجالات العلوم الإنسانية والتطبيقية والفنون والآداب والخبرة والتصنيع والتقدم الفني، ومن هذا الأساس أستمدت الثقافة المصرية العربية مغزاها ومعناها وهويتها، وأستلهمت وألهمت الشخصية المصرية نفس الهوية ” . وأشار البيان إلى التناقض بين منطلقات الثقافة الوطنية في مصر والثقافة الاستعمارية الصهيونية، ونبه للمخاطر العديدة التي تتعرض لها البلاد من جراء اتفاقية كامب ديفيد ” وفي ختام البيان طرحت اللجنة على المثقفين المصريين عدة مهام : منها حماية التراث الكفاحي لشعب مصر دفاعاً عن ثقافته الوطنية بالعمل على كشف المخططات الاستعمارية والصهيونية والتصدي لها وإحباطها، وبرفض كافة أشكال التبعية العلمية والتقنية، وبتأكيد الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة، وبالمقاطعة الشاملة لكل أشكال التبادل الثقافي والعلمي والتربوي مع العدو الصهيونية وبإلغاء القوانين المقيدة للحريات المكبلة للفكر والحرية، وبالدعوة لتشكيل هيئات للدفاع عن الثقافة الوطنية . وكانت القضية الفلسطينية في القلب من شواغل اللجنة قناعة من أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية، بقدر ما هي قضية مصرية، ففي تهديد فلسطين تهديد لأمن مصر ومشروع نهضتها، وقد عبرت اللجنة عن هذا في بياناتها، وأنشطتها الثقافية المختلفة . مجلة ” أدب ونقد ” وتعد مجلة ” أدب ونقد ” المجلة الثقافية الوحيدة التي يصدرها حزب سياسي في العالم العربي، وقد صدر أول أعدادها في يناير 1984، وماكان ذلك ليتم إلا بدعم من مؤسس وزعيم حزب التجمع خالد محيي الدين، وكذلك بتضافر كل الجهود الثقافية التقدمية في مصر والعالم العربي، حيث التفت حولها كل الأقلام الجادة مشاركة وداعمة، فأشتد عودها منذ لحظة الغرس حتى غدت شجرة سامقة في ساحة الفكر والثقافة العربية . تبنت ” أدب ونقد ” ملفات التجديد الفكري والثقافي بأفق مفتوح وبمنهج ” فقه الاختلاف” وطرح الرأي والرأي الآخر، عمادها في ذلك الإيمان بحرية التفكير والتعبير، وحوار العقل في مواجهة التجمد والتطرف . لذلك دخلت ” أدب ونقد ” في معارك كثيرة ” متسلحة بفكر الاستنارة، مستعينة في ذلك بمساهمات مفكرين ومثقفين مستنيرين، أمثال محمود أمين العالم، ونصر حامد أبو زيد، وجورج طرابشي، ومحمود إسماعيل، وخليل عبدالكريم، وجمال البنا وغيرهم . كانت ” أدب ونقد ” دائماً وستظل في مواجهة التيارات الرجعية والأصولية، التي تدعو إلى تهميش العقل الإنساني وإلغائه . وهذا أيضاً هو رهان المستقبل للمجلة، حيث التجديد، ثم التجديد، في الفكر والإبداع، في خطاب عقلاني يليق بالإنسان المعاصر . أدب ونقد ” منذ صدور عددها الأول برئاسة تحرير د. الطاهر مكي أصبح أسمها مرتبطاً بالثقافة الجادة، وتعمق دورها بعد أن تولت الناقدة فريدة النقاش رئاسة تحريرها عام 1987، وخلال عشرين عاماً استطاعت فريدة النقاش ” أن تجعل للمجلة شخصية خاصة مميزة عن باقي المطبوعات والمجلات الرسمية، فأصبح النشر فيها بمثابة شهادة ميلاد لأي مبدع أو ناقد أو مفكر . ولا أنسى هنا أيضاً الدور الذي لعبه الشاعر الراحل حلمي سالم والذي رأس تحرير المجلة لخمس سنوات من 2007 وحتى 2012 . ومنذ توليت أنا رئاسة تحريرها من يوليو 2012، حاولت أن أكمل مسيرة المجلة بفتح آفاق تعاون مع المؤسسات الثقافية والعلمية في مصر بعقد بروتوكولات تعاون مع جامعة القاهرة، وأكاديمية الفنون ووزارة الثقافة المصرية . وقد اجتذبت المجلة على مدار تاريخها كبار مثقفي مصر والعالم العربي،وكانت البداية الحقيقية لانطلاق كثير من المبدعين في مجالات الإبداع المختلفة كتاب الأهالي كان لظهور كتاب ” الأهالي ” حالة خاصة في سوق الكتاب المصري، هذه السلسلة التي تولي رئاسة تحريرها الكاتب والصحفي والمؤرخ الكبير الراحل صلاح عيسي فقد استقطبت هذه السلسلة عدداً من كبار الكتاب والمفكرين المصريين والعرب وكذلك كبار السياسيين أمثال د. غالي شكري، خاصة كتابه” الثقافة والثقافة المضادة” وشوقي جلال ود. رفعت السعيد، ود. إسماعيل صبري عبدالله، ود. فؤاد مرسي ” ود. فخري لبيب، ومحمود أمين العالم، وفيليب جلاب وغيرهم . وواصل ” كتاب الأهالي ” دوره التنويري لأكثر من عشرين عاماً، معتمداً على نشر الثقافة التنويرية الجادة . مجلة اليسار وتعد مجلة ” اليسار ” أحد الإصدارات الفكرية والسياسية المهمة التي أصدرها حزب التجمع والتي أستمرت في الصدور لأكثر من 15 عاماً برئاسة تحرير الكاتب الصحفي الكبير الراحل حسين عبدالرازق، وقد نشرت المجلة عشرات الملفات الفكرية التقدمية، لكبار الكتاب من الوطن العربي . ثم ظهرت بعد ذلك مجلة ” اليسار الجديدة ” والتي صدر منها عدة أعداد والتي رأس مجلس إدارتها د. إبراهيم سعد الدين، ورأس تحريرها نبيل زكي ونائب رئيس التحرير أمينة النقاش ومدير تحريرها محمد فرج وعادل الضوي . جماعة مسرح الشارع ظهرت جماعة مسرح الشارع، في الفترة ما بين 1976 و 1980 على يد مجموعة من عشاق المسرح الذين بدأوا الفكرة بإرهاصات فنية على مسرح جامعة القاهرة عامي 1975 و 1976 وكان منهم ناصر عبد المنعم وأحمد كمال ومنحة الطبراوي وعبد العزيز مخيون، وناجي جورج، ومها عفت وأحمد فؤاد وخالد وشاحي ومحمد صفي الدين ومحمد العدوي وهشام العطار وهاني الحسيني ومصطفى زكي، وحسين أشرف ومنى سعد الدين، ومحمد عصمت سيف الدولة ومنى صادق سعد وعبلة قاسم، وسميحة قاسم ومحمد الفرماوي وفاطمة الصياد وليلي سعد، وأنضم إليهم بعد ذلك عبلة كامل وأحمد مختار وصلاح عبد الله . وقد جاء ظهور الجماعة في ظل فترة السبعينيات التي عاني فيها المسرح المصري من تحول فني نتيجة لعوامل سياسية واجتماعية، قد انتهج النظام الساداتي منهج الانفتاح الاقتصادي والردة على منجزات المشروع القومي في الحقبة الناصرية، مما جعل كثيراً من المسرحيين المحترفين يلجأون إلى الهجرة كبديل موضوعي عن غياب الهوية داخل الوطن، أما البعض الآخر فأثر الصمت مهاجراً إلى داخله، وهي هجرة أصعب بالتأكيد، أما البعض الثالث فقدم مسرحاً ميتاً على حد تعبير ” بيتر بروك ” فأصبحت الساحة خالية إلا من تجربة وحيدة هي تجربة سمير العصفوري داخل مسرح الطليعة فقد حول المكان إلى بؤرة ثقافية جعلت منه حائطاً للصد والدفاع عن الهوية المسرحية في ذلك الوقت من خلال تقديمه لبعض العروض المميزة منها ” عنتر ياعنتر ” و” أبو زيد الهلالي ” مولد السيد معروف ” بالتعاون مع شوقي عبدالحكيم ويسري الجندي . ولكن بالضرورة لم يكن مكان واحد بقادر على المواجهة، على حد تعبير المخرج ناصر عبدالمنعم، أو على استيعاب مئات الفنانين المحملين بالغضب وبالرغبة في طرح هموم وقضايا الوطن . إذن كانت الفكرة ثورية المنحني في محاولة لخلق حالة مسرحية جادة تتوازى مع ما أنجزه المسرح الستيني الذي شهد التفافاً جماهيرياً كبيراً. ومن ناحية أخرى الخروج من دائرة المصادرة التي فرضت على أعضاء المسرح الجامعي في ذلك الوقت الذي شهد عمليات كثيرة لقمع الحريات منها إلغاء عرضين لجامعة القاهرة هما ” المهرج ” تأليف محمد الماغوط، وإخراج ناصر عبدالمنعم والثاني ” البوتقة” أو ساحرات ساليم ” لأرثر ميلر، وإخراج د. حسن عبدالحميد، هذا الجو المأساوي جعل مجموعة من شباب المسرحيين داخل الجامعة يلتقون ويفكرون في كيفية تجاوز هذه الأزمة، وقد تزامن هذا مع تحول مجرى الحياة السياسية في مصر إلى التعددية الحزبية وتأسيس حزب التجمع خاصة الذي سيكون أحد المنابر الرئيسية في دعم ” جماعة مسرح الشارع ” .وقد اعتمدت الجماعة على رافدين أساسيين: الأول : عالمي ويتمثل في تجارب مسرح الشارع في أمريكا وفرنسا أو ما يسمى ب ” مسرح اليسار الجديد ” ” إجبستوبوال” . ثانيا : الرافد المحلي ويتمثل في تجربة مسرح القرية لكل من تجارب د. هناء عبد الفتاح في ” دنشواي ” بالمنوفية 1969، وعبد العزيز مخيون في قرية ” زكي أفندي” بأبو حمص بمحافظة البحيرة في بداية السبعينيات . وفي هذا الإطار تم العمل مع اتحاد الشباب التقدمي في الجيزة، وكان المسئول في ذلك الوقت هاني الحسيني وأمين الحزب في المحافظة محمد خليل، وتم ترتيب جولة لجماعة داخل محافظة الجيزة وكان أول العروض ” الكاتب ” وقدم بقرى الصف ومنها ” صول ” و” البرنبل ” و” بيجام ” بشبرا الخيمة، وكذلك تم تقديمه في مولد السيدة زينب، عام 1976 داخل سرادق . وقد فرضت هذه التجرية على ” جماعة مسرح الشارع ” كما يؤكد ناصر عبد المنعم أن نفكر جيداً في تجديد النواحي التقنية ومنها : 1 ضرورة تقديم العروض في مكان مفتوح . 2 أن يكون هذا المكان واسعاً . 3 امتلاك تقنيات مختلفة في الصوت والحركة والأداء . 4 تقديم عروض تنتمي إلى الاسكتشات المسرحية، المتقطعة التي يربطها رابط درامي واحد . وقد نتج عن هذه الأفكار وجود ما يمكن أن يسمى ب ” المشاهد المترجل ” وهي تيمة أساسية في مسرح الشارع والذي يعتمد في أفكاره الأساسية على تقديم اسكتشات قصيرة ومتلاحقة، وبالتالي بدأ التفكير في الكتابة خصيصاً لمسرح الشارع فقام ” أحمد فؤاد ” بكتابة مسرحية ” بنك الهموم ” أو ” الموت جوعا” تتضمن مشاهد قصيرة من حياة مواطن كادح محدود الدخل وتلاحق الأزمات عليه في ظل مؤسسة مختلفة وقد جاءت الفكرة على غرار مسرحية ” بنك القلق ” لتوفيق الحكيم وقد عرضت المسرحية في محافظة السويس في أحد الأرصفة عدة مرات . مصداقية الرؤية وقد واجهت الفرقة خلال هذه العروض خصومات سياسية من ” حزب الوسط ” الذي كان أعضاؤه بالقرى يقذفون أعضاء الفرقة بالحجارة، بالإضافة إلى اندماج الجمهور مع العرض الذي كاد يتسبب في كارثة ففي أثناء العرض خاصة في مشهد غلاء الأسعار، يذهب البطل إلى الجزار ويدور بينهما حوار حول الغلاء فيصف البطل الجزار بأنه جشع . وفي تلك الأثناء إذا بجزار القرية الحقيقي يقتحم المسرح ويتشاجر مع الممثل الذي يقوم بدور المواطن المطحون، مما جعل هناك حالة من المزج بين الفن والواقع وقد قام ببطولته في فترات عرضه المختلفة كل من عبلة كامل وصلاح عبد الله وأحمد كمال وعزة الحسيني ومحمد جمال ومجدي الجلاد وبعد ذلك تم تقديم عرض ” الفيل ياملك الزمان ” تأليف سعد الله ونوس وإخراج ناصر عبد المنعم وبطولة هشام العطار ومها عفت والطفل جاسر حسين عبد الرازق، ومنى إبراهيم سعد الدين ومصطفى الحسيني، وقدم على خشبة مسرح حزب التجمع بالقاهرة، وذلك بعد أن نجحت الفكرة في محافظة الجيزة، مما جعل القيادة المركزية لحزب التجمع تلحق نشاط الجماعة بمكتب الأدباء والفنانين الذي كانت تشف عليه في ذلك الوقت الناقدة فريدة النقاش، وكان يضم وقتها صلاح أبو سيف وجميل راتب وعبد الرحمن أبو زهرة، ويوسف شاهين وسيد عبد الكريم وغيرهم . وفي هذا الإطار تم تقديم عدة عروض كان من أهمها ” حكاية بلاد نمنم ” تأليف وأخراج محمد عبد الهادي، وقد تم عرضها على أحد الأسطح بمدينة الإسكندرية، وفي أحد شوارع السويس، وقد قام ببطولتها هشام العطار ومصطفى زكي وأحمد كمال ومهما عفت وخالد الوشاحي وفاطمة عفت . أما أخر عروض ” جماعة الشارع ” فكان عرض ” يحدث في مصر الأن ” المأخود عن رواية يوسف القعيد المسماة بنفس الأسم إخراج أسامة أنور وعرض بالمقر المركزي لحزب التجمع بالقاهرة . مهرجان يوسف شاهين ومن الفاعليتا الثقافية المهمة التي يقيمها حزب التجمع في السنوات الأخيرة ” مهرجان يوسف شاهين للأفلام الروائية القصيرة ” وقد أقيمت منه عدة دورات تحت إشراف المخرج طوني نبيل، ويحضره كبار الفنانين وصناع السينما في مصر .