منذ أن نشأ حزب التجمع بزعامة القائد خالد محيي الدين، ومجموعة من قادة الفكر والنضال السياسي والتنوير الفكري والتجديد الثقافي، أكد أنه حزب من طراز جديد، فهو جديد في بنيته التنظيمية كتجمع لمجموعة من القوى الوطنية والتقدمية من منابع فكرية متنوعة، ومنابع طبقية متنوعة، وانتماءات نقابية وثقافية متنوعة. لكن التجمع لم يقف في جدته واختلافها عن الأحزاب التقليدية عند صيغته التنظيمية فقط، فقد كون لنفسه منذ البداية شخصية جديدة هي الشخصية التجمعية، وهي شخصية تتسم بما نسميه بالمعارضة الموضوعية القائمة على الحقائق، وعلى ضرورة طرح البدائل لكل ما نرفضه، فلا يكفي الرفض، أو إعلان المعارضة بقوة، فقوة المعارضة تكون في اعتمادها على الحقائق وفي امتلاكها البدائل وطرحها، لكن المعارضة التجمعية اتسمت أيضاً بأسلوب سياسي لا لجوء فيه لأساليب التكفير أو التخوين أو الشخصنة، فالحزب لا يختصر معارضته ضد شخص مهما كان، لأنه يعارض حزباً حاكماً أو نظاماً حاكماً، ويعارض توجهاً فكرياً أو سياسياً أو ثقافياً، وإذا كان الحزب يمثل ويعبر عن طبقة أو حلف طبقي، فهو حين يعارض فإنه يعارض طبقة أو تحالفاً طبقياً، ويعارض جماعة سياسية أو فكرية وثقافية رجعية. لذلك فإن حزب التجمع منذ نشأته بجهد فكري لمجموعة القادة السياسيين والمثقفين التقدميين المؤسسين، تقدم باعتباره مشروعاً فكرياً وثقافياً من طراز جديد، فهو ليس مجرد حزب سياسي معارض، بل كان وظل مشروعاً للتقدم متكامل الأركان، ولذلك لم تكن قيادته المركزية وفي المحافظات مهمومة فقط بالرفض السياسي للمشاريع السياسية الجديدة الداخلية والخارجية للحكم، في مجالات الحرب والسلام، أو في مجال السياسات والتوجهات الاقتصادية الجديدة في الانفتاح والخصخصة، بل كان وظل رائداً في مجال النضال الفكري والتجديد الثقافي، فلم يقدم جريدة الأهالي فقط، كصحيفة سياسية لكل الوطنيين، بل قدم معها مشروعه لكتاب الأهالي كمشروع فكري ثقافي لنشر الموضوعات والدراسات المعمقة في مجالات الفكر السياسي والثقافي التقدمي، وقدم معها مجلة أدب ونقد كمشروع لتقديم الكتابات الفكرية والثقافية والإبداعات الأدبية لكتاب المسرح والشعر والقصة القصيرة، وتقدمت مجلة أدب ونقد (وهي المجلة الثقافية الوحيدة الصادرة عن حزب سياسي تقدمي) كمنبر للتجديد والتنوير الفكري والثقافي. واهتم حزب التجمع منذ نشأته عام 1976 بالإبداع الفني والثقافي، فأنشأ فريق مسرح الشارع وقدم مسرحية العقد، وقدم للساحة الفنية أعظم فناني وكتاب الدراما المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، ممن تفتخر بهم الساحة الفنية والثقافية، وكان وظل الحزب الوحيد الذي يقيم مهرجاناً سنوياً للسينما القصيرة والتسجيلية منذ 10 سنوات هو مهرجان يوسف شاهين (ونمسك الخشب). واهتم حزب التجمع طول الوقت بالثقافة التقدمية والتنوير الثقافي والمثقفين التقدميين، وامتلأت مقراتها المركزية وفي المحافظات بالأنشطة الثقافية والندوات الفكرية والثقافية والأمسيات الشعرية والغنائية، وظل مقر التجمع بالزيتون شرق القاهرة عامراً بورشة الزيتون الثقافية، والمقر المركزي عامراً بندوات منتدى خالد محيي الدين السياسية والثقافية، وعامراً بالندوات الأدبية والفنية، ومازالت مكتبة خالد محيي الدين عامرة بالندوات الفكرية والسياسية والثقافية. ولا يمكن في هذا السياق أن ننسى لجنة الدفاع عن الثقافة القومية التي أسسها مجموعة من المثقفين الوطنيين والتقدميين المصريين من قيادات التجمع وأصدقائه بعد معاهدة الصلح مع العدو الصهيوني، وكانت وظلت لجنة جبهوية مستقلة تعمل في إطار حزب التجمع. ولم يكن للتجمع ومشروعه الفكري والثقافي وجهه السياسي فقط، ولا وجهه الثقافي فقط، بل كذلك وجهه النقابي المبدع، فعندما أسس المناضل البدري فرغلي القيادي بحزب التجمع، الاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات، وهو إبداع نضالي نقابي جديد، استضافه حزب التجمع للعمل في مقره المركزي ومقراته بالمحافظات .. وحافظ على استقلاليته، واستضاف عمله الإداري اليومي واجتماعات جمعيته العمومية. وقد فعل التجمع كل ذلك لأنه منذ نشأته كان ومازال وسيظل حزباً من طراز جديد. *بقلم محمد فرج الأمين العام المساعد لحزب التجمع عضو المكتب السياسي