ضرب فيروس كورونا الاقتصاد العالمى، وانهارت بورصات المال العالمية، وسط توقعات بدخول الاقتصاد العالمى حالة ركود، بعدما اتخذت العديد من الدول إجراءات لحماية أراضيها، وغلق الحدود، وإيقاف حركة الطيران والرحلات، واتخذت البنوك المركزية العديد من الإجراءات فى محاولة لتلافى أثار الركود الذى لاح فى الأفق، وسعت البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة وضخ أموال فى الأسواق لتهدأ أسواق المال المنهارة . وأشارت «الايكونميست» إلى أن انتشار الفيروس فى مقاطعة هوبي الصينية عطل سلاسل القيمة العالمية في الإنتاج الصناعي، خاصة الإلكترونيات والأدوية، فيما سيواجه العالم صدمة تجارية جديدة، بعدما توقفت الهند عن تصدير بعض الأدوية، بالإضافة إلى تفكك اتفاقية أوبك وانهيار أسعار النفط، مما يهدد النفط والصناعات المرتبطة به بما في ذلك السيارات، وخاصة الشركات الصغيرة. ثم جاء الإجراءات واسعة النطاق من جانب الحكومات للقضاء على الفيروس. تم قطع الحركة أو حظرها في دول بأكملها بدءا من إيطاليا. حظرت الولاياتالمتحدة الزوار من 26 دولة أوروبية ، وستقوم بالتأكيد بتوسيع القائمة أوقفت الهند تأشيرات الدخول إلى السائحين والموافقة التلقائية على الهنود غير المقيمين دولة تلو الأخرى تفرض العزلة. وأدى إغلاق الحدود بين الدول إلى تدمير صناعات الطيران والنقل البري والسكك الحديدية والأفلام والموسيقى والرياضة والإعلان ووسائل الإعلام (التي تعتمد على الإعلانات)، وأصحاب المتاجر والباعة المتجولين، والسياحة وغيرها الكثير. وإذا قام المستهلكون بتخفيض الاستهلاك بنسبة لا تزيد عن 5 ٪ لتجنب العدوى، فسيكون ذلك كافيا للركود العالمي. ويمكن أن يؤدي الركود التالي إلى آلاف حالات الإفلاس وتبدو القطاعات المتعلقة بالنفط أكثر خطورة. ويمكن معالجة حالات الركود التقليدية من خلال السياسة المالية والنقدية الفضفاضة، لكن لن تعمل هذه عندما يدفع التباطؤ الخوف. فأسعار الفائدة في العديد من الدول قريبة من الصفر بالفعل، لذلك فقدت البنوك المركزية قوتها للتحفيز من خلال تخفيضات كبيرة في سعر الفائدة. ومن جانبها، أوصت سييلا بازار سيلو، نائب رئيس البنك الدولي للنمو المتكافئ، بعدد من التحركات التي تحد من الضرر الاقتصادي الواقع على الدول النامية بسبب تفشي فيروس كورونا ، وقالت إنه عندما يواجه الاقتصاد العالمي تهديدا مشتركا فإن الإجراءات السريعة والمنسقة والحاسمة تحدث فرقا، وإن هذا بدأ بالفعل فعديد من الدول أعلنت عن تطبيق برامج تحفيزية، وخفض العديد منها أسعار الفائدة. وأضافت أن هناك تداعيات مثيرة للقلق علي الاقتصاديات النامية من حيث: تشديد الشروط الائتمانية، وضعف معدلات النمو، وتشتيت موارد الحكومات بتوجيهها لمكافحة العدوى مما يحد من التمويل المتاح للأولويات الإنمائية الرئيسية. ومن شأن حدوث ركود اقتصادي أيضا أن يعطل جهود مكافحة الفقر المدقع. ومن ثم، يتحتم على واضعي السياسات في كل مكان أن يدركوا أن الأضرار الاقتصادية يمكن أن تنتقل من بلد إلى آخر وأن يسرعوا الخطى نحو منع انتشار الفيروس. وأشارت إلى أن انتقال تلك الأضرار يحدث على الأرجح من خلال قنوات عديدة أولها التجارة فسلاسل القيمة العالمية، التي تستحوذ على نصف التجارة العالمية تقريبا، تتعطل نتيجة توقف المصانع وتأخر استئناف التشغيل. وثانيها تدفق رأس المال الأجنبي الذي قد يعزف عن البلدان المتضررة من تفشي الفيروس. وثالثها رأس المال المحلي(البشري والمالي) الذي بات غير مستغل بعد إغلاق المصانع ومكوث العمال في منازلهم. والرابع هو النقل والسياحة اللذان يشكلان رافدا رئيسيا للإيرادات في العديد من البلدان النامية واللذان ينكمشان مع تراجع الطلب وزيادة القيود على السفر. وأخيرا، سيؤدي الهبوط الحاد في أسعار السلع الأولية إلى الإضرار بالبلدان النامية التي تعتمد عليها من أجل تأمين الإيرادات التي تحتاج إليها بشدة. وستتطلب مواجهة هذه التحديات تعاونا عالميا.والعمل معا لمساندة زيادة الإنتاج وضمان تدفق الموارد إلى حيث تشتد الحاجة إليها. وعلى المدى المتوسط، ومع تحسن الظروف الاقتصادية، فإن الدرس الذي يجب أن يعيه واضعو السياسات هو ليس الانطواء على الذات، بل تشجيع منشآت الأعمال على الحفاظ على مستويات أعلى من المخزون وتنويع الموردين من أجل إدارة المخاطر على أفضل ما يكون. وأكدت أنه علي الدول النامية الانتقال سريعاً إلى زيادة الإنفاق على الصحة، ففي العديد من البلدان النامية مازالت أنظمة الصحة العامة ضعيفة، مما يعرض مواطنيها لتفشي العدوى سريعا بينهم. وعلى الحكومات أن تعزز الاستثمارات التي تدعم هذه الأنظمة لتمكينها من تسريع جهود العلاج والاحتواء. وتدعيم شبكات الأمان الاجتماعي التحويلات النقدية والخدمات الطبية المجانية للفئات الأشد احتياجا يمكن أن تساعد في تطويق تفشي المرض والحد من أضراره المالية. ومساندة القطاع الخاص حيث إن من المرجح تعرض كل منشآت الأعمال للضرر، فإنها ستستفيد من الائتمان قصير الأجل، والإعفاءات الضريبية المؤقتة أو الدعومات. وبالنسبة للازمات المناوئة لأسواق المال: البنوك المركزية في البلدان النامية- لاسيما شديدة التأثر بموجات العزوف عن المخاطرة يجب أن تقف على أهبة الاستعداد للتحرك إزاء اضطراب حركة الأسواق المالية. وقد تحتاج هذه البنوك إلى تخفيض أسعار الفائدة وضخ السيولة لاستعادة الاستقرار المالي وتعزيز النمو. فيما أشارت غيتا غوبيناث، المستشار الاقتصادي ومدير إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي، إلى أنه يتعين وضع سياسات جوهرية توجه لمساعدة الاقتصادات على تجاوز فترة انتشار هذا الوباء، مع الحفاظ على سلامة شبكة العلاقات الاقتصادية والمالية بين العاملين ومؤسسات الأعمال، والمقرضين والمقترضين، والموردين والمستخدمين النهائيين لكي يتعافى النشاط متى توارت هذه الفاشية. والهدف هو منع أزمة مؤقتة كهذه من إلحاق ضرر دائم بالناس والشركات من خلال فقدان الوظائف وحالات الإفلاس. وتوقعت تراجع مستوى الإنفاق نتيجة لخسائر الدخل، والخوف من انتقال العدوى، وتصاعد أجواء عدم اليقين. وربما أقدمت الشركات على تسريح العمالة لأنها غير قادرة على دفع رواتبها. ويمكن أن تكون هذه الآثار حادة بصفة خاصة في بعض القطاعات كالسياحة والضيافة، وتضررت أسعار أسهم خطوط الطيران بشكل غير متناسب، وبالإضافة إلى هذه الآثار على مستوى القطاعات، فتدهور مشاعر المستهلكين ومؤسسات الأعمال يمكن أن يدفع الشركات إلى توقع انخفاض الطلب مما يؤدي بها إلى الحد من إنفاقها واستثماراتها. وهذا الأمر سيؤدي بدوره إلى تفاقم حالات إغلاق الشركات وفقدان الوظائف. أما بالنسبة للتداعيات المالية، فإن تكاليف الاقتراض يمكن أن ترتفع مع تشديد الأوضاع المالية، نظرا لتشكك البنوك في قدرة المستهلكين والشركات على سداد القروض في الوقت المحدد لها. ومن شأن ارتفاع تكاليف الاقتراض أن يكشف عن مواطن الضعف المالي التي تراكمت خلال سنوات انخفاض سعر الفائدة، ويؤدي إلى تصاعد المخاطر من عدم إمكانية تمديد الديون. ومن شأن انخفاض الائتمان أن يزيد من تباطؤ النشاط الناجم عن صدمات العرض والطلب. وطالبت بضرورة استهداف الأسر ومنشآت الأعمال المتضررة من اضطراب العرض وهبوط الطلب لكي تحصل على تحويلات نقدية، ودعم على الأجور، وتخفيف ضريبي، بحيث تُقَدَّم المساعدة للناس على تلبية احتياجاتهم ولمؤسسات الأعمال لكي تحافظ على سلامة أوضاعها.