أقيمت اليوم في المقهى الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب احتفالية مجلة أدب ونقد بمرور ثلاثين عامًا على انشائها، وقد حضرها كل من الدكتور صلاح السروي أستاذ الأدب المقارن بكلية الآداب جامعة حلوان والشاعر عيد عبد الحليم رئيس تحرير مجلة أدب ونقد ورئيس القسم الثقافي بجريدة الأهالي التابعة لحزب التجمع، والشاعر ماجد يوسف الرئيس السابق لقناة التنوير التابعة لقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري، فيما أدارت اللقاء الكاتبة ثريا عبد البديع. في البداية تكلمت الكاتبة ثريا عبد البديع عن تاريخ هذه المطبوعة الثقافية الأصيلة وقالت انها بدأت في الصدور عام 1984 وهي أول مجلة ثقافية ينشئها حزب سياسي وكان رئيس تحريرها الأول ومؤسسها الدكتور الطاهر مكي المثقف الكبير وأستاذ الأدب العربي في كلية دار العلوم وفي عام 1987 تولت رئاسة تحريرها ولمدة عشرين سنة الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، ليتولاها منذ عام 2007 الراحل حلمي سالم أحد أهم شعراء السبعينات وبعد وفاته سنة 2012 تولاها الشاعر عبد الحليم وهو رئيس تحريرها حتى الآن. وفي كلمته أكد الشاعر ماجد يوسف على استقلالية أدب ونقد عن حزب التجمع وكونها مجلة ثقافية منفتحة على جميع المبدعين من كافة التيارات، وقد ظهرت بعد غلق النظام الساداتي للعديد من المجلات الثقافية المهمة والواعدة مثل مجلة الفكر المعاصر التي اهتمت بالشأن الفلسفي ورأس تحريرها الفيلسوف الكبير زكي نجيب محمود ومثل مجلات الشعر والطليعة لتبزغ في الأفق عوضًا عنها مجلات ولدت ميتة واهتمت بممالأة السلطة الحاكمة وعكست حالة من التردي للثقافة المصرية في ذلك الوقت وفي هذا التوقيت خرجت مجلة أدب ونقد إلى النور لترد بعض الاعتبار للثقافة المصرية، وقد اتسمت منذ بدايتها بروح منفتحة بعيدة عن الدوجمائية ونفي الآخر وركزت على واقع وتحديات الثقافة المصرية، لذلك استمرت أدب ونقد في حين فشلت المجلات التي افتعلها النظام الساداتي في البقاء. وأضاف يوسف: بقيت أدب ونقد رغم المعاناة المادية التي استمرت معها حتى الآن وهي غير موقوفة على أعضاء اليسار أو من كان هواهم يساريًا فاحتفائها الأساسي بالإبداع الذي هو تجديد وقيمة ومغامرة فنية، والمجلة عبر ثلاثين سنة اهتمت بكل جديد من الإبداع وقدمت العديد من الأسماء اللامعة التي تحتل الساحة الإبداعية الآن. وأشار الدكتور صلاح السروي في حديثه إلى أن القائمين على المقهى الثقافي وعلى رأسهم الكاتب شعبان يوسف هم فقط من تنبهوا إلى بلوغ أدب ونقد الثلاثين من عمرها هذه المجلة التي يمثل بقاؤها حتى الآن معجزة بكل المقاييس، في الوقت. وقال السروي: صدرت أدب ونقد في الوقت الذي تم فيه حصار الثقافة الوطنية التقدمية في مصر وهاجرت أعداد كبيرة من المثقفين نتيجة الإقصاء والاضطهاد إلى بعض البلدان العربية أو الدول الأوربية، كانت الثقافة في هذا التوقيت تواجه مشروعًا سلطويًا هدفه حصار العقل المصري ومحاولة اقناعه بقبول فكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن أدب ونقد صدرت لتكون ضربة بالغة القوة من أجل استعادة روح وجوهر الشخصية الوطنية في مصر والقومية العربية في آن، ومن هنا تبرز قيمتها الاستثنائية فمن خلالها أكدت الثقافة المصرية أنها لن تتنازل عن روحها وبدأت المجلة في استكتاب كل من يمتلك وعيًا ثقافيًا وإبداعًا حقيقيًا بغض النظر عن انتمائه الحزبي. وأضاف السروي: أذكر أن عددًا من الكتاب العرب كانت أدب ونقد هي البديل الوحيد لهم عن المجلات المصرية عمومًا بل ومجلات بلدانهم أحيانًا ومن هؤلاء الكاتب اللبناني محمد دكروب، وتناولت المجلة الأدب العربي من المحيط إلى الخليج واتسعت نوافذها لكي تتناول جميع ألوان الإبداع في شتى بلدان العالم العربي. وتساءل الدكتور صلاح السروي كيف استمرت أدب ونقد؟ ثم أجاب: استمرت لعاملين أساسيين، أولهما أنها كانت وطنية قومية عروبية الشأن إنسانية الطابع غير حزبية بأي معنى من المعاني، وثانيهما أنها قامت على أكتاف المتطوعين فلم يتقاض أحد من كتابها مليمًا واحدًا ولم يبغوا شهرة أو مالًا، لقد قامت على أدب ونقد كتيبة من المقاتلين الذين أخلصوا لها وآمنوا بأهدافها وبهذه الروح الطهرانية استمرت المجلة التي واجهتها دائمًا مشكلة التمويل وكادت أن تعلن إفلاسها مرات عديدة حيث لا يوجد داعمون وحزب التجمع كما هو معروف يعاني ضيق ذات اليد، وقد تم التغلب على مشكلة التمويل بطباعة المجلة من أوراق الدشت المتبقية من جريدة الأهالي. وختم السروي كلامه بقوله: قيمة أدب ونقد الآن تكمن في شعارها فهي مجلة الثقافة الوطنية ومن هنا تأتي قيمتها فهي تركز على الهوية المصرية وفيها كذلك تجلت الروح القومية ولم تتأثر بمفهوم العولمة الذي يتمحور حول الثقافة الأوروأمريكية ويريد تعميمها لتكون ثقافة كونية لجميع دول العالم. وأكد الشاعر عيد عبد الحليم أن أدب ونقد قدمت على مدى أعوامها الثلاثين العديد من المواهب الشابة الذين كانت سطورهم الأولى على صفحاتها ولم تكتف بذلك بل قدمت لهم الرعاية النقدية ووضعت أعمالهم في دائرة الضوء واستكتبت كبار النقاد ليتفحصوا أعمالهم، وقد رأست تحريرها سيدة فاضلة هي الكاتبة الصحفية فريدة النقاش وعرف عنها الجدية في العمل والمهنية المجردة وأن القيمة هي الأساس والمعيار. وأشار عبد الحليم إلى أن مهمة أدب ونقد في المرحلة القادمة هي محو الفجوة القائمة بين الشارع والنخبة المثقفة ومواصلة رسالتها التنويرية. ثم قام الشاعر عيد عبد الحليم بقراءة قصيدته " للجنة أبواب أخرى..إلى أدب ونقد صانعة الدهشة"، وقصيدته "شجرة الدراما".